توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حكايات السبت

  مصر اليوم -

حكايات السبت

بقلم - محمد السيد صالح

من يريد «تأميم الصحافة» مجدداً، قتلها. كثيرون يلوموننا، نحن الصحفيين، بأننا سبب الأزمة الحادثة، مع تردى نسب التوزيع، وانصراف القراء عن صحفنا وارتفاع أسعار الورق والأحبار. هم يظلموننا كثيراً رغم أن النسبة الأكبر من هذه المسؤولية، وراءها مناخ عام، قيود ولوائح ورقابة، وربما سوء فهم لكلمات موجزة قالها الرئيس ذات مرة!

تابعت كل ما كتب- تقريبًا- عن الأزمة الحالية. أفكار رائعة ومحترمة للغاية. الأستاذ عبدالمحسن سلامة، نقيب الصحفيين، رئيس مجلس إدارة الأهرام، سألنى قبل أيام، قال لى: «هل قرأت مقالى فى الأهرام، وأفكارى عن أزمة الصحافة؟». اعتذرت له وقلت له: سأقرؤه. بحثت عنه، أعجبنى ما فيه. دعوات بالتدخل لإنقاذ الصحافة، وكيف أن بقاءها قوية هى سند ودعم للنظام. سألته بشكل مقتضب: من يتحكم فى المشهد حاليًا؟ قلت لنفسى: إذا كان نقيب الصحفيين يشكو مثلنا، ولا يعرف إلى من يوجه شكواه فالأمر خطير جداً.

غير أن لدىَّ تفسيرا مختلفا للمشهد. أبدؤه بتساؤل بسيط، وسأحاول الإجابة قدر الإمكان: هل ما يحدث للصحافة، وحتى للصحافة القومية، وللفضائيات أيضًا، هو نتيجة مباشرة لرؤية الرئيس عن الإعلام. هو قال قبل ثلاثة أعوام تقريبًا: «الرئيس عبدالناصر كان محظوظًا بإعلامه». هل هذا جزء من مخطط عام لتصفية المؤسسات الصحفية الخاصة والحزبية، والاكتفاء بإصدار واحد لكل مؤسسة قومية على طريقة «إعلام عبدالناصر». من لديه القول الفصل فى هذه المسألة؟

سعيت للوصول إلى إجابة مقنعة فلم أصل إلى شىء. لا توجد خطة مكتوبة يتم السير على منهاجها. هناك مجموعة من الدراسات والاقتراحات، بدأت منذ نهاية عهد مبارك. وفى ظل حكومة «نظيف» بالتحديد، لترشيد الإنفاق العام على الإعلام الرسمى. تم تطوير هذه الخطط من قبل وزيرى التخطيط أشرف العربى وهالة السعيد، لكن الحادث الآن قد تجاوز كل هذه الخطط بمراحل.

لذلك فإننى أرى أن كلمة الرئيس قد أعيد تحميلها كل هذه الإجراءات، المستشارون يؤكدون استحالة حدوث هذه «العودة» فيما قد اخترقت وسائل الإعلام الأجنبية ووسائل التواصل الاجتماعى حياتنا على مدار اليوم، مع صعوبة حجب كل هذه الوسائل!.

نشر الزميل رشاد كامل فى «صباح الخير» جزءا من حوار له، مع الأديب والكاتب الراحل فتحى غانم، حول اجتماع الرئيس جمال عبدالناصر برؤساء التحرير وكبار الكتاب، والذى سبق تأميم الصحافة فى 24 مايو 1960.

ويقول «احتد عبدالناصر وهو يتحدث بلهجة لا تخلو من الوعيد»، قائلا: «إن مصر ليست النساء المطلقات فى نادى الجزيرة، مصر هى (كفرالبطيخ)».

ويضيف «لقد أحدث هذا الاجتماع هزة عنيفة، جعلت الصحف تردد كل يوم اسم (كفر البطيخ) وتملأ صفحاتها بتحقيقات عن (كفر البطيخ)»، وقد كتب الأستاذ سعد الدين وهبة، مسرحية باسم «كفر البطيخ» وهى بمقاييس الفن ناجحة، ولكنها أسهمت فى إطلاق الكثير من النكات عن مصر التى تحولت إلى كفرالبطيخ. لا أتمنى أن نصل إلى هذه الحالة!.

كلمة عابرة للرئيس تحولت إلى «منهج فكرى» لا خلاص منه.. بل لابد من اتباعه! صحافة مصر وصحفيوها مازالوا بخير، فلا تستهينوا بهم، وبما يكتبونه.

فى أجواء التأميم، انتقل أساتذة المهنة إلى لبنان و«الخليج» فبنوا صروحًا صحفية ومدارس للمهنة. مازالت تؤتى ثمارها.. لا تقلدوا هذه الممارسات الخاطئة والمنتقصة من مصر وأبنائها.. لا تقتلوا الصحافة مرة أخرى.

«الفضائيات» وإغلاقها

أنا متعاطف مع تامر عبدالمنعم، وخاصة ما جاء فى الفيديو الذى نشره على صفحته الشخصية، منتقداً الطريقة التى تم إيقاف برنامجه بها، على قناة العاصمة. لا تتعجبوا من هذا الموقف، إنه مبدأ! لم أشاهد برنامج «تامر» طوال عرضه ربما لقطات متناثرة على «يوتيوب» أو «فيسبوك» أراه مذيعًا متوسط الموهبة، وممثلا مقبولا. قد تكون آراؤه حادة، ولا يلتزم بالضوابط الإعلامية فيما يتعلق بما يقوله عن المختلفين معه سياسيًا. كل هذا لم يمنع تعاطفى معه. وأقنعنى ما قاله عن عدم صحة قرار ياسر سليم فى حقه. سليم هو نائب رئيس مجلس إدارة «إعلام المصريين»، رغم أننى أعرف زملاء أشادوا بالرجل وبسلوكه العام.

كثيرون تم إيقاف برامجهم على الفضائيات شبه الرسمية التى تمتلكها «الأجهزة السيادية»، وكذلك تم وقف عدد من المذيعين فى التليفزيون المصرى، آخرهم خيرى رمضان ورشا نبيل. جميع هؤلاء من الداعمين للرئيس ومساندون لجميع الإجراءات التى يقوم بها هو وحكومته. لماذا إذاً كل هذه القرارات الفجائية؟ بات إغلاق القنوات وتشريد المئات من الزملاء هنا وهناك خبراً روتينيًا، ولأنها قنوات «رسمية» أو «سيادية» فإن الأصوات المنددة بتسريح الزملاء ضعيفة جداً. ويبقى التساؤل: من يدير المشهد «الإعلامى» وهو سؤال كررته فى الجزء الأول من مقالى، لكنه هنا أكثر حدة؟ لأن خسائر هذه الفضائيات بالمليارات؟ هل كانت خطط القائمين عليها ناقصة. دراساتهم محدودة. لم يستعينوا بالخبراء الفاهمين، سواء أكانوا مصريين أم أجانب. أم هل تبدلت الأولويات. أعرف شرفاء ومخلصين من الذين أرادوا إعلامًا وطنيًا مستقلاً. هل تم تغييرهم، وتمت الاستعانة بمجموعة من الهواة محدودى القدرات والموهبة والخبرة.

بعد كل هذه المليارات التى تم إنفاقها، وعشرات القنوات الجديدة والقديمة والمتعثرة، لماذا لا توجد لدينا فضائية إخبارية واحدة ناجحة يتم الرجوع إليها دوليًا. لكل دولة محترمة نموذجها المختلف فى بناء فضائية كبرى.

عربيًا، حدث ولا حرج عن «الجزيرة» القطرية، و«العربية» السعودية. نموذجان متباينان، ولكنهما ناجحان إخباريًا وسياسيًا. نحن متعثرون «إخباريا».. مصر تصدر إعلاميين ناجحين للعالم كله، وتفشل فى صناعة فضائية إخبارية على قدر أهميتها وحجمها وثقافتها. لماذا يتعثر ميلاد «دى إم سى نيوز» ونسمع كلامًا متباينًا بشأنها؟ لماذا نغلق «أون تى فى لايف». من أراد لـ«إكسترا نيوز» أن تكون نسخة باهتة من «النيل للأخبار». كان لدينا مشاريع إخبارية محترمة فى «الحياة، ودريم، وأون، وسى بى سى» الآن يتم إفقارها وتجويع وتشريد العاملين فيها، بفعل فاعل. لمصلحة من كل هذا، لست أدرى.

أنا أعترف بأننى رجعت لمشاهدة الفضائيات الإخبارية الأجنبية لأعرف من خلالها أخبار مصر.. كنت أبدا يومى بالفضائيات المصرية الإخبارية. أتذكر وأنا صغير، كان والدى وأعمامى يسعون وراء إذاعات «مونت كارو وصوت أمريكا وبى بى سى» ليعرفوا منها ما يحدث داخل مصر. كان الإعلام المؤمم فقيراً وعبثيًا. هذا الزمن يعود. الأخطر، أن فى المشهد الآن ألغامًا عديدة.: قنوات كارهة لمصر تبث من تركيا وأوروبا وقطر. نسبة مشاهدة هذه القنوات تتزايد حتى فى الأوساط الرافضة للإخوان، ورغم أن صانع القرار يفهم هذا جيداً، يأتى ويقرر إغلاق الأصوات الإخبارية.

أخشى أن تكون هذه الإجراءات سببها- أيضًا- سوء تقدير البعض، لما قاله الرئيس أكثر من مرة حول عدم رضائه عن الكثير من البرامج الإخبارية والحوارية!.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكايات السبت حكايات السبت



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon