توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«يوم التأسيس» إعادة الاعتبار لـ«الدولة»

  مصر اليوم -

«يوم التأسيس» إعادة الاعتبار لـ«الدولة»

سوسن الشاعر
بقلم - سوسن الشاعر

إنه مشروع ضخم ذلك الذي تعنى به المملكة العربية السعودية وإحدى أدواته الاحتفاء بيوم التأسيس، إنما المشروع أشمل وأكبر، ويضم تحت مظلته عملاً جباراً تخوضه جميع المؤسسات لإعادة الاعتبار «للدولة».
وللعلم أربع من دول الخليج العربي مضى على أسرها الحاكمة ما يقارب الثلاثة القرون ومستمرون إلى يومنا هذا، هم آل سعود في المملكة العربية السعودية منذ 1727م، وآل الصباح في دولة الكويت منذ 1756م، وآل خليفة في مملكة البحرين منذ 1783م، وآل البوسعيد في سلطنة عمان منذ 1744م، وضعوا حجر أساس «للدول» بحدودها السيادية وبنظمها وبمؤسساتها التي تطورت سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، أي أن عمر هذه الدول وحكمها يزيد عن عمر استقلال الولايات المتحدة الأميركية الذي حدث 1776م على سبيل المثال.
ولم يخطر على بال أي من الأجداد أننا كدول سنضطر إلى أن نبين ونوضح ونسلط الضوء على ما تعنيه «الدولة» ككيان سياسي، يشمل الأرض والشعب ونظاما سياسيا برابط أو عقد اجتماعي أو ما نسميه نحن بخصوصيتنا (البيعة)، فقد ظننا أن قيمة هذا الكيان وأهميته للعيش والسلام والاستقرار والتنمية مسألة بديهية، لا تحتاج لتوضيح لولا المهددات والمستجدات.
لذلك حين تحتفي المملكة العربية السعودية بـ«يوم التأسيس» فإنها تسلط الضوء على هذه الحقيقة التي حاول الكثير طمسها أو القفز عليها، وتعيد الاعتبار من جديد للإعجاز الحضاري العربي والإسلامي الذي نجح في توحيد هذه الرقعة الجغرافية الممتدة على مساحة مليوني كيلومتر مربع، أي ما يعادل مساحة فرنسا وبريطانيا وألمانيا مرتين!! والحافلة بالتنوع الجغرافي والحضري والقبلي تحت راية واحدة.
وحري بجميع هذه الدول أن تعيد الاعتبار لتلك الحقائق التاريخية الدامغة التي تؤكد شرعية الحكم التاريخية، وتؤكد امتداد هذا الكيان السياسي الذي تأسس طوال هذه القرون، حتى لا يستهان بدولنا اعتقادا منهم أننا أبناء الأمس.
إن الاستهانة بالمهددات أخرت وأجلت وربما غيبت عنا ضرورة غرسها في الذهنية والذاكرة الوطنية، تلك المهددات التي تغلغلت للداخل في جميع هذه الدول عن طريق الجماعات التي تدثرت بالدين، وعملت على تحطيم كل ما له علاقة «بالدولة» كي تذيب الحواجز، وتجعل الهوية الوطنية عائقا لا بد من إزاحته أمام الهوية الجامعة، فحالوا بين المواطن وهويته الوطنية، فلا احتفاء بعلم ولا بنشيد وطني ولا بيوم وطني، ووضعوا أنفسهم صنوانا للحكم بحجة المرجعية للشرع وجعلوا من أنفسهم ومرشديهم مرجعية، منعوا العناية بالآثار التاريخية، خلطوا الزي بين ما هو عائد للإرث، وبين ما هو قادم من الشرق حتى تماهت الهويات فلم يعد للدولة رمزيتها ولا صورتها المعكوسة في الذهنية واضحة المعالم.
تحت غطاء الدين والمذهب ضاعت الهوية الوطنية، وتحولت إلى عائق وعاشت الأجيال صراع الهويات بأبشع صورها، ولم تشأ الدولة حينها التصادم مع هذه الجماعات، فقط كانت تحاول أن تخفف من حدة هذا الصراع والاقتناع بأنه لا تضاد بينها، إلى أن كشفت تلك الجماعات عن وجهها وبينت أهدافها من دون مواربة بأنها تسعى إلى إسقاط «الدولة» وليس فقط محو هويتها، حينها بات الأمر مسألة بقاء وصمود، واحتاج الأمر إلى إعادة الاعتبار لكل ما هدم وطمس لتكون «الدولة» و«هويتها» الجامعة والقاسم المشترك بين جميع الأفراد فيها من شرقها لغربها ومن شمالها لجنوبها، ويكون العمق التاريخي لها مصدر فخر واعتزاز لأبناء هذه الدول بجميع تنوعاتهم المذهبية والعرقية.
والأهم أن هذا البُعد التاريخي غاب حتى عمن يتعامل معنا، حتى اعتقدت دول غربية أننا دول تأسست بفضلها.
لقد كانت كلمة وزير الخارجية السابق عادل الجبير «نحن لسنا جمهورية موز» للحكومة الكندية عام 2018، دليلا على الحاجة لتنبيه المجتمع الدولي برُمته أن يعرف تاريخ هذه الدولة، وعمرها وما يعنيه هذا الامتداد والبقاء والصمود طوال هذه الفترة رغم كل الظروف الصعبة التي مرت بها مراحل التأسيس.
لقد أسس الأجداد هذه الدول ولم يكن هناك أي من آثار الموارد الطبيعية غير شحها، وبنوها وعمروها وأقاموا دعائمها، وبينهم وبين أهل هذه الأرض بيعة في الرقاب لمدة تقارب القرون الثلاثة.
تلك هي الرسالة القوية ذات الأهمية القصوى، التي جعلت من الاحتفاء بيوم التأسيس رسالة للداخل والخارج بأن من يتعامل مع «الدولة» عليه أن يعرف تاريخها ويحترم هويتها الوطنية، وحري بأبنائها الفخر والاعتزاز بها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«يوم التأسيس» إعادة الاعتبار لـ«الدولة» «يوم التأسيس» إعادة الاعتبار لـ«الدولة»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon