توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف انقلبت الآية ومَن الضحية ومن الجلاد؟

  مصر اليوم -

كيف انقلبت الآية ومَن الضحية ومن الجلاد

بقلم - سوسن الشاعر

لم يسبق للفلسطينيين أن حصلوا على هذا الزخم من التعاطف الدولي والتأييد الشعبي، وذلك موقف لم ينجح الفلسطينيون ولا العرب، بما كانوا يملكون، من الحصول عليه طوال الثمانين عاماً الماضية.

كما لم يسبق لإسرائيل، منذ نشأتها إلى اليوم، أن حصلت على هذا الحجم من الاعتراض والاحتجاج عليها وعلى سلوكها، بعد أن كانت محصَّنة تماماً ومحمية، ويظلّل عليها الغرب بشكل منحاز، وكأنه يحاول التكفير عن «الهولوكوست» عن طريق هذا الدعم الذي بلا حدود؛ فكيف انقلبت الآية؟

من قال إن هذا كله بفضل السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، أي بفضل ما فعلته «حماس»، نقول إنما ذلك حصل بفضل غباء إسرائيل وحكومة نتنياهو تحديداً، وبفضل منافذ إعلامية لم تكن موجودة سابقاً بهذا الانتشار (كمنصة «إكس») ساهمت بتجاوز الظلال الإعلامية المسيطَر عليها، الاثنان ساهما في إسقاط القناع الإسرائيلي، ورأى العالم وجهاً آخر لإسرائيل لم يظهر سابقاً، وجهاً مناقضاً للصورة التي روّجت وسوقت لها لأجيال، ولولا غباء حكومة نتنياهو لما انكشف هذا الوجه، ولما رآه الناس.

اعتمد الدعم الغربي لإسرائيل طوال العقود الماضية على تصويرها «كضحية»؛ حَمَل ديمقراطي وديع وسط غابة من الهمج والوحوش العربية البدوية البربرية التي تتضافر عليها تريد أن تفترسها وتلقيها في البحر، والسابع من أكتوبر أكد ووثق هذه الصورة، ووقف العالم كله متعاطفاً ومؤازراً إسرائيل في اليوم الأول، وكانت الأصوات التي تبرِّر لـ«حماس» مقموعة ولا تجد لها منفذاً، إلى أن قررت إسرائيل الرد، وهنا ارتكبت أكبر خطأ في تاريخها منذ 1948؛ فجميع المجازر التي ارتكبتها سابقاً لم تكن بهذا التوحُّش، ولم تحظَ بمنصات إعلامية تنشرها، وهذا ما حظيت به مجازر غزة هذه المرة.

لو كان نتنياهو ذكياً، ولم تغلب عليه طبيعته المتوحشة العنصرية، وتمالك نفسه، وأبقى على الصورة التي حظيت بها إسرائيل في السابع من أكتوبر؛ صورة الضحية الوديعة التي كان سكانها يحتفلون بنسائهم وأطفالهم وبسلام، ثم هجم عليهم متوحشون قتلوا النساء والأطفال، وخطفوا العديد من المدنيين رهائن، لبقي الوجه الحقيقي لإسرائيل مغطّى، ولساهَم الإعلام في إبراز صورة الضحية، ولكان التعاطف الدولي لصالحها.

ولكن شاء القدر أن يكون خصمك غبياً؛ ففضح نفسه بنفسه، ولم تعد إسرائيل تلك الضحية المعتَدى عليها، بل برز الوحش الذي كان متنكّراً، وظهرت قسوته وظلمه بشكل غير مسبوق ومنقول على الهواء مباشرة لم يترك له فرصة للتعتيم والتغطية، رأى الناس صور جثث الأطفال وصوراً مروّعة لفلسطينيين لم يشهدوها حتى في أكثر الأفلام رعباً، رأى العالم الخوف والهروب الجماعي عند مَن صُوّروا على أنهم رعاع وهمج ومتوحشون، أصبح الفلسطينيون ضحايا (وهم كذلك)، إنما للمرة الأولى تُنقل الصورة الحقيقية للوضع الواقعي في إحدى مدن الاحتلال، بفضل غباء نتنياهو وحكومته، وتلك رمية من غير رامٍ سددها الله للفلسطينيين والعرب.

لأول مرة تُعاد صياغة التاريخ من جديد، ويبحث الرأي العالم الغربي عن نشأة إسرائيل، وعدم الاكتفاء بما ينقله إعلامهم... لأول مرة ساهمت منصتان؛ الأولى «إكس» والثانية «التيك توك»، وهما خارج سيطرة التيارات والمؤسسات الحزبية، فيكتشف الرأي العام الغربي الحقيقة المروّعة، وينقلب السحر على الساحر، وتنقلب الآية؛ فيصبح الحمل الوديع متوحشاً، والوحش ليس سوى ضحية.

التعاطف الدولي وصل إلى درجة غير مسبوقة، وذلك مكسب وفرصة على الفلسطينيين الحفاظ عليها وعدم إهدارها أو «تغييرها»، بل عليهم توظيفها.

البقاء في خانة الضحية ضرورة ملحَّة من أجل الإبقاء على هذا الضغط الشعبي الدولي على الحكومات الغربية... تلك ورقة تفاوضية مهمة ساعدت الإسرائيليين سابقاً، وحصل عليها الفلسطينيون الآن، فإن فقدها الفلسطينيون بسبب تهور «حماس» مرة أخرى فسيضيع هذا المكسب ويُهدَر من جديد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف انقلبت الآية ومَن الضحية ومن الجلاد كيف انقلبت الآية ومَن الضحية ومن الجلاد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon