توقيت القاهرة المحلي 08:21:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من أين يا أبو مازن؟

  مصر اليوم -

من أين يا أبو مازن

بقلم : راجح الخوري

 هل باتت الولايات المتحدة في حاجة إلى وساطة فرنسية لإقناع السلطة الفلسطينية بإعطاء الفرصة لـ«خطة السلام الأميركية» التي سيعرضها الرئيس دونالد ترمب عليهم، وعدم رفضها سلفاً قبل قراءة تفاصيلها، التي تتضمن كما أشيع أموراً إيجابية تستجيب لشروط التسوية العادلة؟

أولم يكن في وسع ترمب الذي قال في دافوس إن الفلسطينيين قللوا من احترام أميركا لأنهم لم يستقبلوا نائبه مايك بنس ولهذا سيوقف المساعدات لهم، إطلاع الفلسطينيين على الخطوط العريضة لهذه الخطة، قبل إعلانه قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وهو ما وضع رصاصة الرحمة في رأس مساعي التسوية الأميركية وأثار العالم كله ضد القرار؟

يبحث الرئيس محمود عباس عن بديل للوساطة الأميركية، بعدما أعلن أن أميركا لم تعد وسيطاً مقبولاً نتيجة قرار ترمب؛ لكن الأوروبيين حرصوا على إبلاغه قبل أن يذهب إلى بروكسل، بداية الأسبوع، ثلاثة أمور:

أولاً، أنهم يعارضون بحزم قرار ترمب نقل السفارة، وقد وقفوا ضده في مجلس الأمن. ثانياً، أنهم سيعترفون بالدولة الفلسطينية في النهاية؛ لأنهم يعتبرون أن الحل يجب أن يقوم على «رؤية الدولتين». ثالثاً، أنهم في النتيجة حلفاء وشركاء أميركا، ولن يكونوا بدلاء لها في الوساطة بين إسرائيل والفلسطينيين!

وعلى هذا لم يكن مفاجئاً أن يتولى أورليان لوشوفالييه المستشار السياسي للرئيس الفرنسي، نقل رسالة أميركية هادئة إلى الفلسطينيين، عبر صائب عريقات أمين سرّ منظمة التحرير، تدعوهم إلى قبول تسلم الخطة الجديدة التي سيقترحها ترمب إطاراً للتسوية، وقراءتها قبل اتخاذ موقف منها.

وفي هذا السياق كان لافتاً أن البيت الأبيض حرص على أن ينفي كل ما نشر عما قيل إنه «صفقة القرن»، وأوضح بعد زيارة مبعوث الرئيس الأميركي الخاص بعملية السلام في الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات الأخيرة، ولقائه مع الرئيس الفلسطيني، أن الخطة ما زالت قيد الدراسة، ولم تكتمل بنودها بعد، وأنها لن تعرض على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلا عندما يصبحان مستعدين لدراستها والتعاطي الجاد معها.

كان واضحاً من خلال تسريبات البيت الأبيض، أن الخطة جُمدت ووضعت جانباً؛ لكن التحليلات التي نُشرت أخيراً في الصحف الإسرائيلية، توحي بأن ديفيد فريدمان، السفير الأميركي لدى إسرائيل، هو الذي تعمّد تسريب المعلومات عن أن خطة ترمب للتسوية لا تستند إلى أي من المبادرات الأميركية التي سبقتها، وخصوصاً في عهد جورج بوش الابن، الذي أطلق شعار «رؤية الدولتين»، ثم في عهد باراك أوباما واشتباكه مع نتنياهو حول وقف الاستيطان والدولة الفلسطينية.

ليس من الواضح لماذا توسّط واشنطن الفرنسيين مع الفلسطينيين لإعطاء خطة ترمب فرصة، عندما يأتي نائب الرئيس الأميركي مايك بنس إلى المنطقة، ويزور القاهرة وعمان قبل وصوله إلى إسرائيل، بما يعني أنه رغم أن الجانب الفلسطيني قاطع الزيارة ورفض اللقاء معه، فقد كان في وسعه مثلاً الطلب من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أو من العاهل الأردني الملك عبد الله إبلاغ محمود عباس، أن هناك أفكاراً في الخطة الجديدة لمصلحة الفلسطينيين، كما ينقل الفرنسيون عن واشنطن.

في أي حال كان السيسي قد أبلغ بنس رسالة من الرئيس الفلسطيني، مفادها أنه يمكن لواشنطن أن تستأنف دورها كوسيط محوري إما عبر التراجع عن قرار نقل السفارة، وفي ذلك ما يمثّل استجابة للإجماع الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وإما أن توافق واشنطن على أن تكون شريكاً أساسياً؛ لكن في إطار مجموعة دولية تعلن أن قرار نقل السفارة ليس ملزماً ولا يشكّل مستنداً قائماً في أي مفاوضات لتحقيق التسوية السلمية.

ما سمعه بنس في القاهرة وعمان كان واحداً، أن القدس هي مفتاح السلام، ولا يمكن الحديث عن تسوية سلمية عادلة ودائمة خارج القرارات الدولية ذات الصلة، التي تنص على إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية. صحيح أن بنس غادر عمان وهو يقول بعد محادثاته مع الملك عبد الله: «اتفقنا على ألا نتفق»، ولكن ذلك يعمّق المشكلة ويعطّل الحل ويسقط نهائياً صدقية واشنطن كوسيط يسعى منذ ثلاثة عقود إلى تحقيق التسوية السلمية في الشرق الأوسط.

كان في وسع بنس، وهو من أشد المؤيدين لنقل السفارة، أن يتصرّف على الأقل أمام العالم وكأنه نائب رئيس أكبر وأهم ديمقراطية في العالم ترفع لواء حقوق الإنسان؛ لكنه وقف صامتاً ومتفرجاً على رجال الشرطة الإسرائيلية يدفعون بعنف مجموعة من النواب الفلسطينيين في الكنيست الإسرائيلي، عندما حاولوا رفع لافتات تعارض قرار نقل السفارة، وتحمل مجرد عبارة تقول: «القدس عاصمة فلسطين»؛ لكنهم أُخرجوا بالقوة من القاعة وسط التصفيق، ليكمل خطابه الذي أعرب فيه عن أمل الإدارة الأميركية فيما سمّاه «بزوغ فجر حقبة جديدة من جهود السلام الفلسطينية الإسرائيلية»… غريب!

بنس وصف في خطابه قرار ترمب نقل السفارة بأنه تاريخي؛ معلناً أن السفارة ستفتح أبوابها في نهاية عام 2019، وقال إن الرئيس الأميركي يعتقد جاداً أنه يمكن خلق فرصة للتقدم في المفاوضات بحسن نية، ولكن من أين؟ وكيف يمكن التقاط هذه الفرصة الآن بعد قرار نقل السفارة؟ وخصوصاً بعدما كان ترمب قد استقبل في الثالث من مايو (أيار) من العام الماضي، محمود عباس الذي قال له يومها، إن الفلسطينيين يراهنون على أنه سيكون وسيطاً عادلاً يحقق أخيراً التسوية السلمية في الشرق الأوسط، ولكن الرئيس الأميركي فاجأ العالم بالموافقة على قرار نقل السفارة الذي كان الكونغرس أقره عام 1995، ولكن الرؤساء الأميركيين امتنعوا عن الموافقة عليه وإقراره.

يعرف الرئيس الفلسطيني أن أفق التسوية بات مقفلاً تماماً، فليس من بدائل تتولى تحريك الوساطة وتدير عملية التسوية، ليس لأنه سمع ذلك مرة جديدة من منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، التي قالت له إن أوروبا مع قيام الدولتين وستعترف بالدولة الفلسطينية، ولكن «هذا ليس الوقت المناسب لوقف المفاوضات»؛ بل لأن أميركا وإسرائيل تقفلان الباب في وجه أي بدائل. وفي هذا السياق عمد نتنياهو إلى توجيه رسالة إلى عباس وهو في بروكسل، قال فيها: «لديّ رسالة إلى أبو مازن، لا يوجد بديل من الزعامة الأميركية في قيادة عملية السلام… من لا يرغب في الأميركيين لا يرغب في السلام».

الأفق مقفل تماماً؛ لكن الرئيس الفلسطيني يحرص منذ اللحظة الأولى على منع الانزلاق إلى مواقف وتصرفات تتيح لنتنياهو إهراق الدم الفلسطيني، ولهذا كرر الالتزام بالعملية السلمية، وتعمّد إبلاغ وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي أن «ما يشجع الشعب الفلسطيني للمحافظة على الأمل، هو أن هناك سلاماً قادماً، وأن الطريق ستكون مفتوحة لهذا السلام»… ولكن من أين يا أبو مازن؟

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من أين يا أبو مازن من أين يا أبو مازن



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon