توقيت القاهرة المحلي 21:29:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوكرانيا ـ روسيا... مَن انتصر ومَن انهزم؟

  مصر اليوم -

أوكرانيا ـ روسيا مَن انتصر ومَن انهزم

بقلم - سوسن الشاعر

كيف يقاس النصر أو الهزيمة؟ الجواب أنه يقاس بمدى اقترابك أو ابتعادك عن الأهداف السياسية التي من أجلها تخوض معاركك العسكرية، لا بمدى الخسائر والهزائم أو حتى الانتصارات في المعارك العسكرية. لنتذكر أن كل حرب عسكرية أهدافها سياسية، وخسائرك قد تكون فادحة ولكن العبرة في مدى إنجازها الأهداف وإن كانت تلك الأهداف تستحق تلك الخسائر أم لا.
وعلى هذا الأساس هل تعتبر روسيا إلى اليوم (الجمعة 1 أبريل/ نيسان يوم تسليم المقال) منتصرة أم مهزومة، خاصة أن الحرب لم تضع أوزارها بعد؟ والجواب بقدر اقتراب روسيا من الأهداف المعلنة المراد تحقيقها من اجتياح أوكرانيا، وهنا علينا أن نتذكر أن مطالب روسيا من الأوكرانيين قبل دخولها الحرب كانت ضمانات أمنية وعدم الانضمام لـ«الناتو».
أما بعد الاجتياح، فالرئيس بوتين وسّع من أهدافه ونقلها للرئيس التركي رجب طيب إردوغان لينقلها لأوكرانيا، وهكذا بدأت المفاوضات المباشرة بين الروس والأوكرانيين.
المطلب الأول، هو الحياد وعدم الدخول في حلف «الناتو»، وهذا ما رفضته أوكرانيا بتشجيع غربي قبل الحرب.
المطلب الثاني، هو الاعتراف بالسيادة الروسية على إقليم دونباس وجزيرة القرم، وهذا ما رفضته أوكرانيا بتشجيع أيضاً من الغرب قبل الحرب.
المطلب الثالث، هو الاعتراف باللغة الروسية في الأقاليم الانفصالية، وأن يتم التوقيع وجهاً لوجه مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي! وهذا مطلب جديد بعد الحرب.
بعد الجولة الأولى من المفاوضات أبدت أوكرانيا استعداداً لمناقشة تلك المطالب بعد أن كانت ترفضها بحجة السيادة، وظناً أن الرئيس بوتين لا يجرؤ على دخولها وأن الغرب لن يتركها وحيدة، ثم جاءت الرياح الروسية عكس سير السفن الأوكرانية كما هو معروف.
المطلب الأول، الحياد، وقّعت أوكرانيا تعهداً مكتوباً بعدم طلبها الآن أو مستقبلاً، الانضمام لـ«الناتو»، والضمانات الأمنية تحقق الكثير منها بعد أن قُضي على العديد من القواعد العسكرية الأوكرانية والقوات الجوية الأوكرانية وعدد من المراكز البيولوجية الأميركية الأوكرانية التي كانت تشكّل تهديداً للأمن الروسي، والعالمي أيضاً.
المطلب الثاني، يجري التفاوض حول تنفيذه والبحث عن حلول للإشكاليات القانونية التي قد تعرقله، مثل ضرورة إجراء استفتاء على انفصال هذه الأقاليم، وهذا يدل على مرونة أوكرانيا في قبوله واستعدادها له.
المطلب الثالث، لم ولن يكون عائقاً في ظل الاتفاق على المطلبين الأولين.
ما الذي بقي إذاً؟
عدم احتلال روسيا للشرق الأوكراني كله؟ عدم دخولها لكييف حتى الآن؟ عدم قدرتها على السيطرة على أوديسا، الميناء المهم في المياه الدافئة الذي تحاول روسيا اجتياحه ولم تنجح فيه إلى الآن؟
ذلك صحيح، إنما في المقابل لتلك المناطق التي لم تسيطر عليها، هناك شريط شرقي حدودي بري كامل سيطرت عليه روسيا، وهناك مدينة ماريوبول الساحلية التي سيطر عليها الشيشان، كل ذلك يضاف «فوق البيعة»، إذا جاز التعبير، إلى المطالب الثلاثة التي تحققت أو قاربت على التحقق إن تمت المفاوضات على ما جاءت به نتائج الجولة الأولى.
فإن انتهت الحرب على هذه المعطيات وبعد هذه الحسبة، هل تعتبر أن الخسائر في الجيش الروسي تستحقها تلك المكاسب؟ تلك تحددها أهمية تلك المكاسب بالنسبة للأمن والاقتصاد الروسيين مستقبلاً، إنما المؤكد أن روسيا بتلك الحسبة ضمنت حياد أكبر دولة أوروبية على حدودها، وضمنت لها مواقع في المياه الدافئة، وعملت على فصل أهم إقليم يشكّل منجماً لها، فهل بعد هذه الحسبة تعتبر روسيا انتصرت أم لا؟
الإعلام الغربي هلّل حين صرّحت روسيا بأنها ستخفف التصعيد في القتال حول كييف ومدينة تشرنيهيف في أثناء المفاوضات، واعتبر ذلك إقراراً بالهزيمة بعجز الجيش الروسي عن هزيمة الجيش الأوكراني، ولنتذكر فقط أن الجيش الأوكراني يحارب بدعم لوجستي غربي كامل وتحركات خصمه مكشوفة تماماً.
الأهداف الأميركية كانت من البداية جر روسيا للحرب وعزلها واختبارها عسكرياً وإضعافها عسكرياً واقتصادياً، وقد تحقق جزء كبير من أهدافها ولو مؤقتاً، ويعتمد نجاحها على قدرة الروس على التعافي من تلك الخسائر وتجاوزها أم لا، فهل يعتبر ذلك نصراً أميركياً؟
أما المكاسب والخسائر التي هي خارج الحسبة كثيرة جداً جداً، بل هي خارج حدود الأوكرانيين والروس، وتشمل أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط والصين والهند.. باختصار العالم كله تأثر من هذه الحرب، وأمور كثيرة حدثت شكّلت منعطفات في تاريخ العلاقات الأميركية - الأوروبية والأميركية - العربية والخليجية منها تحديداً، والنقاش يدور الآن على أن يحل الروبل والين محل الدولار، وهذا ما أجرى العديد من المتغيرات في علاقات العالم بالمحور الصيني - الروسي، تلك حسبة أخرى تحتاج إلى مقال آخر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوكرانيا ـ روسيا مَن انتصر ومَن انهزم أوكرانيا ـ روسيا مَن انتصر ومَن انهزم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon