بقلم - مصطفى زين
لا تتوقف المحاولات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية. كل الإدارات سعت إلى ذلك ديبلوماسياً وعسكرياً، متحدية العرب و»المجتمع الدولي». أحدث هذه المحاولات كان تجميد المساعدات لوكالة «أونروا»، تلبية لطلب إسرائيلي قديم جدده نتانياهو عندما «أمر» ممثلة واشنطن في الأمم المتحدة بإعادة النظر في عمل هذه الوكالة الدولية، ودمجها في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
لطلب نتانياهو هدف واضح فإلغاء «أونروا» يعني، في ما يعنيه، عدم الاعتراف باللاجئين الفلسطينيين، وإلغاء حقهم في العودة إلى بلادهم التي هجروا منها منذ سبعين عاماً، والاعتراف بحق أي يهودي بالاستيطان مكانهم، بعد أكثر من ألفي عام على الهجرة اليهودية (إذا صدقت الأسطورة)، إذ قال إن «أونروا منظمة تخلد قضية اللاجئين الفلسطينيين ورواية ما يسمى حق العودة، وتهدف إلى تدمير دولة إسرائيل. لذا يجب أن تتلاشى وتزول». لكن ما هدف إدارة ترامب من تجميد عمل هذه الوكالة الدولية؟
واقع الأمر أن البيت الأبيض الذي قرر الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، يحاول زيادة الضغط على الفلسطينيين والعرب للقبول بأي صيغة لـ «صفقة القرن». وقد شددت الناطقة باسم وزارة الخارجية هيذر نويرت على أن واشنطن لم توقف المساعدات بل جمدتها، أي أنها مستعدة لإعادة النظر في التجميد، مقابل موافقة الفلسطينيين على «الصفقة»، أو الانخراط من جديد في عملية مفاوضات من أجل المفاوضات، في عملية ابتزاز واضحة فالولايات المتحدة تعتبر أكبر المساهمين في تمويل «أونروا»، وتجميدها هذه المساهمة قد يؤدي إلى إغلاق مستشفيات ومدارس أمام الفلسطينيين، ووقف المساعدات عن الملايين المنتشرين في مخيمات لبنان والأردن وسورية وغزة، فضلاً عن الموجودين داخل فلسطين المحتلة (تدير أونروا 711 مدرسة ومعاهد للدراسات العليا ويعمل لديها 30 ألف موظف، كما تدير عشرات المستشفيات).
في معنى آخر، تريد إدارة ترامب محو ذاكرة الفلسطينيين وإقناعهم، بعد الدول التي تستضيفهم، بتوطينهم حيث يقيمون لكن خارج مخيمات اللجوء. المشروع ليس جديداً تكرر طرحه في كل المفاوضات التي خاضتها منظمة التحرير، ويتكرر في كل لقاء للمسؤولين الأميركيين والعرب، فضلاً عن أن «صفقة القرن» التي يتبناها ترامب تسعى إلى خلق دولة فلسطينية في سيناء، بعدما تعذر العمل بالخيار الأردني، وترى في ما يدور في شبه الصحراء من مواجهات بين الجيش المصري والإرهابيين فرصة للضغط على الجميع للقبول بهذا الطرح. ويتوقع أن يزيد ترامب هذا الضغط على حلفائه وعلى الأمم المتحدة التي تعامل إسرائيل بـ «طريقة أحادية ظالمة»، على ما قال.
سياسة الولايات المتحدة تجاه المسألة الفلسطينية ثابتة على مر العهود: إسرائيل أولاً وإلى الجحيم حقوق الإنسان وحرية الشعوب. وعلى الجميع الرضوخ لشروط أميركا.
نقلا عن موقع الحياه اللندنيه