بقلم - سوسن الشاعر
تقرير قناة «بي بي سي» الذي قام به الصحافي بول وود، لم يكن هو التقرير الأول الذي يكشف العلاقة الوثيقة بين قطر والجماعات الإرهابية؛ فالتقارير والدراسات والأبحاث الأميركية التي تتناول موضوع تمويل الميليشيات الإرهابية كثيرة وعديدة، منها تلك التي اعتمدتها الإدارة الأميركية وكذلك الأمم المتحدة في إعلان الأسماء المطلوبة للقضاء الأميركي، ومنها تقرير أصدرته مؤسسة «الدفاع عن الديمقراطيات» الأميركية إبان إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، وهو تقرير مطول أصدرت منه الجزء الأول عام 2014، وبعد ثلاث سنوات أصدرت الأجزاء التالية، قام به الدكتور ديفيد أندرو واينبرغ، الباحث والمستشار للكثير من المراكز البحثية، وكذلك للجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، اطلعت على الأجزاء، الأول الذي صدر عام 2014، والثاني والثالث اللذين صدرا عام 2017 وعنوانه «قطر وتمويل الإرهاب»،
يقول الدكتور واينبرغ في مقدمة الجزء الأول: «في اختبارات أداء قطر في مجال مكافحة تمويل الإرهاب، وفي مراجعة فكرة أنها صديق يمكن الاعتماد عليه وحليف للولايات المتحدة، ثبت أن قطر على الرغم من حجمها الصغير، فإن الدوحة الآن كما وصفها بعض المسؤولين الأميركيين تعتبر أكبر مصدر للتبرعات الخاصة للجماعات المتطرفة في سوريا والعراق».
ويكمل واينبرغ «أكد أحد المسؤولين الأميركيين في المنطقة لمكافحة تمويل الإرهاب في أكتوبر (تشرين الأول) بعد زيارة قطر، أنه لا يزال (لديهم المزيد من العمل للقيام به)، وأن المواطنين القطريين الذين هم تحت عقوبات الولايات المتحدة والأمم المتحدة بتهمة تمويل الإرهاب ما زالوا يتمتعون بالحماية القانونية»، وفي سبتمبر (أيلول) صرح دبلوماسي غربي في الدوحة للصحافة بأن «هناك ثمانية إلى 12 من الشخصيات البارزة في قطر قدموا الملايين من الدولارات للجهاديين»، الكثير منه ذهب إلى تنظيم القاعدة في سوريا أو لـ«جبهة النصرة» أو حتى لـ«داعش».
ثم يضيف «إن المشكلة الكبرى في قطر هي عدم وجود إرادة سياسية حقيقية لإنفاذ القانون»، ويعرض هذا التقرير أسماء لعشرين من ممولي الإرهاب القطريين يتمتعون بالحماية داخل الأراضي القطرية.
يتناول التقرير في جزئه الأول والجزأين التاليين علاقة قطر بتنظيم القاعدة منذ 11 سبتمبر (أيلول) 2001، أي منذ تفجير البرجين، واستمرار تلك العلاقة حتى اليوم، ويتتبع بالتفصيل تحركات عشرين شخصاً قطرياً، ويذكر المؤسسات الأهلية التي يتحركون من خلالها وعلاقتهم بالميليشيات المقاتلة لاحقاً في كل من سوريا، والعراق، ولبنان، واليمن، ومصر، وأفغانستان، والصومال، وجنوب آسيا، وهي أسماء وردت في قوائم أعلنت عنها وزارة الخزانة الأميركية ومطلوبة للعدالة، كما تبنتها الأمم المتحدة وطالبت قطر باتخاذ الإجراءات القانونية حيالها، وبعضها ورد ذكره في تقرير «بي بي سي»، ومع ذلك ما زالت تلك الأسماء حرة وتتمتع بالحماية السياسية هناك. ثم يستعرض التقرير كيف ساهم المال القطري في تأسيس شبكة تمويلية خاصة مدعومة من أشخاص نافذين في أسرة آل ثاني في بقاء الكثير من التنظيمات الإرهابية ناشطة ومستمرة إلى الآن.
ويخلص التقرير في جزئه الثالث، كما جاء في مقدمته، كيف انتهى الأمر إلى خيارين ما زالت الإدارة الأميركية مترددة حيالهما فيما يتعلق بعلاقتها بالدوحة. وأكد التقرير، أنه «من أجل المصالح الأمنية الأميركية ومن أجل الأمن الدولي والإقليمي لا بد أن تحسم الولايات المتحدة قرارها في أيهما له الأولوية؛ إذ عليها أن تقرر كيف يمكنها الموازنة بين منافعها الاستراتيجية مع قطر، وتفاضل بينها كدولة تستضيف أكبر قاعدة أميركية، أو كدولة تتحرك على أرضها أكبر شبكة تمويل للإرهاب»، انتهى الاقتباس.
ونحن نقول، إن دول التحالف الرباعي التي قاطعت قطر لديها المزيد من الأدلة على الدعم القطري للإرهاب الذي طال دولها هي، أي مصر، والبحرين، والمملكة العربية السعودية، والإمارات، وليس فقط سوريا، والعراق، وليبيا، وتونس، والمغرب، واليمن، والسودان؛ ولذلك حسمت تلك الدول الأربع أمرها؛ لأنها جادة في مكافحة الإرهاب، ولأنها تعرف، كما تعرف الولايات المتحدة، أن قطر ما زالت حتى اللحظة تدعم الإرهاب وتموله وتوفر له الدعم المالي واللوجيستي، وعلى رأسها الإعلامي، ويبقى السؤال ذاته الذي طرحه واينبرغ، متى تحسم الولايات المتحدة أمرها بخصوص الإرهاب بجدية؟
نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع