توقيت القاهرة المحلي 21:31:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف انقلبت الآية ومَن الضحية ومن الجلاد؟

  مصر اليوم -

كيف انقلبت الآية ومَن الضحية ومن الجلاد

بقلم - سوسن الشاعر

لم يسبق للفلسطينيين أن حصلوا على هذا الزخم من التعاطف الدولي والتأييد الشعبي، وذلك موقف لم ينجح الفلسطينيون ولا العرب، بما كانوا يملكون، من الحصول عليه طوال الثمانين عاماً الماضية.

كما لم يسبق لإسرائيل، منذ نشأتها إلى اليوم، أن حصلت على هذا الحجم من الاعتراض والاحتجاج عليها وعلى سلوكها، بعد أن كانت محصَّنة تماماً ومحمية، ويظلّل عليها الغرب بشكل منحاز، وكأنه يحاول التكفير عن «الهولوكوست» عن طريق هذا الدعم الذي بلا حدود؛ فكيف انقلبت الآية؟

من قال إن هذا كله بفضل السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، أي بفضل ما فعلته «حماس»، نقول إنما ذلك حصل بفضل غباء إسرائيل وحكومة نتنياهو تحديداً، وبفضل منافذ إعلامية لم تكن موجودة سابقاً بهذا الانتشار (كمنصة «إكس») ساهمت بتجاوز الظلال الإعلامية المسيطَر عليها، الاثنان ساهما في إسقاط القناع الإسرائيلي، ورأى العالم وجهاً آخر لإسرائيل لم يظهر سابقاً، وجهاً مناقضاً للصورة التي روّجت وسوقت لها لأجيال، ولولا غباء حكومة نتنياهو لما انكشف هذا الوجه، ولما رآه الناس.

اعتمد الدعم الغربي لإسرائيل طوال العقود الماضية على تصويرها «كضحية»؛ حَمَل ديمقراطي وديع وسط غابة من الهمج والوحوش العربية البدوية البربرية التي تتضافر عليها تريد أن تفترسها وتلقيها في البحر، والسابع من أكتوبر أكد ووثق هذه الصورة، ووقف العالم كله متعاطفاً ومؤازراً إسرائيل في اليوم الأول، وكانت الأصوات التي تبرِّر لـ«حماس» مقموعة ولا تجد لها منفذاً، إلى أن قررت إسرائيل الرد، وهنا ارتكبت أكبر خطأ في تاريخها منذ 1948؛ فجميع المجازر التي ارتكبتها سابقاً لم تكن بهذا التوحُّش، ولم تحظَ بمنصات إعلامية تنشرها، وهذا ما حظيت به مجازر غزة هذه المرة.

لو كان نتنياهو ذكياً، ولم تغلب عليه طبيعته المتوحشة العنصرية، وتمالك نفسه، وأبقى على الصورة التي حظيت بها إسرائيل في السابع من أكتوبر؛ صورة الضحية الوديعة التي كان سكانها يحتفلون بنسائهم وأطفالهم وبسلام، ثم هجم عليهم متوحشون قتلوا النساء والأطفال، وخطفوا العديد من المدنيين رهائن، لبقي الوجه الحقيقي لإسرائيل مغطّى، ولساهَم الإعلام في إبراز صورة الضحية، ولكان التعاطف الدولي لصالحها.

ولكن شاء القدر أن يكون خصمك غبياً؛ ففضح نفسه بنفسه، ولم تعد إسرائيل تلك الضحية المعتَدى عليها، بل برز الوحش الذي كان متنكّراً، وظهرت قسوته وظلمه بشكل غير مسبوق ومنقول على الهواء مباشرة لم يترك له فرصة للتعتيم والتغطية، رأى الناس صور جثث الأطفال وصوراً مروّعة لفلسطينيين لم يشهدوها حتى في أكثر الأفلام رعباً، رأى العالم الخوف والهروب الجماعي عند مَن صُوّروا على أنهم رعاع وهمج ومتوحشون، أصبح الفلسطينيون ضحايا (وهم كذلك)، إنما للمرة الأولى تُنقل الصورة الحقيقية للوضع الواقعي في إحدى مدن الاحتلال، بفضل غباء نتنياهو وحكومته، وتلك رمية من غير رامٍ سددها الله للفلسطينيين والعرب.

لأول مرة تُعاد صياغة التاريخ من جديد، ويبحث الرأي العالم الغربي عن نشأة إسرائيل، وعدم الاكتفاء بما ينقله إعلامهم... لأول مرة ساهمت منصتان؛ الأولى «إكس» والثانية «التيك توك»، وهما خارج سيطرة التيارات والمؤسسات الحزبية، فيكتشف الرأي العام الغربي الحقيقة المروّعة، وينقلب السحر على الساحر، وتنقلب الآية؛ فيصبح الحمل الوديع متوحشاً، والوحش ليس سوى ضحية.

التعاطف الدولي وصل إلى درجة غير مسبوقة، وذلك مكسب وفرصة على الفلسطينيين الحفاظ عليها وعدم إهدارها أو «تغييرها»، بل عليهم توظيفها.

البقاء في خانة الضحية ضرورة ملحَّة من أجل الإبقاء على هذا الضغط الشعبي الدولي على الحكومات الغربية... تلك ورقة تفاوضية مهمة ساعدت الإسرائيليين سابقاً، وحصل عليها الفلسطينيون الآن، فإن فقدها الفلسطينيون بسبب تهور «حماس» مرة أخرى فسيضيع هذا المكسب ويُهدَر من جديد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف انقلبت الآية ومَن الضحية ومن الجلاد كيف انقلبت الآية ومَن الضحية ومن الجلاد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon