بقلم - خالد سيد أحمد
لا توجد فوارق كثيرة، بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وبين رؤساء كثر فى دول العالم الثالث، خصوصا ممن يسيطر عليهم جنون العظمة، ويقومون بكل ما يستطيعون لاختزال الوطن فى اشخاصهم، ويتوهمون عن جهل وغباء أنه حال غيابهم عن المشهد وابتعادهم عن سدة الحكم، فإن دولهم ستسقط سقوطا مدويا، ويتحول مواطنوهم من بعدهم إلى أيتام على موائد اللئام.
فالرئيس الأمريكى أدلى بتصريحات قبل يومين تعبر عن هذه الحالة المرضية، التى انتابت من قبل عددا من الرؤساء فى هذه المنطقة، مثل حسنى مبارك ومحمد مرسى ومعمر القذافى وعلى صالح، الذين خيروا شعوبهم بين بقائهم على مقاعد الحكم بـ«العافية» أو مواجهة الفوضى، حيث قال ترامب إن عزله من منصبه قد يؤدى إلى عدد من النتائج الكارثية على الاقتصاد الأمريكى.
وأضاف فى حوار على قناة فوكس نيوز الأمريكية، أن عزله سيجعل اقتصاد أمريكا ينهار بالكامل، مشددًا على أن الجميع يعرفون بأن خطوة كتلك ستجعل الجميع فى أمريكا «فقراء».
تهديدات ترامب جاءت بعد تلقيه ضربتين قويتين الأسبوع الماضى، الأولى عندما أقر محاميه الشخصى السابق، مايكل كوهين، أمام قاض فيدرالى فى قاعة محكمة مكتظة بمنطقة مانهاتن بـ8 تهم، من بينها الاحتيال الضريبى والمصرفى وانتهاك القوانين الخاصة بتمويل الحملات الانتخابية خلال حملة الانتخابات الرئاسية عام 2016. واعترف كوهين، بأنه دفع مبلغى 130 و150 ألف دولار لشراء صمت امرأتين تقولان إنهما أقامتا علاقة جنسية مع ترامب، مؤكدا أن ذلك تم بطلب من ترامب لحماية ترشحه للانتخابات. أما الضربة الثانية فقد تمثلت فى صدور حكم من محكمة ألكسندريا، قرب واشنطن، بإدانة بول مانافورت، رئيس حملة ترامب الانتخابية السابق، بتهم الاحتيال المصرفى والضريبى.
وتظهر هذه الإدانات أن انتقادات الرئيس الأمريكى المتكررة خلال الشهور الماضية، قد فشلت فى إعاقة التحقيق الذى يجريه المدعى الخاص روبرت مولر بشأن احتمال وجود تواطؤ بين فريق حملته الانتخابية وروسيا للتأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2016 واحتمال عرقلة القضاء، وهو الأمر الذى يمكن ان يؤدى فى النهاية إلى عزل ترامب عن منصبه.
هذا الموقف الصعب الذى يواجهه الرئيس الأمريكى جعله يلجأ إلى تخويف مواطنيه بأنهم سيواجهون تداعيات اقتصادية كارثية حال عزله وسيصبحون فقراء، لكن هذا التهديد ينظر إليه الكثيرون على أنه كلام أجوف من رئيس مذعور، لن يقطع الطريق على ملاحقته قانونيا.
وكالة الصحافة الفرنسية، رصدت 3 خيارات استراتيجية رئيسية فقط أمام ترامب فى هذه الأزمة، وقالت إن أى خيار منهم لا يعد جيدا. فالخيار الأول هو التعاون مع مولر، وهو ما يتطلب منه تخليه عن دعمه لمستشارين سابقين على غرار مدير حملته الانتخابية السابق بول مانافورت، الذى تمت إدانته بالاحتيال المصرفى والضريبى. الخيار الثانى هو مهاجمة التحقيق وشراء الوقت، أما الثالث فهو ما يعتبره البعض «الخيار النووى» ويتمثل فى قيام ترامب بإقالة مولر وإلغاء التحقيق.
على أية حال، فإن كل الشواهد تدل على أن عزل الرئيس الأمريكى، بات السيناريو الأقرب إلى التحقق، حتى وإن لو لم يتم ذلك فى المدى المنظور، لكن بالتأكيد غيابه عن المشهد وسدة الحكم فى الولايات المتحدة، يعد مصلحة عالمية بعدما بدأت الكثير من دول العالم تشعر بخطورته على الاستقرار الدولى، بعد لجوء إدارته إلى سلاح العقوبات التجارية، ما يهدد باندلاع حرب اقتصادية عالمية، تلقى بظلالها على مختلف اقتصاديات العالم.
ليس هذا فقط، بل إن غيابه عن المشهد يعد فائدة ومصلحة عظيمة للعرب وضربة قاصمة لصفقة القرن التى يروج لها منذ شهور، وتشرعن اغتصاب الاحتلال الصهيونى للأرض العربية فى فلسطين، وتنهى هذه القضية العادلة نهاية ظالمة وإلى الأبد
نقلا عن المصرى اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع