توقيت القاهرة المحلي 14:34:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجولة الثانية من مقاطعة قطر

  مصر اليوم -

الجولة الثانية من مقاطعة قطر

بقلم : فهد الدغيثر

 أثناء كتابة هذه المقالة خرجت معلومات مثيرة في «تويتر» تشير إلى توافر الخمور للبيع في السوق الحرة في مطار الملك فهد الدولي بالدمام. تم نفي الخبر الذي كان مدعوماً بصور الشاحنات وهي تفرغ صناديق الخمور وكأنها في مستودع السوق. الصور اتضح أنها التقطت من جمارك جسر الملك فهد الرابط بين السعودية والبحرين عند كشف محاولة تهريبها إلى داخل المملكة العام الماضي.

أي خبر مثير يخرج من المملكة حتى لو كان تافهاً تتلقفه الأسماء المستعارة القطرية وهي بالآلاف في وسائل التواصل الاجتماعي وتعرف بين سكان المنطقة بـ «خلايا عزمي» الإلكترونية إشارة إلى «المفكر» عزمي بشارة الذي يقيم في قطر، لتضيف إليه ما يحلو لها من أكاذيب ثم يتصدر «الترند» السعودي بحيث يخرج مثيراً وصادماً للسعوديين. معرفات وهمية تظهر كأنها سعودية في اختيار الصورة والاسم والخلفية، بل وصل الأمر إلى أن أحد مقدمي برامج قناة «الجزيرة» ينقل خبراً في حسابه عن اصطدام سيارة صغيرة بمبنى مستشفى للحرس الوطني بالرياض فيما يشبه الاحتفالية بالخبر. وقبله بيومين خبر إقامة فيفي عبده لدروس في الرقص الشرقي للرجال والنساء في المملكة، نفتها هي على قناة مصرية.

من الطبيعي مع هذا العمل الدؤوب أن يبادر مواطنو الدول المستهدفة بالرد على هذه الأكاذيب وتفنيدها. غير أن المؤسف ومع تغييب الحقائق، هو دخول هذه «الحوارات» إلى مناطق الوحل ولجوء البعض إلى استخدام الألفاظ النابية في شكل لم يخطر ببالي أن أشاهده على مدى العقود التي عشتها منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي. لا يحتاج المتابع بالطبع أن يكون خبيراً سياسياً أو أستاذاً في أدب الحوار ليتعرف إلى من يقود ذلك ويغذيه.

‏عندما اتخذت الدول الأربعة قرار معاقبة حكومة قطر بسبب استفزازاتها المتكررة لمصر والإمارات والبحرين ودعمها للجهات المتطرفة وعدم امتثالها لما تمت الموافقة عليه في الرياض بعد خروج التسجيلات الشهيرة، لم تجد الدوحة أمام الأدلة الفاضحة سوى «تويتر» وغيره لإشغال الرأي العام في دول المنطقة.

حاولوا تغييب الحقائق بالمزيد من المراوغات حتى على المستويات العليا عندما ظهر الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني أحد أبطال التسجيلات، في لقاء مع تلفزيون قطر لكن ذلك اللقاء لم ينفع بشيء. بل إن خروج الشيخ كان مدمراً عندما اعترف بحقيقة التسجيلات مع القذافي والتي كان يقال عنها في السابق مفبركة.

الدوحة بلا شك تعيش في صراع كبير بين العناد والمكابرة وبين التواضع والاعتراف بالخطأ. وكلما طال أمد المقاطعة ارتفعت كلفتها الباهظة على فاتورة الحكومة هناك.

من يتابع تصرفات تلك الحكومة لن يصاب بالدهشة عندما يسمع بأن الدوحة حاولت التعرض للطيران المدني الإماراتي في مناطق المسارات الجوية الدولية. صحيح أن قطر حاولت نفي الحادثة لكن أجهزة المراقبة البحرينية وثقته من شاشات الرادار. مثل هذا السلوك لا يحمل إلا تفسيراً واحداً وهو محاولة تدويل الأزمة.

على أن أغرب ما سمعته قبل يومين هو تصريح منسوب لوزير التجارة القطري يفيد بأن الدوحة تجاوزت الأزمة ولم تعد المقاطعة مؤثرة في اقتصاد بلاده على الإطلاق. مثل هذا الحديث لا يمكن أن يوضع في سياق أكاذيب وحوارات «تويتر» وتنتصر له الخلايا إياها، ذلك أنه يخضع للأرقام وللتحليلات العالمية المتصلة بالقروض وبمعايير الائتمان الدولية. لنستعرض بعضاً من ذلك، استثمارات قطر الكبرى في خطوط الطيران ومطار حمد الدولي، والذي يعتبر تحفة معمارية لا مثيل لها في التصميم والخدمات، وكذلك استضافة كأس العالم الطموحة تعني رصد مئات البلايين من الدولارات. بسبب المقاطعة هبطت نسبة إشغال الطائرات ومطار حمد بنسب متفاوتة، لكنها لا تقل عن ٣٥ في المئة، وهذا بحد ذاته يعتبر رقماً كارثياً في هذه الصناعة. كلفة إكمال المنشآت الرياضية الضخمة لكأس العالم وما يدعمها من فنادق ووسائل للنقل تضاعفت عما كان معتمداً لها. الالتزامات الأخرى التي تواجه اقتصاد قطر تتحدث عن دعم مستمر للمنتجات الاستهلاكية الآتية جواً وبحراً بحيث لا يضطر المواطن القطري لملاحظة ارتفاع الأسعار.

أضف إلى ذلك توقف السياح والزائرين من دول المقاطعة وهبوط نسب إشغال الفنادق والمناطق السياحية في شكل ملحوظ. إذاً فحديث وزير التجارة لا قيمة له.

الذي كان يفترض من حكومة قطر ومنذ أن بدأت مشاريعها الكبرى ورصدت وأنفقت عليها البلايين أن تضع الأمن والسلام والعلاقات الوثيقة مع جيرانها والعالم في أعلى أولوياتها كضمان لتحقيق أهداف الدراسات الاقتصادية. هل يعقل أن تؤسس واحدة من أفضل شركات الطيران في العالم أسطولاً وخدمات راقية وفي دولة صغيرة جداً مساحةً وسكاناً ثم تعادي دول الجوار الكبرى التي تتحكم بالأجواء وعدد الركاب؟!

المتابع الفطن بات مدركاً استمرار سلوكيات هذه الحكومة وتعمدها للإثارة ودعم القلاقل في كل مكان على رغم كل العقوبات. من هنا تبرز الفوارق الواضحة بين المراهقة والنضج في السياسة وبين المستثمر العبقري والمستثمر الطائش.

نعود إلى ما بدأنا به الحديث لتأكيد أن المناحرات في «تويتر» لن تقدم ولن تؤخر بل تضر قطر في شكل مدمر. وبسبب الجراح التي قد تتعمق أكثر مما وصلت إليه بين الشعوب، أتمنى من دول المقاطعة تجاهلها وعدم الانزلاق إلى وحولها وبذاءتها. لندرك أنها هي السلاح الوحيد المتاح هناك والتفاعل معها يمنح التنظيم الذي يشعر بالضيق والعزلة متنفسات وهمية للبقاء كونه يُشعر الطرف الأضعف بالانتصار عندما يجرنا إلى مستنقعاته.

طالما أن الحقائق على الأرض ثابتة ومواقف الدول الأربع قوية وصلبة ولن تتغير إلا برضوخ الدوحة للشروط المطلوبة كما صرح بذلك أكثر من مسؤول في الدول الأربع، وطالما أن شعب المملكة تحديداً منهمك في زمن الانتقال إلى بناء دولة الغد بكل ما يحمله ذلك من تفاؤل وتحديات، فلا جدوى للمزيد من الجدل حول موضوع قطر.

في هذا السياق، ومع الحرص على تفنيد الأكاذيب بواسطة المصادر الرسمية، اسمحوا لي، كمواطنين، أن نبادر كشعوب دول المقاطعة من طرف واحد، بإضافة مقاطعة حسابات عزمي بشارة في «تويتر» إلى مقاطعة حكوماتنا لتنظيم الحمدين ونتجاهل ما تتم فبركته من أخبار.

لنبدأ بإلغاء متابعات للأسماء المشبوهة بل وحتى المعروفة ونهمل كل تلك القصص الباهتة. نفعل ذلك ونغلق هذا المصب الذي أصابه العفن. نفعل ذلك لأن لا شيء لدينا نخسره ونُبقي أمام قطر وحكومتها الحقيقة الراسخة على الأرض وهي المقاطعة. لا نواجههم إلا بالسؤال الأهم والمؤرق، هل ستستيقظ قطر وتوقف النزيف المادي والمعنوي الذي يستنزف اقتصادها أم ستدع النزيف مستمراً في هدر أموالهم وأصولهم وإفشال نجاحاتهم السابقة التي أبهرتنا جميعنا؟

في ظل هذه الأجواء غير المسبوقة في تاريخ قطر، ما الذي يتطلعون إلى تحقيقه في مستقبل الأيام؟ هل يستحق دعم الجماعات المتطرفة وإيواء رموزها في الدوحة وشيطنة وسائل إعلامهم كل هذه المشقة والعناء؟

نقلا عن موقع الحياه اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجولة الثانية من مقاطعة قطر الجولة الثانية من مقاطعة قطر



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 14:07 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"يوتيوب" يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي
  مصر اليوم - يوتيوب يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة

GMT 23:05 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

يونيون برلين الألماني يسجل خسائر بأكثر من 10 ملايين يورو

GMT 02:11 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

طبيب روسي يكشف أخطر عواقب الإصابة بكورونا

GMT 09:43 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كباب بالزعفران
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon