بقلم - محمد السيد صالح
رموزنا فى لندن
قلت لنفسى وأنا أنظر فى وجوههم لأسجلها فى أوراقى هنا وهم مجتمعون هنا داخل إحدى القاعات فى فندق شهير على ضفاف نهر «التيمز»: ماذا سينتج هؤلاء الرموز لنا، لو طلبت منهم الدولة المصرية ممثلة فى مؤسسة الرئاسة أو فى الحكومة وضع خطة طويلة الأجل لتطوير التعليم فى مصر. خطة لإنقاذ التعليم الجامعى ونقله لوظيفته التى بات يؤديها فى أنحاء العالم، شرقا وغربا، وليس كأداة لإضافة طابور من العاطلين كما يحدث فى مصر. الرموز الذين أقصدهم، جمعهم المهندس محمد فريد خميس، رئيس مجلس الأمناء للجامعة البريطانية فى مصر ومعه رئيس الجامعة الدكتور أحمد حمد، هم أعضاء مجلس أمناء الجامعة، وحضرت مع مجموعة من الزملاء الصحفيين اجتماعهم أمس الجمعة. لن أتناول هنا كل ما طرحوه من أفكار وخطط طموحة وبرامج مشتركة مع شركائهم هنا فى لندن وهى جامعة «لندن ساوث بنك» العريقة، ولا خططهم للاهتمام بفروع جديدة فى العلم، خاصة فى علوم الكمبيوتر والنانو تكنولوجى، ولا ما قاموا به من زيادة عدد المنح الدراسية للمتفوقين من خريجى الثانوية العامة، أو لطلاب المحافظات الحدودية أو كمنح لطلاب أجانب وخاصة من أفريفيا.
ابتعدت عن أسماء الرموز الذين اجتمعوا على منصة مجلس أمناء الجامعة البريطانية، وحلمت بهم يجتمعون فى لقاءات مغلقة، بصحبتهم مجموعة من الخبراء الأجانب أصحاب البصمات الواضحة فى هذا الشأن. الدكتور مصطفى الفقى، الدكتور مجدى يعقوب، الدكتور مصطفى السيد، السيد عمرو موسى، الدكتور سيد مشعل، الدكتور أحمد أمين حمزة، الدكتورة فينيس كامل جودة، الدكتور مجدى إسحق.
لا أتذكر أننى حضرت مؤتمرا أو حتى ندوة لتطوير التعليم الجامعى أو التعليم العام على مدى عملى بالصحافة. لدينا الآن خطة متكاملة أبدعها وزير التربية والتعليم وحده، وربما تكون جيدة، لكنها لم تخضع لحوار مجتمعى. معظم العائلات المقتدرة، ومعها الطبقة الوسطى باتت غير مؤمنة أو حتى متحمسة للتعليم العام الحكومى. ليتنا نبدأ بتطوير التعليم الجامعى، فالبدء فى إنقاذه ثم تطويره أيسر بكثير.
أتمنى من الحكومة، وهى أمنية وحيدة فى عيد ميلادى، أن أرى هؤلاء الرموز وغيرهم من الكفاءات والمتخصصين، يجتمعون لتطوير التعليم فى مصر.. فنحن بهذه العقول، وهذه الحضارة نستحق الأفضل.
ديون إعلامية
هل ستتغير معادلة الإعلام الرسمى، وخاصة الفضائيات، وجهات تملكه أو الإشراف عليه مع حركة التغييرات التى حدثت مؤخراً؟ اقتربت من هذا الملف خلال السنوات الماضية وحتى الآن لم ألمس فلسفة محددة للإعلام الرسمى، ولكنى أتمنى أن تتبلور عما قريب. فلدينا حاليًا معلومات غريبة عما يحدث فى هذا الملف وما ينفق فيه. أنا تحديداً حصلت على أرقام شبه دقيقة بخسائر محطة فضائية كبرى تتبعها أكثر من قناة وقد صدمنى الرقم، وعلمت أن باقى القنوات الكبرى تحقق خسائر متقاربة من الرقم الذى سمعته. لن أكتبه هنا لأننى لا أمتلك مستنداً، لكنه كلام متواتر، لكن ما شغلنى أكثر وأنا أناقش مجموعة من الأصدقاء الصحفيين، أن خسائر هذه الفضائيات فى عام واحد هى أكثر بكثير من خسائر مؤسسات صحفية قومية على مدار تاريخها للبنوك ولأجهزة حكومية.
وهذه الديون التى ورثها الزملاء عن عهود سابقة ومعظمها قبل ثورة يناير، حين كان نظام مبارك يغدق العطاء على هذه الصحف وخاصة لرؤساء مجالس الإدارة ورؤساء تحرير مقربين منه. الضغوط الآن بورقة هذه الديون تغيرت مصالحها فى الفترة الأخيرة، وصولاً لقانون الصحافة الجديد الذى سيكون الخاتمة، والطاقة الكبرى لهذه المؤسسات.
قد تكون بعض مواد هذا القانون منطقية وعادلة، لكن ما يشغلنى هنا سؤال واحد: ماذا لو استمر حصار المؤسسات القومية ونقلها؟ من سيساند الرئيس وحكومته؟ إعلام ضعيف ومهزوز وفقير لن ينتج إلا دعاية باهتة ومضللة. هل ستقوم الفضائيات الجديدة بهذا الدور؟ لا أعتقد ذلك.
نظامنا السياسى الحالى بتركيبته الظاهرة للعيان الآن، لا يصلح له إلا المؤسسات القومية ومعها التليفزيون الرسمى. ورغم أننى لا أنتمى إلى أى من هذه المؤسسات- فأنا ابن الإعلام الخاص المستقل، وسأظل مؤمنًا برسالته- فإننى أطالب هنا بالحفاظ على المؤسسات القومية ومنحها قبلة الحياة، ولو بتخصيص جزء بسيط من ميزانيات الفضائيات لهذا الغرض!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع