توقيت القاهرة المحلي 12:34:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل سيندم النظام الإيراني بحساباته الخاطئة؟

  مصر اليوم -

هل سيندم النظام الإيراني بحساباته الخاطئة

بقلم: راجح الخوري

طبعاً ليس خافياً على الرئيس جو بايدن ولا على أحد من أسلافه في البيت الأبيض، الشعار الذي انبثق من سياسة الرئيس دوايت أيزنهاور في عام 1956، بعد تدخله لوقف حرب السويس وضغوطه على رئيسة الحكومة الإسرائيلية حينها غولدا مائير لتنسحب من السويس، حيث قالت يومها باكية: «إنه يعاملنا كأنَّ إسرائيل إحدى جمهوريات الموز»، وهو المدخل الذي بات منذ ذلك الوقت يحدد مفهوم الاستراتيجية الأميركية على قاعدة، تَعدّ دائماً «أنَّ الشرق الأوسط منطقة حيوية للأمن القومي الأميركي».
وليس خافياً على أحد أن دخول أميركا على الخط في ذلك الوقت كان بمثابة وراثة للنفوذين البريطاني والفرنسي في المنطقة بعد الحرب العالمية وانهيار الإمبراطورية العثمانية، وعلى أساس كل هذا كان الذهول وعدم التصديق، بعدما أعلن الرئيس جو بايدن في 28 يناير (كانون الثاني) بعد دخوله البيت الأبيض، عن تغيير في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، تتضمن مراجعة للدعم العسكري، واستئناف الحوار مع إيران، معتبراً أن هذا يشمل مدخلاً لمحاولة التوصل إلى حل سريع للأزمة النووية المتفاقمة مع طهران عبر إبداء المزيد من حُسن النية، التي سرعان ما قوبلت من النظام الإيراني بالتصعيد، إلى درجة بدت كأنها تريد تركيع الولايات المتحدة، وإعادتها إلى إحياء الاتفاق النووي الذي أبرمه الرئيس باراك أوباما عام 2015، والذي ألغاه دونالد ترمب عام 2018 وفرض مروحة خانقة من العقوبات على طهران، من دون أن تتراجع هي عن كل الانتهاكات أو توقف عربدتها التخريبية في المنطقة.
كانت الحسابات الإيرانية تراوح عند المعادلة التي تقول إن مَن صمد في وجه ترمب لن يستطيع خلفه أياً كان أن يصمد في وجهه، ولهذا انطلقت في التصعيد والتحديات على أكثر من صعيد: زيادة نسبة التخصيب النووي، والحد من عمليات التفتيش التي تقوم بها بعثة الوكالة الدولية للطاقة النووية، وتصعيد النشاط الصاروخي الباليستي، والأخطر من كل هذا رفع وتيرة التخريب والتعديات الإقليمية، التي استهدفت الأميركيين في سفارتهم في بغداد وفي قاعدة البلد وكذلك في القصف على أربيل.
وفي موازاة ذلك صعّدت إيران من عمليات العدوان على المملكة العربية السعودية عبر الحوثيين، الذين ليسوا عملياً أكثر من لافتة إيرانية. وهكذا لم تكد الإدارة الأميركية ترفع المنظومة الحوثية عن لائحة الإرهاب وتعلن عن جهود ستبذلها الولايات المتحدة والدول الأوروبية لحل الأزمة اليمنية في محاولة لإظهار حسن النية ربما، حتى ضاعفت إيران من تعدياتها بالصواريخ والطائرات المسيّرة التي استهدفت السعودية ورافقتها تهديدات باستهداف دول الخليج.
في 11 فبراير (شباط) الماضي أعلن تحالف دعم الشرعية في اليمن عن اعتداء وصفه بأنه جريمة حرب نفذتها الميليشيات الحوثية التي تديرها طهران، عندما استهدفت مطار أبها الدولي بطائرة مسيّرة، لكن المؤشر الأعمق أن إيران تعمدت أن يتم القصف بالتزامن مع وصول المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ، إلى الرياض.
قبل أسبوعين أعلن تحالف دعم الشرعية في اليمن أن رفع واشنطن الحوثيين من قائمة الإرهاب فُسّر بطريقة عدائية من قبِل الميليشيات التي تديرها طهران، في حين شدد مجلس الوزراء السعودي على أن المحاولات الإرهابية الأخيرة التي استهدفت مراكز الطاقة في الظهران ورأس تنورة، تشكل انتهاكاً سافراً للقوانين الدولية وأنها تستهدف بدرجة أكبر الاقتصاد العالمي.
واضح أن الرئيس بايدن حاول عبر رفع الحوثيين عن لائحة الإرهاب أن يبعث برسالة تهدئة إلى النظام الإيراني الذي ينخرط في التصعيد، لكنّ هذا لا يلغي حقيقة أنَّ الحوثيين مجرد لافتة إرهابية إيرانية، وعندما تعلن السعودية مثلاً أنَّ عدد الطائرات المفخخة التي تم اعتراضها فاق الـ540 طائرة، وأن عدد الصواريخ التي اعترضتها الدفاعات السعودية بلغ أكثر من 350 صاروخاً باليستياً، فمن الواضح تماماً أنها جاءت كلها من إيران، وأن هناك خبراء إيرانيين يديرونها في اليمن.
يوم الخميس الماضي وفي موقف لافت ومهم يعبّر عن توجهات تصحيحية حاسمة عند الإدارة الأميركية تجاه الشرق الأوسط، أعلن أنتوني بلينكن في شهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية، أن الكرة في ملعب إيران، وأن هناك مشكلات أساسية معها بسبب دعمها للإرهاب وتهديد الاستقرار، وأكد التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن السعودية في مواجهة التهديدات الخارجية.
ويجيء هذا مع تزايد الضغوط على الإدارة الجديدة إلى درجة اجتماع الحزبين الجمهوري والديمقراطي في حدث نادر، يدعو إلى مواجهة التحديات الإيرانية، حيث أجمع مائة وأربعون مشرعاً أميركياً من الحزبين على ضرورة تحقيق صفقة شاملة مع إيران لا تتوقف عند برنامجها النووي فحسب، بل تعالج مجموعة من قضايا الأمن القومي الأخرى، بما في ذلك الصواريخ الباليستية ودعم الميليشيات الإيرانية المسلحة في لبنان والعراق واليمن وسوريا، وسلوكها الخبيث لزعزعة استقرار الشرق الأوسط، وأن أي اتفاق معها لن يتم إلا بعد التشاور مع الكونغرس وكذلك مع حلفاء واشنطن في المنطقة الذين لديهم هواجس محقة حيال السياسة الإيرانية.
وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع جون كيربي، قد أعلن أن الولايات المتحدة ترى «أن الشرق الأوسط منطقة حيوية لمصالح الأمن القومي الأميركي»، وقد بدا هذا الموقف ضرورياً لتوضيح كل ما قيل عن تغيير في قواعد السياسة الخارجية الأميركية ومفهومها الاستراتيجي، أي نسيان الشرق الأوسط والانصراف إلى ترميم العلاقات الأميركية مع الحلفاء الأطلسيين، والتخطيط لمواجهة التحديات الصينية وخصوصاً على المستوى الاقتصادي.
تصريحات الوزير بلينكن توضح أن واشنطن لن تقدم أي تنازلات لإيران بل تسعى لتفعيل الدبلوماسية، وقالت جيرالدين غريفيث المتحدثة باسم الخارجية، إن «أمن حلفائنا وشركائنا في المنطقة أمر مهم جداً، ونحن نُجري محادثات واتصالات بشكل دائم مع كل أصدقائنا في الخليج، وتؤكد الخارجية أن الإدارة تفهم أن حلفاءها لديهم مخاوف أمنية حقيقية جراء التهديدات الإيرانية وفيما يتعلق بالملف النووي، إضافة إلى عملاء إيران وأعمالهم المزعزعة للاستقرار، لذلك هناك حوار مستمر لتعزيز التعاون بين الولايات المتحدة وبينهم، وفي هذا السياق هناك مناورات وتدريبات مشتركة تتم بشكل دوري مع دول الخليج».
المتحدث باسم وزارة الدفاع جون كيربي قال أيضاً قبل أيام، إنَّ الشرق الأوسط منطقة حيوية للأمن القومي الأميركي، وإنَّ واشنطن ستحتفظ بقوة الردع فيها، وأوضح أن المملكة العربية السعودية تشكل عموداً أساسياً في بنية الأمن الإقليمي، وأنها شريك أساسي في مكافحة الإرهاب ومواجهة التصرفات الإيرانية المزعزعة للاستقرار «ونحن ملتزمون بمساعدتها في حماية أراضيها في وجه الخطر الجدي والمتصاعد، ولا تغيير في سياستنا، ولن أتحدث عن إرسال المزيد من القوات والعتاد إلى هناك».
ولأن المنطقة حيوية للأمن القومي الأميركي، لا يمكن لأميركا أن تسكت طويلاً عن عمليات القصف، سواء تلك التي تقوم بها إيران مباشرةً مستهدفةً القواعد الأميركية من العراق إلى أربيل، أو مستهدفةً حلفاءها عبر الحوثيين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل سيندم النظام الإيراني بحساباته الخاطئة هل سيندم النظام الإيراني بحساباته الخاطئة



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:26 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"
  مصر اليوم - رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز غلوب سوكر

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 14:07 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"يوتيوب" يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي
  مصر اليوم - يوتيوب يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة

GMT 23:05 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

يونيون برلين الألماني يسجل خسائر بأكثر من 10 ملايين يورو

GMT 02:11 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

طبيب روسي يكشف أخطر عواقب الإصابة بكورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon