توقيت القاهرة المحلي 11:08:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مملكة.. ما بعد خاشقجى!

  مصر اليوم -

مملكة ما بعد خاشقجى

بقلم : خالد سيد أحمد

تواجه المملكة العربية السعودية حاليا، أشد أزمة فى تاريخها منذ إعلان قيامها فى عام 1932، جراء الضغط الدولى الرهيب الذى يوجه إليها أصابع الاتهام فى قضية اختفاء الكاتب الصحفى السعودى جمال خاشقجى، بعد دخوله إلى القنصلية السعودية فى اسطنبول يوم 2 أكتوبر الحالى.

هذا الضغط الذى تزداد وتيرته وتداعياته يوما بعد يوم، إثر التسريبات الصحفية التركية المتوالية، التى تشير إلى أن «فريق إعدام» سعوديا شارك فى قتل خاشقجى، كما قام بتقطيع جسده من أجل إخفاء الجريمة، رغم عدم وجود أى تأكيدات رسمية لتلك الروايات، سواء من جانب تركيا التى وقعت الجريمة على أراضيها، أو من السعودية التى اعتبرتها «أكاذيب ومزاعم لا أساس لها من الصحة»، كما صرح وزير داخليتها الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف.

ربما يقلل البعض من شأن هذه الأزمة، ويعتبرها ليست بهذا القدر من الخطورة، مقارنة بأزمة احتلال العراق للكويت عام 1990، عندما كانت قوات صدام حسين على مرمى حجر من الحدود السعودية، الأمر الذى أثار قلقا كبيرا فى «أرض الحرمين»، خشية إقدام الرئيس العراقى الراحل على خطوة مماثلة بحقها.

مخطئ من يترك نفسه أسيرا لهذا التصورغير الحقيقى.. ففى ذلك الوقت كان العالم أجمع مع المملكة قلبا وقالبا ــ باستثناء عدة دول لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة ــ. وفى ظرف أيام معدودات، تدفقت على السعودية القوات الأجنبية والعربية من كل حدب وصوب، دفاعا عن سيادتها المهددة من «الجار والأخ القوى»، واستعدادا لتحرير «شقيقتها الصغيرة» من قبضة «جيش النشامى» كما كان يحلو لصدام تسميته.

أما الآن فالوضع مختلف تماما.. فمقدار التعاطف مع السعودية فى قضية اختفاء خاشقجى، يمكن حصره فى بضعة بيانات رسمية لعدة دول من بينها «الصومال»، وكذلك أصوات إعلامية وسياسية عربية اعتادت دائما الالتحاق بركب المملكة ومواقفها، والدفاع عنها فى «الضراء والسراء».. «ظالمة أو مظلومة»!.

هنا يكمن جوهر الأزمة الحقيقية التى تواجهها السعودية اليوم.. فهذا التعاطف المحدود، الذى لم تكن تتوقعه حتى فى أسوأ كوابيسها، كان نتيجة طبيعية لتداعيات «واقعة اسطنبول» المخيفة، والتى نالت من الصورة التى حرصت المملكة على ترسيخها منذ عقود مضت، وهى أنها القلب النابض للعالم الإسلامى، و«قبلة المسلمين، ومهبط الوحى، ومهوى الأفئدة، وأرض القداسة، ومنطلق الرسالة»، كما يردد شيوخها. كما أنها الدولة الأكثر سخاء وعطاء عالميا بتقديمها مساعدات للمحتاجين والفقراء فى مختلف أنحاء المعمورة، و«قائدة العالم الإسلامى» وصاحبة «الدور البارز فى حفظ الأمن ومحاربة الإرهاب وترسيخ السلام والاستقرار فى المنطقة والعالم»، كما يقول سياسيوها!.

لا نستطيع الجزم إن كانت هذه الصورة باتت إرثا من الماضى، لكنها على أقل تقدير، أصبحت عرضة للتشويه والاهتزاز العنيف فى صباح كل يوم منذ أن وقعت الواقعة فى اسطنبول، ومع كل «تسريب» تنشره الصحف التركية عن تفاصيل «عملية القتل»، ومع كل خبر تذيعه قناة الجزيزة القطرية نقلا عن «مصادر مجهولة» بشأن تطورات القضية، وأيضا مع كل تصريح من جانب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، يتضمن «تهديدا بالعقاب» ويتبعه بابتزاز رخيص للمملكة!.

من الوارد جدا تخطى المملكة لهذه الأزمة، إما لفوائضها المالية الهائلة التى ستمكنها من فتح أبواب كثيرة للنجاة، أو لعلاقاتها القوية مع أطراف دولية لا تزال ترى فيها حليفا ينبغى عدم التفريط فيه، لكن فى كل الأحوال فإن «مملكة ما بعد خاشقجى»، لن تكون هى نفسها المملكة التى عهدناها من قبل!.

فى أوقات الأزمات والمحن والعواصف السياسية العاتية، تبرز فرص تاريخية، قد تكون «قليلة نسبيا»، لكن من يضع يده عليها ويقتنصها، يستطيع بلا شك تغيير مجرى التاريخ. المملكة الآن أمامها هذه الفرصة ويجب عليها عدم التردد فى اقتناصها، حتى تستطيع النجاة من هذه الأجواء الحالكة والمهلكة.. ما يجب فعله، هو أن تقف المملكة وتسأل نفسها صراحة.. من أوصلنا إلى هذا «المنزلق الخطر؟». إذا تمكنت من الإجابة تستطيع مع مرور الأيام معالجة التشوهات التى لحقت بصورتها، وإذا لم تفعل.. فالمقبل لن يكون أقل غيوما من الحاضر!.

نقلا عن الشروق

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مملكة ما بعد خاشقجى مملكة ما بعد خاشقجى



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon