توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الموقف الأمريكى من الانتفاضة الإيرانية

  مصر اليوم -

الموقف الأمريكى من الانتفاضة الإيرانية

د. طه عبد العليم

 تتناقض الرؤى فى مصر شأن غيرها فى الموقف من الاحتجاجات المناهضة للحكومة الايرانية. إذ يراهن البعض، على قدرة طهران على استيعاب حراك الشارع المنتفض ضد ارتفاع الأسعار ومزاعم الفساد، آملا فى صمود دولة معادية لأمريكا واسرائيل، أو راجيا صمود نموذج الدولة الدينية. وينبرى البعض الآخر، للدفاع عما يصفونه بثورة الجياع المترتبة على سعى الدولة الايرانية لتوسيع نفوذِها الاقليمى وفكرها المذهبى على حساب التنمية والفقراء، متمنيا سقوط دولة الفقيه الدينية، أو مروجا لفكرة الثورة الاجتماعية.

وتكشف قراءة ما يجرى فى ايران ومتابعة المواقف الدولية والاقليمية مما يجرى حقيقتين لمصر ومحيطها العربى والاقليمى، أولاهما، أنه لا يمكن تجاهل ما يجرى فى ايران بثقلها الاقليمى بل والعالمى، وثانيتهما، أن المستقبل المنظور يؤكد أن ايران إما تستمر نموذجا لدولة الفقيه الدينية التى تتدخل فى الشئون الداخلية للدول العربية لتوسيع نفوذها المذهبى والسياسى فى مناطق الوجود المهمة للشيعة فى المشرق العربى ومنطقة الخليج، أو تعود أدراجها الى دولة القومية الفارسية التى تسعى للهيمنة فى دول جوارها العربية بالتحالف مع أمريكا واسرائيل ضد المصالح العربية.

ومكتفيا هنا بقراءة الموقف الأمريكى الاسرائيلى مما يجرى فى ايران، أزعم أن أمريكا تراهن على اسقاط النظام الايرانى؛ تجنبا لمخاطر شن حرب عليها بقيام نظام بديل موال لها وحليف لإسرائيل، أو أملا فى امتداد الفوضى الخلاقة/ الهدامة اليها بغية تفكيكها وتركيعها. وفى هذا السياق أفهم ترحيب السفيرة الأمريكية بالأمم المتحدة، نيكي هايلى، بـشجاعة الشعب الإيرانى فى الاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ 28 ديسمبر، وهى التى توعدت بالأمس القريب دول العالم إن رفضت قرار نقل السفارة الأمريكية الى القدس على حساب الشعب الفلسطينى وحقوقه الانسانية والمشروعة. بل وأشارت إلى أن الولايات المتحدة تبحث الدعوة الى اجتماعٍ طارئ لمجلس الأمن، ومخاطبة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف لاتخاذ موقف ضد إيران. وأضافت، وهى التى عميت عن اضطهاد الشعب الفلسطينى واغتصاب حقوقه وتجاهلت قرارات الأمم المتحدة، أنه فى ايران تتجسد صورة واضحة لشعب طالما تعرّض للاضطهاد من قبل الأنظمة الديكتاتورية!, وأن الحريات التى تتضمنها مواثيق الأمم المتحدة تتعرض للانتهاك في إيران! وعلى الأمم المتحدة أن تتحدّث، ويجب ألا نلتزم الصمت إزاء الناس يصرخون طلباً للحرية، وأن كل محبي الحرية يجب أن يقفوا إلى جانب قضيتهم، وان المجتمع الدولي ارتكب غلطة بالتخاذل بفعل ذلك عام 2009، ويجب علينا ألا نرتكب تلك الغلطة مجدداً! وقال دينيس روس، مساعد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لشؤون الشرق الأوسط، إن ما تريد أمريكا رؤيته في إيران هو تغيير في سلوك النظام في الخارج ووقف دعمه لدول وحركات بمبالغ مالية طائلة تؤدي إلى التسبب بالمشاكل الاقتصادية في الداخل، كما أقر بأن موقف الإدارة الأمريكية السابقة حيال تحركات عام 2009 في إيران كان يمكن أن يكون أفضل. وأضاف أن هناك إحساسا واضحا بوجود مشاكل وأزمات اقتصادية في إيران وهناك شعور عام بأن مغامرات إيران في الخارج مكلفة جدا بالنسبة للإيرانيين في الداخل، وأن هذه المظاهرات تذكّر النظام الايرانى بالتحركات التي أدت إلى إسقاط الشاه. وقال إن الخيار الأسوأ بالنسبة لأمريكا هو نفسه الخيار الأسوأ بالنسبة للشعب الإيرانى وهو أن يتمكن النظام مجددا من القضاء المبرم على التحركات عوض أن يعدّل من سلوكه في الخارج. مضيفا أن ما لا نريده هو ظهور مشاكل داخلية في إيران تدفع النظام إلى البحث عن نوع من المواجهة الخارجية من أجل صرف الانتباه عن الداخل. ودعا إلى كشف ما تنفقه إيران في الخارج، معتبرا أن هذا سيكشف كيف أن تصرفات النظام الإيرانى في الخارج تؤدى إلى زيادة المشاكل في الداخل. وختم بأنه من المهم لإدارة ترامب ألا تظهر على أنها تحاول زيادة المشاكل في إيران لأن ذلك لن تكون له مصداقية. وهو فى هذا يتفق مع تحذيرات محللين وباحثين سياسيين أمريكيين من أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن الاحتجاجات في إيران، لا تساعد المتظاهرين الإيرانيين بل تضرهم، لأن النظام الإيراني يستخدمها لتشويه صورة المتظاهرين وكذريعة للقمع. وأكدت المحللة الإيرانية الأمريكية هولي داغرس أن تصريحات مماثلة من إدارة الرئيس السابق باراك أوباما وقت احتجاجات إيران عام 2009 لأنهم كانوا يعلمون أن ذلك سيزعزع الثقة في المتظاهرين وسيمنح النظام الإيراني فرصة ليصف المتظاهرين بأنهم عملاء للخارج. وكان ترامب قد أعاد مساء السبت الماضى نشر مقتطفات من خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر الماضى، الذي هاجم فيه النظام الإيراني، قائلا: إن الأنظمة القمعية لا يمكنها أن تستمر إلى الأبد، وسيأتي اليوم الذي سيتخذ فيه الشعب الإيراني خياره. وأضاف ترامب في تغريدة له: «على الحكومة الإيرانية احترام حقوق شعبها، بما في ذلك حق التعبير.. العالم يراقب».

وعلى خطى الموقف الأمريكى جاء الموقف الاسرائيلى من الانتفاضة الايرانية. وهكذا، فقد أعلن وزير المخابرات والنقل الإسرائيلي يسرائيل كاتس فى اجتماع للجنة الشئون الخارجية والدفاع بالكنيست، بأن اسرائيل تود أن ترى إزالة النظام المضطهد واستبداله بالديمقراطية!! وأن نجاح المظاهرات بتغيير النظام سيزيل التهديدات الإيرانية ضد إسرائيل. وانتقد دعم ايران للإرهاب والعنف فى سوريا ولبنان وغزة، مشيرا إلى أن إيران زادت من دعمها منذ ترك حماس لقطر. وعدّد كاتس الطرق التي تفرض فيها إيران قوتها بالمنطقة قائلاً: إنه من المذهل الطريقة التي ترتبط بها إيران بكل الأمور، سواء كان ذلك بطموحاتهم النووية العسكرية أو محاولاتهم لتعزيز قوتهم العسكرية في سوريا، أو تدريب الميليشيات الشيعية وتطوير صواريخ حزب الله.

وبسبب ما يمكن أن يتسع له مقال، آمل أن أعود مجددا- إن كان فى العمر بقية- الى تناول المواقف الدولية والاقليمية والعربية من إيران وانتفاضتها، وقراءة وقائع ودروس الانتفاضة الايرانية، وتاريخ ومستقبل العلاقات المصرية الإيرانية، ثم للتعريف بايران التى لا ينبغى لمصر- أو غيرها- تجاهلها.

 

نقلا عن الاهرام القاهريه

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الموقف الأمريكى من الانتفاضة الإيرانية الموقف الأمريكى من الانتفاضة الإيرانية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon