بقلم :خالد سيد أحمد
فى خضم انشعال الجميع بالبطولة الأفريقية التى تستضيفها مصر حاليا، وتركيز وسائل الإعلام على فضيحة الخروج المبكر لمنتخبنا القومى، واتهامات الفساد التى توجه لاتحاد الكرة، كانت هناك واقعة أخرى لم تنل حظها من التركيز الإعلامى، رغم انها تعد كارثة بكل المقاييس، وهى انهيار صومعة جديدة لتخزين القمح فى بنى مزار بالمنيا.
كلمة «كارثة» ليست مبالغة على الاطلاق، بل هى التوصيف المناسب والدقيق لما حدث.. فالصومعة التى انهارت لم يمر سوى 17 شهرا على إنشائها، حيث تم افتتاحها فى التاسع عشر من شهر فبراير عام 2018، وقد أثر الانهيار على صومعة ثانية بجوارها وأصبحت عرضة للانهيار فى أى وقت، فيما توجد ثالثة فى المكان بها تشققات.
انهيار صومعة بنى مزار، دفع السلطات المعنية إلى التحرك على الفور، حيث فتحت النيابة العامة بمركز بنى مزار تحقيقا فى الواقعة، ووفقا لمصادر مطلعة فقد تم أخذ أسماء العاملين بالموقع تمهيدا لفتح تحقيقات عاجلة معهم، حول إنشاء الصوامع والأسباب التى أدت للانهيار، مع تشكيل لجنة فنية وهندسية للتعرف على أسباب العيوب التى ظهرت بخزانات الصوامع وتسببت فى سقوطها فجأة.
خطوة مهمة بالتأكيد لمعرفة ماذا حدث بالضبط، حتى نستطيع الاطمئنان على بقية الصوامع التى توجد فى المنيا، وعددها 7 صوامع، تأتى فى مقدمتها صومعة بنى مزار الحديثة والتى تعرضت للانهيار، وتبلغ سعتها التخزينية 5000 طن قمح، وتكلف إنشاؤها 20 مليون جنيه، إلى جانب صوامع الشركة المصرية بسعة تخزينية 90 ألف طن والمتحدة 30 ألف طن، ومطاحن مصر الوسطى 25 ألف طن، وصوامع مصر الوسطى بملوى 2000 طن.
الصومعة المنهارة تعد جزءا من المشروع القومى للصوامع، الذى تم تنفيذه بتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، للحفاظ على السلعة الغذائية الرئيسية للمصريين من الهدر والفاقد والذى يكلف الدولة مليارات الجنيهات سنويا.
يضم المشروع نحو 50 صومعة معدنية، تكفلت دولة الإمارات العربية، بانشاء 25 منهم بتمويل من صندوق أبوظبى، وبطاقة تخزينية تصل إلى 1.5 مليون طن، وتستهدف هذه الصوامع تعزيز الأمن الغذائى من خلال مضاعفة سعة تخزين القمح، وتوفير 25 فى المائة من الطاقة التخزينية المطلوبة، فضلا عن توفير 15 ألف فرصة عمل جديدة.
الهدف من هذا المشروع الضخم، دعم الاقتصاد المصرى وتلبية احتياجات القمح، والقيام بدور ملموس فى الحد من الاستيراد، فضلا عن أنه يسهم فى توفير درجة عالية من الاستدامة، ويسهم فى الحد من التلف الذى يطرأ على القمح المخزن بالطرق التقليدية بما يمثل 10 فى المائة ما يتسبب فى خسارة سنوية تقدر بحوالى 2.7 مليار جنيه سنويا. ويسهم أيضا فى تخفيف الاعتماد على استيراد القمح من الخارج، بما يعادل حوالى 160 مليون دولار فى العام، كما تسهم الصوامع الجديدة فى رفع جودة رغيف الخبز المدعم.
ما حدث فى المنيا، يعد جرس انذار شديد الخطورة، ينبغى التعامل معه على أعلى قدر من المسئولية والاهتمام والشفافية، واعلان نتائج التحقيقات على الرأى العام، حتى يعرف الجميع المتسبب فى هذه الواقعة وتقديمه للمحاكمة على تقصيره فى اداء عمله.
لا تملك الدولة رفاهية التسامح مع المقصرين، وهى بالتأكيد لن تتسامح أو تتساهل أو تتستر على أحد، خصوصا أن حجم المشاريع التى تم تنفيذها فى جميع المجالات خلال السنوات الماضية كبير جدا، وبالتالى يجب ان ترسل رسالة طمأنة إلى المواطنين، مفادها انه لا يوجد أحد فوق المحاسبة والعقاب اذا ما قصر فى اداء عمله، وانها لن تصمت على أى فساد قد يتواجد داخل أى صومعة فى بر مصر.