بقلم: سوسن الشاعر
قد يشكل الاتفاق الصيني الإيراني صدمة للإدارة الأميركية ويعد فشلا لسياستها، إنما المؤكد أن الاتفاق الصيني الإيراني لم يكن ردة فعل تجاه العقوبات الأميركية، الاتفاق هو حصانة جديدة لإيران من أجل استكمال مشروعها التوسعي والتعاون بين الدولتين للوصل للبحرين الأبيض والأحمر كي تتمكن الصين عن طريق الجسر الإيراني من اختصار أميال على طريق الحرير!
لنتذكر أنه منذ اتفاق 2015 الأميركي الإيراني والعلاقات في أفضل حالاتها كانت إيران تعزز مواقعها التوسعية والإدارة الأميركية تغض الطرف عنها، معتقدة أن المستفيد الأخير من هذا التوسع هو إيران فحسب، حتى جاء الاتفاق الصيني الإيراني لنعرف من هو المستفيد الأخير.
نشر تقرير في الأول من أبريل (نيسان) في مجلة «إنترناشيونال إنترست» الأميركية حول الأخطاء التي ارتكبت على صعيد العلاقات الإيرانية الأميركية، والتي يجب ألا يكررها الرئيس جو بايدن، كتبه وانج شوي الذي كان سجينا في إيران من عام 2016 حتى عام 2019، يقول إنه «لا يوجد مثال ناجح على «المشاركة البناءة» بين الولايات المتحدة وإيران، وأن اتفاق عام 2015 تم تحقيقه من خلال الضغط فقط» أي أن هذه هي اللغة التي يفهمها النظام الإيراني، وأن التنازل لإيران لا يؤدي إلى النتائج المرجوة بل بالعكس تستغله إيران لاستكمال مشروعها الأهم والأول.
فالتقرير يقول إن أوباما (افترض) وهنا أضع خطين تحت كلمة افترض أن التنازل لإيران سيحسن سلوكها ويقلل خطرها على المنطقة.
وبالنص جاء في التقرير «وعد أوباما بإنهاء برنامج إيران النووي، من خلال التوصل إلى صفقة مع طهران» فماذا فعل أوباما؟ أوباما تنازل لإيران عن بند الرقابة الدائمة، فوقع اتفاقا مدته خمسة عشر عاما فقط، معتقدا أن هذه المدة كافية لتحسين سلوك إيران تجاه المنطقة وتجاه الولايات المتحدة الأميركية.
«بحلول صيف 2015، تم تقليص الوعد من خلال بند في الاتفاق بتأجيل البرنامج النووي الإيراني مدة 15 عاماً».
واعتبر التقرير أنه لا يمكن تفسير هذا الحل الوسط إلا من خلال اعتقاد أوباما بأن الانخراط البناء مع إيران سيغير سلوكها على أساس أن طهران ستدرك أن التعامل مع الولايات المتحدة سيكون لصالحها، وفي النهاية تتصرف بمسؤولية على الساحة الدولية.
ذلك كان افتراض إدارة أوباما أما (الواقع) وأضع سطرين تحت كلمة الواقع كما جاء بالنص في التقرير:
1: «أجرت إيران تجارب صواريخ قبل وبعد تنفيذ الاتفاق رسميًا»، مضيفاً أنه حتى ولو تم تجاهل الجوانب غير النووية لسلوك إيران وتم التركيز على القضية النووية.
2: «فمنذ توقيع اتفاق عام 2015، رفضت إيران رفضاً قاطعاً التفاوض على أي شيء يتجاوز ما هو مكتوب حرفيا في ذلك الاتفاق».
إذن إيران رفضت التفاهم على أي موضوع وإيران طورت تجاربها الصاروخية، وماذا أيضا؟
الافتراض كما جاء في التقرير أن «التواصل بين الشعبين الإيراني والأميركي سيتعزز كما تصوره أوباما، بعد التنازل وتخفيف العقوبات». الواقع كما جاء في التقرير:
«دخلت طهران في نوبة اختطاف رهائن بعد إبرام الصفقة مباشرة واعتقال عدد من رجال الأعمال والأكاديميين الأميركيين، الذين سعوا إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والثقافية بين الإيرانيين والأميركيين».
وأشار شيوي في تقريره إلى أنهم جميعاً أدينوا بتهمتي «التجسس» و«التسلل»، وحكم عليهم بالسجن لمدد طويلة، واستخدمهم النظام الإيراني كرهائن لابتزاز الولايات المتحدة.
استنتاج التقرير بالنص:
«يجب أن تفهم إدارة بايدن الإطار الاستراتيجي الحقيقي، وهو أن المصالح الأساسية للولايات المتحدة وإيران متضاربة، لأن هدف أميركا الأساسي في الشرق الأوسط هو احتواء إيران، بينما تريد إيران توسيع نفوذها ومعارضة الولايات المتحدة».
ثانيا: «النظام الإيراني يحتاج إلى العودة إلى الاتفاق النووي فقط لرفع العقوبات» وليس لتحسين سلوكه في المنطقة أو لتحسين علاقته بالولايات المتحدة الأميركية» انتهى.
وهكذا نرى أن من اقترب من أرض الواقع يرى إيران على حقيقتها وكاتب التقرير عايش هذا الواقع ولامسه، بل ودفع ثمن أخطاء الإدارة السابقة بالسجن ثلاث سنوات في إيران وخرج بنفس النتيجة التي نكررها منذ 2010 إلى الآن.
إيران تستخدم النووي ورقة ضغط على الإدارة الأميركية من أجل إشغالها عن مشروعها الرئيسي، وهو التمدد والوصول إلى منابع النفط وإلى البحر الأحمر والمتوسط، الجديد الآن أن هذا التوسع أصبح برعاية صينية!