بقلم - خالد سيد أحمد
لا شك أن العملية العسكرية الشاملة التى أعلنت القوات المسلحة، الجمعة، عن تنفيذها فى مختلف الاتجاهات الاستراتيجية للقضاء على العناصر الارهابية، تعد بداية جديدة وحقيقية، لاستئصال هذه الظاهرة التى أسالت دماء الكثير من الأبرياء خلال السنوات الأربع الماضية.
هذه العملية التى تعد معركة وطن بكامله وليس رجال الجيش والشرطة فقط، تأتى فى ضوء التكليف الرئاسى الذى وجهه الرئيس السيسى فى نهاية شهر نوفمبر الماضى، لرئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق محمد فريد، ووزير الداخلية اللواء مجدى عبدالغفار، باستعادة الأمن خلال 3 أشهر فى سيناء، وذلك بعد 5 أيام من الهجوم الارهابى الذى استهدف مسجد قرية الروضة، بمركز بئر العبد بشمال سيناء، وسقط خلاله أكثر من 300 شهيد.
ما يدفعنا إلى القول إن هذه العملية مختلفة عن سابقتها، هو أن القوات المسلحة أخذت الوقت الكافي منذ التكليف الرئاسى، ورتبت جميع أوراقها ووضعت الخطط اللازمة للقضاء على هذه الظاهرة، واتضح ذلك فى ثنايا تفاصيل بيان القوات المسلحة، الذى أعلنه المتحدث العسكرى العقيد تامر الرفاعى، أمس، وسماه «البيان رقم واحد للعملية الشاملة للقضاء على الارهاب 2018».
يقول البيان: «بدأت قوات إنفاذ القانون تنفيذ خطة المجابهة الشاملة للعناصر والتنظيمات الإرهابية والإجرامية بشمال ووسط سيناء ومناطق أخرى بدلتا مصر والظهير الصحراوى غرب وادى النيل إلى جانب تنفيذ مهام ومناورات تدريبية وعملياتية أخرى على جميع الاتجاهات الاستراتيجية بهدف إحكام السيطرة على المنافذ الخارجية للدولة المصرية وضمان تحقيق الأهداف المخططة لتطهير المناطق التى يتواجد بها بؤر إرهابية وتحصين المجتمع المصرى من شرور الإرهارب والتطرف بالتوازى مع مجابهة الجرائم الأخرى ذات التأثير على الأمن والاستقرار الداخلى».
القراءة الأولى للبيان توضح أنه ليس بيانا عاديا، ولكنه «إعلان حرب» حقيقى من أجل القضاء على الإرهاب وعناصره فى جميع ربوع الوطن، ولن تقتصر المواجهات فى هذه المعركة على أرض سيناء، وإنما ستمتد إلى جميع المناطق التى تتواجد فيها العناصر الارهابية، سواء فى دلتا مصر أوالظهير الصحراوى غرب وادى النيل وكافة المناطق الحدودية للدولة.
ليس هذا فقط، بل إن هذا البيان عكس رغبة قوية وإرادة حقيقية وجدية لا متناهية فى وضع حد لهذه الظاهرة، ذلك أنه لم تمر سوى ساعات قليلة على صدوره، حتى اتبعه المتحدث العسكرى ببيان ثان، قال فيه إن «العناصر الجوية قامت باستهداف بعض البؤر والاوكار شمال ووسط سيناء، وأن عناصر من القوات البحرية قامت أيضا بأعمال التأمين بغرض قطع خطوط الامداد عن العناصر الإرهابية وتأمين المجرى الملاحى».
بالتأكيد هى معركة مختلفة عن المواجهات السابقة مع العناصر الإرهابية، لكن يجب التذكير بأن مواجهة الارهابيين لا ينبغي أن تقف على قوة السلاح فقط، وإنما تتطلب جهدا فكريا فائقا، يكون قادرا على محاصرة الارهاب كفكرة وليس كأفراد.. فالتطرف والعنف والتشدد، ليس أكثر من مجرد أفكار، تبدو براقة وجذابة لقطاع واسع من الشباب، يمكن استقطابه وتجنيده بشكل سهل، خصوصا إذا ما تم تغليف هذه الأفكار برداء دينى، ولم تجد من يتصدى لها أو يواجهها بالمنطق والدليل والشرع.
كذلك ينبغى أن تتجه الحكومة إلى العمل على تحقيق تنمية حقيقية فى سيناء، تكفل توفير فرص عمل للمواطنين هناك، حتى لا يكونوا فريسة سهلة للجماعات المتطرفة التى تستغل ظروفهم الاقتصادية الطاحنة، وتستقطبهم بالإغراءات المادية الهائلة التى تمتلكها، وبالتالى يصبحون عجينة طيعة فى أيديهم يستطيعون تشكيلها وتوجيهها مثلما يريدون.
يجب على الجميع الوقوف خلف قواتنا المسلحة والشرطة المدنية فى هذه المعركة، لأنها معركة مصيرية للقضاء على العناصر الإرهابية التى لا تريد الخير لمصر وشعبها، وتستهدف زعزعة استقرار البلاد وتحويلها إلى مستنقع تعم فيه الفوضى والاضطرابات، كما يحدث فى بلاد عربية مجاورة، لن تستعيد عافيتها ووحدتها وأمنها فى المدى المنظور.
نقلا عن الشروق القاهريه