توقيت القاهرة المحلي 11:05:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الصناعة الوطنية قاطرة التنمية

  مصر اليوم -

الصناعة الوطنية قاطرة التنمية

بقلم - د. طه عبد العليم

عنوان مقالى، وهو مانشيت جريدة الأهرام قبل أيام، ينطلق من دعوة مهمة وملهمة للرئيس السيسى خلال اجتماعه مع الدكتور محمد العصار وزير الدولة للإنتاج الحربى فى الأسبوع الماضى حين شدد على: ضرورة استمرار جهود تطوير الشركات والمصانع التابعة لوزارة الإنتاج الحربى، ومواصلة دورها فى النهوض بالصناعة الوطنية وتنمية الاقتصاد الوطنى لسد احتياجات السوق المحلية وتصدير فائض الإنتاج، بجانب تغطية احتياجات القوات المسلحة من المنتجات العسكرية، وفتح آفاق جديدة للتحديث والابتكار فى الصناعة حتى تكون قاطرة للاقتصاد المصرى، وتعزيز التعاون بين الوزارة وكبرى الشركات العالمية لامتلاك التكنولوجيا الحديثة وتوطينها فى مصر.

وهنا أسجل- وبعض ما أسجله كتبته ونشرته مرارا فى مقالات ودراسات منشورة.

أولا: أن تشديد الرئيس السيسى قبل أكثر من عامين- فى افتتاحه مؤتمر مؤسسة الفكر العربى- على الحاجة الملحة لإعطاء أولوية قصوى لتطوير قطاع الصناعة؛ وربط استراتيجية التنمية الصناعية بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية؛ لتسهم فى تحسين مستوى معيشة المواطن وخفض من الاعتماد على الاستيراد. وكتبت حينها أقول: إنه بعد دعوة الرئيس الى أولوية تخصيص الموارد للتصنيع مع عدالة توزيع ثماره، أتمنى أن يتبنى برنامج الحكومة المُعد لتقديمه الى مجلس النواب مهمة تصنيع مصر، حتى لا يبقى فريضةً غائبةً، كما كان الأمر فى برامج الحكومات المتعاقبة؛ منذ وأد مشروع تصنيع مصر فى عهد عبدالناصر.

وثانيا: أنه ليس كل ما يتمناه المرء يدركه. فقد استمر تصنيع مصر فريضة غائبة فى برامج كل الحكومات المتعاقبة بعد ثورتى 25 يناير و 30 يونيو. وتؤكد القراءة النقدية للواقع أن الأمر لا يرجع الى مجرد ضرورات مجابهة الكارثة الاقتصادية التى حاقت بمصر جراء مقدمات الثورتين، وتفاقمت يقينا جراء تداعياتهما، كما فى أعقاب، كل الثورات، التى تهدم بناء قائما، بينما يتطلب البناء الجديد سنوات طوالا لا تقل عن عقد أو أكثر من الزمان. وإنما يرجع استمرار غياب فريضة تصنيع مصر الى رؤية اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية كرسها عدم نهوض الرأسمالية المصرية بمسؤولياتها التنموية والمجتمعية، وإخفاقات القطاع العام الصناعى.

وثالثا: أن حسم خيار التصنيع يتوقف على أن يتحرر صانعو القرار وقادة الفكر من أسر النظريات المشككة فى إمكانية تصنيع مصر، التى برهنت فى تاريخها الحديث رغم الانكسارات أن قدراتها الكامنة تسمح لها بانجاز التصنيع وبلوغ ما تستحقه: أن تصبح دولة صناعية متقدمة! لكن هذا يستحيل بدون إستراتيجية للتصنيع؛ أى تبنى سياسات اقتصادية وصناعية تضمن أسبقية تنمية وتحديث وتعميق وتنويع الصناعة التحويلية.

ورابعا: أنه لا طريق غير التصنيع إذا أردنا تعزيز الأمن الاقتصادى، القومى والإنسانى، وتصفية التخلف والتبعية، وتقليص البطالة والفقر. فالتصنيع، رافعة التنمية الاقتصادية والشاملة بل هو جوهر مفهومها، وهو ركيزة النمو المتواصل للإنتاجية والتنافسية والتشغيل والتصدير، والسبيل لنيل الكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية والحياة اللائقة, والطريق لتعزيز السيادة الوطنية واسترداد الريادة التاريخية. وبغير التصنيع لن تعرف مصر عدالة توزيع الغنى فى دولة صناعية تتمتع بالثراء، وستبقى أسيرة وهم يسارى بائد بأن الرخاء سبيله عدالة توزيع دخل قومى متدن، لم ولن يثمر سوى عدالة توزيع الفقر. ورغم وجوب محاربة الفساد، علينا استيعاب أن خسائره من منظور تدنى قيمة العمل وتكريس نهب ثروة الأمة وإضعاف الاستثمار الانتاجى، تزيد عليها خسائر عدم كفاءة إدارة تخصيص وتنمية مواردنا النادرة.

وخامسا: أنه منذ تخلت الدولة عن قيادة عملية التصنيع، وتركت أمر التنمية للسوق الحرة، الفاشلة والظالمة، عانت مصر تهميش الذات؛ فتخلفت وبشدة عن بلدان سبقتها فى كل حقب تاريخها، وصارت يدها هى السفلى بعد أن كانت العليا، تتلقى العون بدل تقديمه، وتعمقت أسباب فقر المصريين؛ دخلًا وقدرةً. وقاد هدر ثروة الأمة المتاحة للاستثمار بعيدا عن التصنيع الى تكريس تراجع مكانة ودور مصر، لأن مكانة أى دولة ودورها تتوقف على قدراتها الصناعية التكنولوجية، فى المجالين المدنى والعسكرى. ولن تصبح مصر دولة متقدمة بمجرد تحقيق معدل مرتفع للنمو الاقتصادى; حتى وإن استدام هذا النمو عقوداً! وإنما بتحولها إلى دولة صناعية، وبغير التصنيع لن تشارك من موقع التكافؤ فى إدارة شئون محيطها الاقليمى والعالمى. وبفضل التصنيع بمفهومه الواسع، أى بنشر ثمار التحديث الصناعى التكنولوجى فى بقية قطاعات الاقتصاد, ستغدو مصر- كما الدول الصناعية- مُصَدِرةً للسلع المصنعة, بمكوناتها ذات المحتوى المعرفى الأرقى والقيمة المضافة الأعلى, بل ومُصَدِرةً للمعرفة والتكنولوجيا والخدمات والغذاء والاستثمار!

وسادسا: أنه فى تحديد نقطة انطلاق إستراتيجية التصنيع تواجه مصر شأن غيرها خيارات المفاضلة بين أولويات: إقامة البنية الأساسية أو الاستثمار الانتاجى، وتطوير صناعات إحلال الواردات أو صناعات التصدير، وإنشاء الصناعات الخفيفة والاستهلاكية، أو بناء الصناعة الثقيلة وخاصة صناعة بناء الآلات، وبناء الصناعات الكبيرة أو تلك الصغيرة والمتوسطة.. إلخ. وتكشف الخبرة التاريخية أنه قد جرى المزج بين هذه البدائل بنسب تباينت من بلد لآخر. وبين ركائز انطلاق وارتقاء عملية التصنيع يتسم بأهمية بالغة: توسيع وتحديث البنية الأساسية الإنتاجية من نقل وطاقة وغيرهما، والارتقاء بجودة التعليم والتدريب والبحث والتطوير، وبناء أسس تكافؤ الاندماج فى الاقتصاد العالمى.

وأخيرا: إن الإنجازات التاريخية فى مشروع قناة السويس وغيره من المشروعات القومية الكبرى للنقل والطاقة تحت قيادة الرئيس السيسى تدعونى للثقة- دون ريب- فى قدرته على قيادة تصنيع مصر. ولتكن نقطة الانطلاق تنفيذ مشروعات المناطق الصناعية على ضفتى قناة السويس، ولتكن وزارة الانتاج الحربى رائدة التصنيع، فى ظل وزيرها الذى يدرك حتمية تصنيع مصر ويمتلك رؤية للارتقاء بالتصنيع، تتبين من إنجازات وتوجهات المجمع الصناعى العسكرى، التى تستحق تناولا لاحقا.

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصناعة الوطنية قاطرة التنمية الصناعة الوطنية قاطرة التنمية



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon