توقيت القاهرة المحلي 19:07:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن صفقة القرن

  مصر اليوم -

عن صفقة القرن

بقلم : مصطفى زين

تتردد عبارة «صفقة القرن» في الإعلام، وفي تصريحات مسؤولين أميركيين وعرب كثيرين، لكن أحداً لم يحدد بنودها، حتى الذين اطلعوا عليها ورفضوها مثل محمود عباس، أو مثل جاريد كوشنير الذي يقال إنه ابتدعها أو جيسون غرينبلات المكلف التفاوض فيها والإشراف على تنفيذها.

لكن عدم نشر تفاصيل «الصفقة» لا يعني أن الإدارة الأميركية أو إسرائيل تنتظر إعلانها رسمياً فقد بدأتا التنفيذ منذ مدة ليست بقليلة. ويمكننا القول، بكل ثقة، إن قرار ترامب نقل السفارة الأميركية إلى القدس واعترافه بها «عاصمة أبدية لإسرائيل تاريخياً» (حسب تفسيره التوراة) وحالياً، على أساس «الواقع»، هو بند مُهم من هذهِ «الصفقة» فقد أخرج المدينة من «مفاوضات الحل النهائي»، وبدأ الضغط على الدول العربية وغير العربية لاتباع خطواته، مهدداً الجميع بـ «قصاص لم يعرفوه سابقاً»، وبإطاحة الرافضين «خلال أسبوعين». وتلى نقل السفارة قرار آخر بوقف دعم وكالة غوث اللاجئين (أونروا)، أي عدم الاعتراف باللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم، في مخالفة واضحة لقرارات الأمم المتحدة.

مستغلة الضعف العربي، لم تكتف الإدارة الأميركية بهذين القرارين، بل أقفلت مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، في محاولة أخرى لمزيد من الضغط على عباس عله يقتنع بـ «الواقع» ويستمر في التعاون الأمني مع إسرائيل، مقابل وعود بتحسين وضع الفلسطينين مادياً بأموال عربية. أي أن ترامب يمارس مهنته كتاجر حتى في القضايا الوطنية والمصيرية، معتقداً بأن المال يحل كل العقد والخلافات ويقنع الناس بالقبول بالاحتلال والتحول إلى عبيد.

هذا عن ترامب وإدارته. أما نتانياهو فلم يترك مناسبة تفوته من دون تأكي علاقاته الوثيقة مع عدد من الدول العربية (غير مصر والأردن)، وتوج تصريحاته بزيارة لعُمان، حيث التقى السلطان قابوس. ولم تكن الزيارة الأولى لرئيس وزراء إسرائيلي، فقد سبقه إلى ذلك إسحق رابين (عام 1994) وكان يسعى إلى التفاوض مع الفلسطينيين والعرب، كما زارها شمعون بريرز عام 1996 لترويج دعوته إلى شرق أوسط جديد على أساس التعاون الاقتصادي والأمني، وانتشر شعاره «العقل الإسرائيلي والأموال العربية» يصنعان المعجزات. والمفارقة أن زيارة بيريس حينها ترافقت مع قصف جيشه جنوب لبنان وارتكابه مجزرة قانا، فيما تزامنت زيارة نتانياهو مع التصعيد ضد غزة وارتكابه مجازر يومية في القطاع، كما تزامنت مع الإحتفاء بوفود رياضية وثقافية في أبو ظبي وقطر.

هذا المسار المتسارع لإقامة علاقات طبيعية بين إسرائيل ودول عربية ليس وليد اللحظة الراهنة، بل هو تتويج لأحداث وتطورات خطيرة شهدها العالم العربي منذ الإحتلال الأميركي للعراق وتدمير سورية وإغراق المنطقة بالفوضى السياسية والعسكرية واشعال الحروب الأهلية والأيديولوجيات الطائفية المدمرة فيها. كما أنه تتويج لسعي إسرائيل إلى التخلص من أي التزام ، حتى من اتفاقات أوسلو المجحفة بحق الفلسطينيين، ووأد المبادرة العربية للسلام التي تنص على «إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود 1967 وعودة اللاجئين والإنسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل الإعتراف وتطبيع العلاقات». أي أن التطبيع القائم حالياً ليس سوى محاولة جديدة لمحاصرة الفلسطينيين كي يسيروا بـ «صفقة القرن» فتتفرغ إسرائيل لصراعات وحروب أخرى تعيد رسم خريطة الشرق الأوسط.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن صفقة القرن عن صفقة القرن



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 00:02 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
  مصر اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 11:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 20:28 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله
  مصر اليوم - قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة
  مصر اليوم - سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:00 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العلماء الروس يطورون طائرة مسيّرة لمراقبة حرائق الغابات

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 20:12 2024 الخميس ,15 آب / أغسطس

عمر كمال يوجه رسالة مؤثرة لأحمد رفعت

GMT 10:00 2016 الأربعاء ,09 آذار/ مارس

إصبع ذكي يعيد حاسة اللمس للاصابع المبتورة

GMT 23:53 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

مصمم مغربي يطرح تشكيلة راقية من القفطان الربيعي لموسم 2016

GMT 05:09 2015 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

توثيق ازدهار ونهاية مؤسس "داعش" أبو مصعب الزرقاوي

GMT 21:24 2017 السبت ,09 أيلول / سبتمبر

5 مواقف فتحت النار على سهير رمزي بعد خلع الحجاب

GMT 05:22 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

خبيرة موضة تقدم نصائح لارتداء فساتين الصيف خلال الشتاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon