توقيت القاهرة المحلي 08:52:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الديب» الصغير!

  مصر اليوم -

«الديب» الصغير

بقلم - خالد سيد أحمد

المفاجأة التى فجرها تنظيم داعش الإرهابى عن ان عمر نجل إبراهيم الديب، القيادى الإخوانى المتواجد فى تركيا كان أحد عناصره، تستدعى التوقف أمامها كثيرا، لأنها تكشف الكثير من الحقائق الصادمة التى يمكن لها تغيير رؤيتنا ونظرتنا وتقييمنا للمشهد بشكل عام.

فـ«الديب» الصغير كان قد ظهر قبل أيام قليلة فى الإصدار المصور الأخير لمجلة «حماة الشريعة» التابعة لتنظيم داعش، بعد أن ظلت بعض وسائل الإعلام الإخوانية التى تبث من الخارج فى الادعاء باختفائه قسريا قبل مقتله، خصوصا بعد إعلان وزارة الداخلية فى العاشر من سبتمبر الماضى، عن تمكنها من رصد وتحديد والقضاء على 10 عناصر ــ بينهم عمر ــ تابعين لخلية إرهابية تواجدت داخل شقتين فى منطقة أرض اللواء بالجيزة.

القيادى الإخوانى إبراهيم الديب، اعترف بصحة انضمام نجله إلى تنظيم داعش، وقال فى بيان نشره على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»: «ابنى عمر سُرق منى فكريا وروحيا وبدنيا، وهو ضحية»، لكنه شدد على أنه لم يكن يعرف بهذا الأمر: «لم أكن أبدا على علم بهذا التوجه المفاجئ والصادم لى عن ابنى عمر، والذى فجعنى للمرة الثانية بعد موته، وما جاء فى هذا الفيديو المشئوم».

بالتأكيد عمر الديب ضحية مثلما قال والده المفجوع بوفاته على بيعة داعش، لكنه فى المقام الأول ضحية لجماعة الإخوان، التى يعد الأب أحد قيادييها، بعدما واصلت خلال السنوات التالية لازاحتها عن السلطة فى 2013، عملية منظمة وممنهجة لزرع الكراهية والحقد والغل والعداء فى نفوس شبابها ضد الدولة المصرية ومؤسساتها، وبالتالى كان الحصاد مرا على الجماعة نفسها، ثم على المجتمع الذى تنتمى إليه.

هذه هى الحقيقة الأولى التى كشفتها وفاة «الديب» الصغير، أما الحقيقة الثانية فهى ان بعض الاتهامات التى توجه إلى الحكومة المصرية وأجهزتها الأمنية، والمتعلقة بعمليات الإخفاء القسرى للمعارضين، ثبت وبالدليل القاطع فى «حالة عمر» عدم صحتها، وهو ما يستوجب من منظمات حقوق الإنسان المصرية والدولية، التعامل بحذر شديد وعدم تبنى مثل هذه الادعاءات قبل التأكد جيدا من صحتها، كما تتطلب ايضا من الحكومة ان تكون أكثر شفافية فى الرد على كل ما يثار فى هذا الملف، والإجابة على التساؤلات المشروعة فى هذه القضايا، حتى لا تستخدم على نطاق واسع فى الخارج لتشويه صورة الدولة المصرية.

الحقيقة الثالثة وربما تكون «المخيفة» فى واقعة عمر، تتمثل فى أن الخلافات الفكرية والعقائدية بين جماعة الإخوان وتنظيم داعش، آخذة فى التلاشى تدريجيا، خصوصا مع رغبة بعض عناصر الإخوان المشحونة بنار الكراهية، ايجاد حاضنة جديدة توفر لها متنفسا طبيعيا لتفريغ هذا الكم الكبير من الغضب ضد مؤسسات الدولة، وهو الأمر الذى يوفره «داعش»، الذى وجد أيضا ضآلته فى هؤلاء الشباب، بعدما خسر الكثير من «خزانه البشرى»، جراء الضربات العسكرية القوية وتشديد إجراءات الأمن على الحدود، والتى ساهمت فى منع جانب كبير من إمداداته الخارجية، سواء أكانت بشرية أو أسلحة وذخائر.

هذا الاقتراب الخطر بين التنظيمين، يعد تطورا نوعيا وتحولا جد خطير، ينبغى ان يطلق الكثير من أجراس الإنذار لدى الجميع، حتى ينتبهوا له ويحاصروه قبل فوات الأوان.. فـ«داعش» ليس مجرد تنظيم متطرف يتنبى العنف، لكنه أكثر التنظيمات الراديكالية ــ التى ظهرت على الساحة خلال التاريخ الحديث ــ وحشية ودموية وتشددا وتطرفا، كما انه لا توجد أى موانع إنسانية أو اخلاقية أو دينية، تردعه عن ارتكاب أبشع أنواع الجرائم بحق الجميع مسلمين وغير مسلمين.. فالجميع فى نظره «كفار ومرتدين»، إذا كانوا يخالفونه فى معتقداته وتوجهاته وتفسيراته للدين الإسلامى.

تستطيع الحكومة المصرية ان تتنفس الصعداء، بعدما اتضحت حقيقة «الديب» الصغير، وسقطت اتهامات الاختفاء القسرى، بل ويمكن لها ان تفرح بالكشف عن انضمامه إلى «داعش»، واستثمار ذلك فى تشديد الضغوط على الإخوان، لكن عليها فى الوقت ذاته ان تقلق كثيرا، بتحول مثل هؤلاء الشباب المشوش فكريا إلى «داعش»، لان هذا الأمر يعد مؤشرا على إمكانية ترسخ هذا الفكر الشاذ وتحوله من ظاهرة عابرة يمكن مواجهتها أمنيا وفكريا إلى حالة من الاستيطان فى هذا الوطن، وهو ما لا نتمناه أبدا.


نقلا عن الشرةق القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الديب» الصغير «الديب» الصغير



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon