توقيت القاهرة المحلي 22:02:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أميركا التي تغيرت

  مصر اليوم -

أميركا التي تغيرت

بقلم - سوسن الشاعر

أميركا تغيرت، لم تعد تلك التي استقبلت الطلبة الخليجيين في الستينات والسبعينات وحتى في الثمانينات. أميركا الآن تسير في عكس اتجاهها الأول، لسنا نحن من نقول هذا، بل هم أهلها من يقول: إننا تغيرنا.
ما زال حنين العرب لأميركا القديمة يسيطر على الكثيرين الذين يبررون لها «جرائمها» بأنها مجرد أخطاء وسوء تقدير وعدم إدراك، إنما ليس في الأمر سوء نية أو تخطيط أو «مؤامرة»... في حين يتحسر الأميركي على أميركا زمان.
يقول ضابط الاستخبارات الأميركي جو كيرياكو لتلفزيون «العربي»: كان لدينا قانونان نمتثل لهما متعلقان بضوابط الاستجوابات؛ الأول اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب ولم نكن أحد الاطراف الموقعة عليها فحسب، بل نحن من صاغها وكتبها. والثاني هو حكم صدر بحق معذبين عام 1946، ففي ذلك العام أعدمنا جنوداً يابانيين استخدموا أسلوب الإيهام بالغرق في تعذيب الجنود الأميركيين. لذلك في يناير (كانون الثاني) عام 1968 أثناء حرب فيتنام حين نشرت «واشنطن بوست» صورة لجندي أميركي يعذب فيتناميين بالطريقة ذاتها أمر وزير الدفاع بأن يلقي القبض على هذا الجندي الأميركي واتهم بالتعذيب وحكم عليه بالسجن عشرين عاماً.
«القانون لم يتغير بل نحن من تغيرنا»... هذا ما قاله الضابط الأميركي، وهنا نقف لنرى حجم التغير الذي يراه الأميركيون ولا يقبل أن يراه من يظن أنها لم تتغير.
يقول الضابط: اليوم أصبح المعذِبون أبطالاً شعبيين يحميهم النظام الأميركي بكل سلطاته، لأن من يعذب المتهمين أو المحكومين هو بطل يحاول حماية الولايات المتحدة.
حسناً، والقانون؟ والحكم بالسجن عشرين عاماً ماذا حدث له؟
يجيب الضابط: اكتشف الأميركيون طرقاً وأساليب لاستنطاق المتهمين أو لإنزال أشد أنواع العقوبات خارج نطاق القانون، بمعنى أن السجناء المقيدة حرياتهم يعدّون معاقبين، ولكن السجان في هذه الحالة لم يكتفِ بتقييد الحرية... إنه يريد عقوبة أكبر حتى من الموت، فالموت رحمة في بعض الحالات، لذلك تعلموا طرقاً للتعذيب بلا عواقب، كيف؟ هذا ما شرحه ضابط الاستخبارات الأميركي السابق جون كيرياكو بالقول لتلفزيون «العربي»: للتعذيب الأميركي شروط لا بد أن تتوافر له قبل بدئه؛ الأول أن تكون لدى المعذِب (بكسر الذال) حصانة من الجهات العليا جداً جداً، فلا تكفي حصانة الضابط المسؤول ولا الرتب الأعلى ولا حتى حصانة الوزير، بل لا بد أن تحظى أساليبه بموافقة الرئيس الأميركي ذاته، خصوصاً في بعض الحالات التي يكون فيها السجين شخصية معروفة.
الشرط الثاني: لا بد أن يكون تعذيباً مبنياً على أسس علمية توصل الشخص المعذَب إلى مشارف الموت، لكن لا تترك أثراً جسدياً واضحاً يدينه في حال جرى تحقيق وعُرض المعذَب (بفتح الذال) على أطباء شرعيين غير أطباء السجون.
الشرط الثالث: لا بد أن يجري التعذيب في حضور أطباء للتدخل في حالات المشارفة على الموت لإنقاذه في اللحظات الأخيرة وتهيئته للجولة التي تليها.
هنا المذيع يسأل الضابط: ماذا هناك أكثر من الضرب، والتعليق بالأوضاع المجهدة، والتهديد بالقتل، والإيهام بالدفن، والإيهام بالغرق، والروليت الروسي، والتوابيت المغلقة، والحرمان من النوم، والحرمان من التطبيب، والإذلال الجنسي، والبرد والحرارة، والموسيقى الصاخبة، والتغذية الشرجية؟
يضيف الضابط الأميركي على هذه القائمة (الثرية!): هناك أساليب أخرى مبتكرة استخدمناها على السجناء وماتوا ولم يتحدث عنها أحد ولم يحاكم عليها أحد... مثلاً كانوا يعرفون أن «أبو زبيدة»، وهو أحد المعتقلين من تنظيم «القاعدة» يخاف من الحشرات خوفاً غير طبيعي، فوضعوه في تابوت مجرداً من ملابسه وألبسوه حفاضة وألقوا عليه صندوقاً من الصراصير وتركوه لمدة أسبوعين كاملين يفتحونه بين الفترة والأخرى لإسقائه الماء أو لإطعامه حتى يبقى حياً ويتعذب أكثر. الهدف كان أن يصاب بالجنون.
وهناك أساليب أخرى كأسلوب الزنزانة الباردة، حيث يعلق السجين مقيد اليدين في السقف، فلا يمكنه الجلوس أو الاستلقاء أو الركوع أو أي وضع يريحه بأي شكل، ويجرد من ملابسه وتخفض درجة الحرارة إلى 12 درجة مئوية، وكل ساعة يأتي ضابط ويلقي عليه دلواً من الماء المثلج... لقد قُتل شخصان باستخدام هذا الأسلوب.
أما التعذيب الأسوأ في نظري فهو الحرمان من النوم، إذ إننا نعلم من الجمعية الأميركية لعلم النفس أن الإنسان يبدأ بفقدان صوابه بعد مرور سبعة أيام من الحرمان من النوم، ويبدأ في الموت من اليوم التاسع لأن أعضاءه تبدأ بالتوقف، وسمح للمخابرات بأن يستخدموا هذا الأسلوب لمدة اثني عشر يوماً!!
أسلوب آخر وهو وضعية الجدار، إذ يلف المحقق منشفة على رقبة السجين ويمسكه من أطرافها ويدفعه ناحية جدار مصمم خصيصاً لهذ النوع من أساليب التعذيب يفترض فيه أن يكون مصنوعاً من الخشب، وعندما يرتطم رأس السجين بالحائط الخشبي فإنه يرتد ويؤلم، ولكن ما فعلوه بـ«عمار البلوشي» أنهم لم يضعوا المنشفة ولم يكن الحائط خشبياً بل من الخرسانة فأصيب بتلف في المخ وأصبح معاقاً، هذا الأسلوب من التعذيب حصل على موافقة من وزارة العدل ومن مستشاري الأمن القومي ومن الرئيس الأميركي.
سأله المذيع: وهل تم ذلك بإشراف الأطباء؟
نعم... أجاب ضابط الاستخبارات للتأكد من عدم موت المعذَب ويحرص على أن يعيش حتى يتعذب أكثر.
لا نقول إننا أفضل وأرحم إنما نقول إنهم آخر من لهم الحق في إعطائنا دروساً ومراجعة سلوكنا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا التي تغيرت أميركا التي تغيرت



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon