توقيت القاهرة المحلي 20:52:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القضية الكردية مجدداَ

  مصر اليوم -

القضية الكردية مجدداَ

د. نيفين مسعد

 ما كادت صفحة انفصال كردستان العراق تُطوَى -مؤقتا- عقب تطورات استفتاء سبتمبر 2017، حتى فُتِحَت صفحة انفصالية جديدة فى كردستان سوريا للدقة فإن سطور صفحة الانفصال الكردية السورية تُكتَب بهمة منذ فترة طويلة وبشكل خاص منذ مشاركة الأكراد فى الحرب على داعش وتحريرهم أراضى واسعة سيطر عليها هذا التنظيم الإجرامي. وفى هذا السياق سمعنا عن دولة زروچ آفاس أو دولة كردستان الغربية فى سوريا على أساس أن الجناح الشرقى لهذه الدولة مكانه إيران والشمالى مكانه تركيا والجنوبى مكانه العراق، ثم تابعنا الخريطة الانتخابية ثلاثية المراحل لتكوين أُطر وهياكل هذه الدولة بدءا بانتخابات مجالس الأحياء فى سبتمبر الماضى (أى فى شهر استفتاء أكراد العراق نفسه)، مرورا بانتخابات الإدارات المحلية فى ديسمبر،  وها نحن فى انتظار انتخابات مؤتمر الشعوب الديمقراطى (أى البرلمان) التى كان قد تحدد موعدها فى شهر يناير الجاري. لكن التطور الجديد فى القضية الكردية السورية هو إعلان الولايات المتحدة عزمها تكوين قوة كردية من ثلاثين ألف فرد تكون مهمتها حماية حدود منطقة كردستان، هذا التطور واجهته تركيا بالإعلان عن عملية عسكرية مرتقبة على عفرين وهى قاعدة الإقليم الثالث من أقاليم المنطقة الخاضعة لنفوذ الأكراد، ومن جانبه وجه الاتحاد الديمقراطى الكردى فى سوريا نداء للمجتمع الدولى من أجل إعلان كردستان منطقة آمنة.

الملاحظة الأولى على هذا التطور أنه يكشف مدى تخبط السياسة الخارجية الأمريكية حيال سوريا وكذلك حيال الكثير من الملفات الأخرى ، فلقد سبق أن وعدت الإدارة الأمريكية تركيا بأنها ستجمع أسلحة قوات سوريا الديمقراطية بعد القضاء على داعش، ومع أنه قد يقال إن الحرب على داعش لم تنته بعد مما يبرر استمرار الدعم العسكرى الأمريكى لقسد، إلا أن الإعلان عن تشكيل قوة جديدة قوامها ثلاثين ألف فرد والالتزام بدعمها لمدة عامين قادمين أمر يحتاج لتفسير. ولقد حاولت آن برنارد فى مقالها المنشور فى النيويورك تايمز يوم 16 يناير الجارى أن تبحث عن هذا التفسير لدى بعض أبرز المحللين الأمريكيين المعنيين بالشأن السورى فلم تتوصل لإجابة واحدة, فمنهم من قال إن هدف القوة منع ظهور داعش مجددا، ومنهم من قال إن هدفها هو إقامة دولة كردية شمال نهر الفرات حيث الطاقة الكهربائية واحتياطات النفط والغاز، ومنهم من قال إن الهدف هو الوقوف بالمرصاد لإيران فى سوريا، وكان طريفا أن هناك من تشكك فى أن تلتزم الإدارة الأمريكية بدعم القوة الناشئة لمدة عامين أصلا أو تساءل وماذا بعد العامين؟. رأيى أن إيران هى عقدة الإدارة الأمريكية وهى حتى الآن تجرب كل الطرق من أجل حل هذه العقدة: الضغط لتعديل الاتفاق النووي، والعقوبات الاقتصادية المتوالية، والتنسيق مع أوروبا للتفاوض مع إيران حول برنامجها الصاروخى وأيضا حول تمددها فى المنطقة، وصولا إلى تفكيك مناطق النفوذ الإيرانى فى سوريا كما فى العراق، هنا لا ننسى أن معارضة الإدارة الأمريكية استفتاء كردستان العراق ارتبطت بتوقيت الاستفتاء لا أكثر ولا أقل لكن مشروع تفكيك العراق جاهز كما هو مشروع تفكيك سوريا فى إطار شرق أوسط جديد.

الملاحظة الثانية ترتبط بالتكلفة السياسية للوحدة الكردية المنتظرة، مبدئيا هناك الصدام الأمريكى -التركى الوشيك تفهاهو وزير خارجية تركيا يعلن قبل يومين فى صلف لا مثيل له إن بلاده سترد على التهديدات الإرهابية التى تستهدف القوات التركية فى إدلب ودرع الفرات كما تستهدف الجيش السورى الحر وأيضا تستهدف تركيا، وكما نلاحظ فإن القسم الأعظم من المعارك التى يعد الوزير التركى بخوضها يدور على الأرض السورية, ورغم ذلك فإن مولود جاويش أوغلو لا يتردد فى رفض «معارضة أى جهة لما ستقوم به تركيا فى هذاالشأن»! من جهة أخرى فإن القوة الكردية المرتقبة تدفع بتركيا وإيران لمزيد من التنسيق فى مواجهة الخطر المشترك وهذا ما لا ترجوه الإدارة الأمريكية بالتأكيد، وليس مؤكدا كيف سترد روسيا. هذا كله فضلا عن إرباك المشهد الداخلى شديد الارتباك أصلا فى سوريا، فهناك قوى كردية ليست على وفاق مع حزب الاتحاد الديمقراطى - الذى تتبعه قسد - ومن شأن الخطوة الأمريكية المفاجئة أن تعمق الشرخ بين الجانبين لأن الاتحاد متهم بأنه لا يتشاور مع أحد، وهناك العديد من فصائل المعارضة السياسية والعسكرية السورية التى ترفض إنشاء القوة الكردية لأنها تكرس التقسيم وهو رفض قد يؤثر على خريطة تحالفاتها الدولية. وهكذا فإنه بشيء من التنويع يذكرنا هذا الوضع بما كان عليه الحال عشية الاستفتاء فى شمال العراق عندما حذّر الجميع من المضى قدما فيه لكن أصّر عليه الحزب الديمقراطى الكردستاني، ثم كان ما كان.

الملاحظة الأخيرة أن هناك عرضا قدمه وليد المعلم وزير الخارجية السورى قبل شهور للتفاوض مع الأكراد على الحكم الذاتى يستحق الاهتمام، صحيح أنه لا ثقة متبادلة بين الجانبين لكن تطورات الواقع على الأرض تضغط فى اتجاه منع التقسيم وتلك ورقة مهمة بيد الأكراد، ونحن نعلم أن القرار الصائب إنما يستمد صوابه من عناصر كثيرة منها اتخاذه فى الوقت المناسب، ليتخذ أكراد سوريا قرارهم فى الوقت المناسب ويعوا جيدا دروس التاريخ البعيد والقريب، وأهم درس أن أمريكا كثيرا ما خذلت حلفاءها.

 

نقلا عن الاهرام القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القضية الكردية مجدداَ القضية الكردية مجدداَ



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 00:02 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
  مصر اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 11:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 20:30 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل
  مصر اليوم - جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:00 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العلماء الروس يطورون طائرة مسيّرة لمراقبة حرائق الغابات

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 20:12 2024 الخميس ,15 آب / أغسطس

عمر كمال يوجه رسالة مؤثرة لأحمد رفعت

GMT 10:00 2016 الأربعاء ,09 آذار/ مارس

إصبع ذكي يعيد حاسة اللمس للاصابع المبتورة

GMT 23:53 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

مصمم مغربي يطرح تشكيلة راقية من القفطان الربيعي لموسم 2016

GMT 05:09 2015 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

توثيق ازدهار ونهاية مؤسس "داعش" أبو مصعب الزرقاوي

GMT 21:24 2017 السبت ,09 أيلول / سبتمبر

5 مواقف فتحت النار على سهير رمزي بعد خلع الحجاب

GMT 05:22 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

خبيرة موضة تقدم نصائح لارتداء فساتين الصيف خلال الشتاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon