توقيت القاهرة المحلي 10:53:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قطر تتمادى في التهور

  مصر اليوم -

قطر تتمادى في التهور

بقلم : فهد الدغيثر

لم أشهد في حياتي مثل ما نشاهده اليوم من فتنة وزرع شقاق بين شعوب الدول العربية، وخصوصاً الدول المشاركة في نهائيات كأس العالم بموسكو. سبق أن تأهلت دول عدة لهذه النهائيات ونالها ما نالها من النقد والشماتة، غير أن ذلك كان في حدود ضيقة جداً. هذا العام وصل الصراع لذروته خصوصاً عبر موقع «تويتر»، واستخدمت عبارات في غاية القذارة وقلة الأدب. العلامة الفارقة الجديدة بين المناسبات الماضية وهذه المناسبة هي تزامن هذه المناسبة مع مقاطعة قطر من الدول الأربع والمستمرة منذ أكثر من عام بسبب دعمها الإرهاب وإثارة الفتن.

على أن هذه المشاهد وإن بدت جديدة وصادمة للأشقاء العرب في الشمال الأفريقي، إلا أنها ليست جديدة على سكان منطقة الخليج ومصر. النظام القطري يتحمل الكثير من المسؤولية في وصول الحال إلى هذا الحد كونه دأب ومنذ فترة على تأسيس آلاف الحسابات الوهمية بأسماء سعودية وإماراتية ومن كل الجنسيات العربية، ليظهروا وكأنهم معارضون للحكومات ويقفون ضد مقاطعة قطر. مما يثير الشفقة على النظام القطري أنه لم يتبقَّ له من التحالفات إلا جماعة «الأخوان المسلمين» المصنفة جماعة إرهابية وكذلك إيران وتركيا. تم استخدام وتوظيف هذه الحسابات لنشر ودعم الأخبار المكذوبة المسيئة لدول المقاطعة، وتوجهت «مجادفهم» يميناً وشمالاً من الصومال إلى القدس ومن المغرب إلى ماليزيا من دون أن تحقق أهدافها، على رغم تفرغ تلك الأسماء لهذه المهمات تحت إشراف عضو الكنيست السابق عزمي بشاره.

أخيراً بلغت ذروة هذا التوجه في موقفين؛ الأول يتصل باليمن وما تحقق لدول التحالف العربي من انتصارات في الساحل الغربي وتحديداً في مدينة الحديدة، إذ أعلنت قناة الجزيرة بكل وضوح وقوفها مع الميليشيات الحوثية وتحولت إلى داعم ومساند وكأنها الناطق الرسمي للحوثي، حتى الفريق الإعلامي في قناة الجزيرة عبر حساباتهم في «تويتر» وبأسمائهم الحقيقية أقحموا أنفسهم وانغمسوا في مستنقعات البذاءة والتدليس. على الصعيد السياسي يتبادل أمير قطر وروحاني بالأمس التنسيق في ما بينهما حول ما يجب على الحوثي أن يفعله في ظل تقهقر الدعم الذي كان يتمتع به في السابق. قطر في حقيقة الأمر تعلن هنا وبغباء سياسي لا حدود له أنها في حال حرب مع دول التحالف لإعادة الشرعية في اليمن ولا أتصور أن يمر ذلك مستقبلاً مرور الكرام.

نعود إلى المستوى الرياضي، إذ تابعنا وبعد نجاح مؤسسات أجنبية عدة أشهرها يطلق عليه «بي آوت كيو» ويقال بأن مصدرها كوبا، في توفير النقل التلفزيوني لنهائيات كأس العالم بأسعار أقل بكثير مما توفره قنوات «بي إن سبورتس» المتفرعة من قناة الجزيرة، تابعنا انحرافات واضحة عن شروط النقل الرياضي المعترف بها دولياً، إذ تحولت برامجهم الحوارية في الرياضة إلى مناقشات سياسية بحتة، متهمين المملكة ورموزها بالوقوف وراء تلك القنوات المنافسة لقنواتهم، على رغم وجود حملات رقابية داخل السعودية لمنع تلك الأجهزة ومعاقبة من يوفرها، هذا ما دفع الاتحاد السعودي لكرة القدم إلى تقديم شكوى رسمية إلى الاتحاد الدولي بهذا الخصوص.

مع الإدراك لهذه الحالة وتكرار المشهد، حاولت تنبيه المتابعين لحسابي في تويتر عن خطورة وجود مثل هذه الأسماء المستعارة قبيل لقاء تونس وإنكلترا، وذكرت بأن من حق أي مشجع عربي غير تونسي أن يذهب مع ميوله وقد يشجع إنكلترا من دون الحاجة لإبداء الكراهية والبغضاء لكل التونسيين، وعلى رغم تفهم السواد الأعظم من المعلقين وممن أعاد التغريد واتفاقهم معي، إلا أنني وجدت أيضاً من أنكر ذلك محتجاً بتصريح غير مسؤول من مدرب تونس ضد دول مقاطعة قطر، وكالعادة تسلل من بين مجموعة المستنكرين لهذه الرسالة أسماء غريبة ومستعارة تضع شعار المملكة العربية السعودية أو تضع صورة للملك سلمان في خلفية البروفايل وتقذف تونس وأهلها بأبشع العبارات لتوهم القارئ بأن صاحب الحساب سعودي. اتضح أيضاً وجود أسماء تونسية مستعارة ترد بالشتم على أولئك، وكل هذا يتم بطريقة مهنية مبرمجة. وهكذا يظهر للعامة من الناس أن هناك كراهية وحقد متبادل بين السعوديين والتوانسة.

حدث مثل ذلك بين المملكة والمغرب على خلفية التصويت لتنظيم كأس العالم عام 2026، ونجح قليلاً على رغم وعي العقلاء في البلدين. ولا يفوت هذه الخلايا الترصد لكل صغيرة وكبيرة بين السعودية ومصر سرعان ما تنطفئ بلقاء أو تصريح رسمي بين البلدين. أما محاولات الإيقاع بين السعودية والإمارات فتلك قصة أخرى طويلة ومتكررة وأعتقد شخصياً أن تقارب المملكة والإمارات يعتبر في نظر جماعة «الأخوان المسلمين» الخنجر الأشد إيلاماً بالنظر إلى أهمية البلدين وتأثيرهما عالمياً والإجراءات غير المسبوقة التي تم اتخاذها لمواجهة فكر الإخوان المتطرف.

ختاماً لا أحد يعرف لماذا تصرفت قطر على هذا النحو الطفولي على رغم تعهداتها الموقعة في الرياض بحضور الملك عبدالله بن عبدالعزيز وشهادة قادة دول مجلس التعاون بالتوقف عن هذا الجنون. في كل الأحوال يبقى موضوع حكومة قطر غامضاً وإن كان صغيراً ولا يشكل خطراً على دول الجوار. حتى دول العالم الكبرى توقفت عن محاولة التوسط وحل الخلافات بعد أن اقتنعت بمسار الدوحة المثير للجدل.

لكم فقط أن تتخيلوا لوكسمبرغ أو فنلندا وهي تتمرد على دول الاتحاد الأوروبي وتسعى للإيقاع بين شعوب تلك الدول من دون أن يوجد في حقيقة الأمر أي هدف تستطيع هذه الدول أن تتفهمه ناهيك بالاقتناع به. قطر تفعل ذلك وأكثر وتغامر في تحالفاتها مع أعداء الحكومات العربية وعلى رأسهم إيران وميليشياتها وجماعة الأخوان والجماعات الإرهابية الأخرى المتفرعة من دون أن تدرك برأيي الأخطار والعواقب التي تنتظرها مستقبلاً بسبب ذلك.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قطر تتمادى في التهور قطر تتمادى في التهور



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:14 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
  مصر اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 14:07 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"يوتيوب" يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي
  مصر اليوم - يوتيوب يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة

GMT 23:05 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

يونيون برلين الألماني يسجل خسائر بأكثر من 10 ملايين يورو

GMT 02:11 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

طبيب روسي يكشف أخطر عواقب الإصابة بكورونا

GMT 09:43 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كباب بالزعفران
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon