توقيت القاهرة المحلي 22:28:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحرب على إيران على نار هادئة

  مصر اليوم -

الحرب على إيران على نار هادئة

بقلم : سوسن الشاعر

 لا يحتاج الأمر إلى مواجهة عسكرية مع إيران كي نتخلص من مشروعها التوسعي الخطير والمهدد لأمننا وسيادتنا، فالمواجهة العسكرية أصبحت شكلاً من أشكال الحروب التقليدية البائدة والمكلفة. الحروب كما نرى لها أشكال غير تقليدية، وهي أكثر تأثيراً، وتنخر النظام الحاكم من الداخل، وترغمه على التهاوي.

كما لا يحتاج الأمر انتظار قرار الإدارة الأميركية بالتخلي عن الاتفاق النووي الإيراني، أو انتظار اقتناع أوروبا بخطورة هذا النظام على الأمن الدولي كله، كي نعرف إن كانوا جادين في مواجهة المشروع الإيراني أم لا، فقد وصلت لهم الصورة واضحة، ويبقى القرار نابعاً من مصالحهم الخاصة لا من مصالحنا.

الاستراتيجية التي تتبعها المملكة العربية السعودية الآن هي الأنجع والأكثر فعالية والأقل تكلفة. أهم ما في الموضوع ألا تكون السعودية في عجلة، دعوها على نار هادئة! وتتركز في جعل تكلفة وجود إيران خارج حدودها تكلفة عالية الثمن، بعد أن كانت تتحرك بأريحية في الساحة العربية دون اعتراض أو تدخل من دول الخليج، على مدى العقود الثلاثة الماضية، احتراماً للعهود والمواثيق الدولية، ولشؤون الشعوب العربية الخاصة.

بفضل التحول في السياسة السعودية الذي ركز على استهداف الوجود الإيراني، أصبح الاحتفاظ بقواعد النظام الإيراني في سوريا مكلفاً مادياً وبشرياً، وذلك بالتعاون والتنسيق الدولي بين المملكة والولايات المتحدة، دون انتظار لموافقة روسية أو موافقة بطبيعة الحال من نظام متهاوٍ فيها. واستنزافها مالياً وبشرياً أصبح أمراً واقعاً. دعوها تغرق في مستنقعها، وتنشغل بالتصدي للهجمات المتصاعدة على قواعدها، وهذا ما يحدث الآن دونما حاجة لأي تصادم مباشر.

وكذلك في اليمن، عميلها الخائن منهك ومستنزف، ويحتاج دوماً إلى مزيد من الصواريخ الباليستية والخبراء، لمساعدتهم للبقاء صامدين أمام غارات التحالف. وها هم يُحصدون واحداً تلو الآخر.

على الشعب الإيراني أن يعرف أن نظامه سيدفع ويبذل كثيراً من المال والرجال للاحتفاظ (بمكاسبه) في الدول العربية، إذ ستتضاعف حاجته لابتعاث مزيد من (الخبراء) لدعم ميليشياتهم المسلحة العميلة، الذين سيعودون لهم في توابيت، كما يحدث الآن في سوريا واليمن.

وعلى الشعب الإيراني كذلك أن يعرف أنه سيحتاج لكثير من المال، لشراء ذمم العرب من عملائه لتوظيفهم لخدمته.

حين كانت الساحة السياسية خالية صافية لهم ليعبثوا فيها، امتنعت السعودية عن التدخل في لبنان أو العراق أو دول عربية أخرى، على أساس أن تلك الدول لها سيادتها؛ ولكن جاءنا الشر الإيراني من العراق ومن لبنان، وأصبح التدخل مشروعاً ما دامت الدولة لم تكبح جماح الأحزاب الموالية لإيران. وها هي السعودية تشجع حلفاءها حلفاءها من أحزاب تلك الدول من أجل التخلص من النفوذ الإيراني، رغم أن فوهة المسدس الإيراني موجهة إلى رأس الشعبين العراقي واللبناني في انتخاباتهم الحالية.

الجديد في هذه الدول أن إدراك الخطر الإيراني بدأ يتصاعد حتى عند التيارات الموالية لها؛ سواء بسبب حجم النهم والطمع الإيراني لاستنزاف موارد تلك الدول، أو بسبب حملات التوعية واستنهاض الروح العربية لدى تلك الشعوب التي تقودها السعودية، وأيا كانت الأسباب، فإن مقاومة في المناطق الشيعية تحديداً لتلك الزعامات الموالية لإيران بدأت تتسع.

صحيح أن فرصة التغلب على الأحزاب العميلة لإيران ضئيلة حالياً في العراق ولبنان، بعد أن تغلغل النفوذ الإيراني وسط الأحزاب الموالية له، بالابتزاز وبالتهديد وبشراء الذمم وبتغيير القوانين وتجييرها لصالحها، كما حدث في لبنان لعقود طويلة، إلا أن الصوت المناهض لإيران وعملائها بدأ يتجرأ على الارتفاع في العلن، وذلك أمر لم يكن له وجود قبل سنتين فقط ويحتاج إلى دعم.

يساعدنا في توعية الشعوب العربية بالخطر الإيراني طمع هذا النظام ونهمه، فإيران مدت يدها حتى وصلت للجزائر والمغرب أيضاً، مما يسهل علينا عملية إقناع تلك الدول بخطورة النظام الإيراني، وضمهم لحلفنا في محاربة نفوذه، خاصة أن إيران لا يهمها طبيعة الميليشيات المتمردة التي تسلحها، فهي إلى جانب تسليحها للميليشيات الشيعية كـ«حزب الله»، و«الحشد الشعبي»، والحوثيين، تسلح إيران «القاعدة»، وأخيراً تقدم السلاح لما يعرف بجبهة البوليساريو! فالهدف الأساسي من دعم التنظيمات المتقاتلة هو تفريغ الدولة العربية من سلطتها المركزية، بالتمرد، ومن ثم سقوط النظام الموجود، فيحدث الفراغ الذي تريد إيران تعبئته.

فإن نجحنا في التصدي لعملائها في الخارج بهذه السياسة الذكية الهادئة، إلى جانب دعم الحركات الانفصالية والمعارضة الإيرانية في داخلها، وإن نجحنا في حث المجتمع الدولي على فرض العقوبات الاقتصادية عليها، فإننا لن نحتاج مواجهة عسكرية معها. دعوها تنضج على نار هادئة.

نقلا عن الشرق الآوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب على إيران على نار هادئة الحرب على إيران على نار هادئة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon