توقيت القاهرة المحلي 10:25:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجسر الإيراني يتداعى!

  مصر اليوم -

الجسر الإيراني يتداعى

بقلم: راجح الخوري

منذ بداية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأت أخبار المنطقة تحمل مؤشرات عن أن هناك تمهيداً عميقاً لتحولات كبرى، ستعيد خلط الأوراق في المنطقة بشكل كبير، وفي هذا السياق لم يكن مطروحاً قط الحديث عن إمكان تطبيع دول المواجهة مع إسرائيل، ولم يكن متوقعاً أبداً أن نسمع كلام المسؤول في حزب «البعث» السوري، وزير الإعلام السابق مهدي دخل الله، الذي لمح إلى إمكان خروج سوريا من حلف المقاومة، وهو ما سيصدع الجسر الإيراني من العراق إلى لبنان، مشيراً إلى وجود مؤشرات إلى وفاق روسي - أميركي على خروج دمشق من محور المقاومة، وحتى الذهاب إلى حد إقامة علاقات مع إسرائيل بعد حل القضية الفلسطينية!
وقبل الحديث عن التطورات التي أدت إلى هذا التحول الاستراتيجي المهم إذا حصل فعلاً، قد يكون من المناسب أن نتأمل جيداً في العرض الذي قدمه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى إسرائيل الاثنين الماضي، ومفاده أن تتواصل تل أبيب مع موسكو في حال تسلمها أي معلومات عن تهديدات لها تقترب من سوريا، كي تتصرف موسكو قبل أن تباشر إسرائيل بضرب الأهداف وشن العمليات، على الطريقة العنيفة التي حصلت في منطقة دير الزور قبل أيام.
لماذا هذا الحرص الروسي على حماية إسرائيل ومنع اتساع الاشتباكات المسلحة التي تقف وراءها إيران، بدليل أنها لم تطلق رصاصة واحدة فعلياً رداً على كل القصف الإسرائيلي؟ لافروف بدا وكأنه ينافس الأميركيين في الحرص على الأمن الإسرائيلي، عندما قال: «إذا كانت إسرائيل مضطرة كما يقولون للرد على تهديدات لأمنها تصدر من الأراضي السورية، فقد قلنا لزملائنا الإسرائيليين: إذا رصدتم مثل هذه التهديدات فيُرجى تزويدنا بالمعلومات المعنية لنعمل فوراً على تحييد هذا التهديد»!
هل باتت موسكو حريصة إلى هذه الدرجة على أمن سوريا؟ أم أنها حريصة جداً كما هو معروف على ضبط التفلت الإيراني في سوريا؟ حيث كان من الواضح منذ تدخل الدولتين في الأزمة السورية بعد عام 2011، أن هناك تنافساً بين موسكو وطهران على «الجبنة» السورية التي يبدو الآن أن إيران ذهبت بعيداً في نهشها، وهو ما يدفع حتى النظام السوري بطبيعة الحال إلى البحث عن منفذ للتفلت من توسع النفوذ الإيراني في البلاد.
والواقع أن كل هذا بدأ في 18 مايو (أيار) من العام الماضي، عندما جاء الإعلان من موسكو أن الاجتماع الثلاثي في القدس بين سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف مع نظيريه آنذاك الأميركي جون بولتون والإسرائيلي مئير بن شبات؛ حيث كان من أبرز أهداف اللقاء البحث في سبل تسوية لأزمة الشرق الأوسط بأسرها.
ومن خلال الكلام الروسي على هامش اللقاء، بدا واضحاً أن موسكو تستعجل إخراج إيران من سوريا، حتى أكثر من النظام السوري وحتى أكثر من الأميركيين، فقد أعطت موسكو أهمية للقاء الثلاثي الذي يمكن أن يرسم طريقاً للسلام والاستقرار في سوريا، في ظل ضمان سيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها، والقضاء النهائي على الإرهاب وعودة اللاجئين وإعادة إعمار البلاد.
وفي تطور لافت ومثير، وقد يشكل ترجمة عملية لكل الاتصالات المشار إليها أعلاه، تحدثت الأنباء أخيراً عن أن قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية استضافت الشهر الماضي اجتماعاً بين مسؤولين سوريين وإسرائيليين، برعاية روسية، تضمن بعض النقاط الحساسة، ومنها المطالبة بإخراج ميليشيات إيران من سوريا. وتردد أن الاجتماع ضم من الجانب السوري مدير مكتب الأمن الوطني علي مملوك، والمستشار الأمني في القصر بسام حسن، ومن الجانب الإسرائيلي غازي إيزنكوت من الأركان، في حضور قائد القوات الروسية في سوريا ألكسندر تشايكوف. وذكرت أنباء متواترة عن الاجتماع أن الوفد السوري أبدى رغبة في تسهيل العودة إلى الجامعة العربية، والحصول على مساعدات مالية لسداد الديون الإيرانية وإخراج الميليشيات، ووقف العقوبات الغربية على النظام.
من الواضح أن الرئيس بشار الأسد يواجه خيارات سياسية صعبة، فليس سراً أنه ضاق بتوسع الهيمنة الإيرانية على المفاصل السورية، وعليه الآن قبيل الانتخابات هذه السنة أن يحسم موقفه من الجولان؛ خصوصاً أن سوريا لم تقم بأي عملية مقاومة فيه منذ إعلان إسرائيل ضمه، في حين عكفت إيران على ترسيخ جبهة تمتد من جنوب لبنان إلى الجولان، لشن عمليات ضد إسرائيل. وعلى هذه الخلفية تحديداً، نشرت وسائل إعلام روسية قبل أيام تقارير استندت إلى معطيات إسرائيلية، ترجح احتمال وقوع مواجهات بين إسرائيل وقوات إيرانية، وقد يستعمل الطرفان أسلحة فائقة الدقة، بعد سعي فصائل موالية لإيران للحصول على أسلحة فيها صواريخ فائقة الدقة، وربما لهذا حاول لافروف طمأنة إسرائيل بأن موسكو لن تسمح أبداً باستهدافها!
ليست العلاقات بين حكومة مصطفى الكاظمي العراقية وإيران أفضل بكثير في العمق من علاقاتها مع النظام السوري، وإن كانت طهران تطبق أنيابها أعمق على الوضع العراقي، ولعل الاختلال السوري والتململ العراقي والرفض اللبناني لقيام الجسر الإيراني الممتد من طهران إلى غزة، هو ما يفسر أمرين؛ الأول التصعيد الإيراني ومحاولة توحيد جبهة المقاومة، والثاني تحذير «حزب الله» من أن المنطقة تمر في أخطر مرحلة؛ لكن الأكثر وضوحاً أن خروج سوريا وتململ العراق يكفيان في النهاية لانهيار الجسر الإيراني في الإقليم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجسر الإيراني يتداعى الجسر الإيراني يتداعى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon