بقلم - سليمان جودة
فى المسجد الكبير فى مدينة طنجة المغربية، وقف خطيب الجمعة يقرأ من ورقة فى يده، وكان بليغاً فى التعبير عما يريد أن يقول، وكان يتكلم عن الدعاء، وكيف أنه مخ العبادة، ثم كيف أن له شروطاً، وأن الله تعالى لا يستجيب لأى دعاء إلا بشروط، وأن فى مقدمة هذه الشروط أن يكون مأكلك حلالاً!.
وعندما خرج الخطيب عن نص الورقة التى فى يده، كان من الصعب أن أتابعه، فاللهجة المحلية صعبة رغم مفرداتها العربية، وسوف تجد هذا فى كل بلد عربى تقريباً، وليس فى المغرب فقط، فلاتزال اللغة العربية الفصحى هى وحدها المفهومة بالوضوح نفسه، فى كل عاصمة عربية، ولايزال الإخوة فى المغرب قادرين على التحدث بالفصحى، فى عبارات قوية، وأداء مُحبّب!.
وفى حديث عابر مع سيدة مغربية عن اللهجة المحلية هناك، وعن اللهجة نفسها فى سائر بلاد العرب، قالت إنها مع بقية أفراد جيلها يفهمون العامية المصرية تماماً، وأن ذلك راجع إلى المسلسلات التى كانوا يتابعونها على شاشة التليفزيون المصرى، وأغنيات أم كلثوم، وعبد الحليم، وشادية، وفايزة أحمد، وفريد الأطرش، ومحمد عبد الوهاب.. إلى آخر هذه القائمة الذهبية!.
وعندما سألتها عما تتابعه هذه الأيام، قالت إنها تتابع المسلسلات التركية، وإن ذلك شائع فى محيطها، وإنها تتمنى لو عادت تتابع مسلسلاتنا كما كانت تفعل أيام زمان!.
وبسرعة كان خطاب التنصيب الذى ألقاه الرئيس يوم ٢ يونيو قد لمع فى رأسى، ففيه قال الرئيس إن أولويات الفترة الرئاسية الثانية ثلاث، وإن الثقافة من بين هذه الأولويات الثلاث!.
إننى أريد أن أسمع وأقرأ مع غيرى، ما يفيد أن الدكتورة إيناس عبد الدايم قد أخذت ما يخصها فى الأولويات الثلاث، ثم بدأت العمل عليه دون تأخير.. وما يخصها فى الموضوع أن يعود المسلسل المصرى أمام المشاهد العربى بديلاً عن المسلسل التركى، وأن يكون قوياً كما كان، وأن تكون الدولة شريكة فى إنتاج مسلسلين أو ثلاثة قوية فى كل سنة، وأن تحمل هذه المسلسلات إلى كل مشاهد عربى ما يجب أن نقدمه للأشقاء العرب، بديلاً عن القيم التى تُروج لها مسلسلات رجب طيب أردوغان!.
ما سمعته من السيدة المغربية جعلنى ألتفت إلى أن المسؤولية الملقاة على كاهل وزيرة ثقافتنا هائلة، وأنها مسؤولية عربية بقدر ما هى مصرية، وأن مجىء الثقافة بين الأولويات الثلاث لابد أن يصادف ترجمة حية فى وزارة الثقافة، وأن الذين يبحثون عن ثقافة مصر فى كل عاصمة عربية لابد أن يجدوها حاضرة أمامهم على الشاشة!.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع