توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

امتحان الجدية في المبادرة السعودية

  مصر اليوم -

امتحان الجدية في المبادرة السعودية

بقلم: سوسن الشاعر

حظيت المبادرة التي قدمتها المملكة العربية السعودية لحل الأزمة اليمنية بتأييد دولي واسع، نقلت المبادرة من الملعب الإقليمي إلى الملعب الدولي، لتصبح الكرة الآن في ملعب المجتمع الدولي الذي أصبح مسؤولاً عن إجبار الطرف المتعنّت على قبولها.
انعكست قناعة الإدارة الأميركية الجديدة بجدية المملكة العربية السعودية على بقية أعضاء الأمم المتحدة، وتبنى قناعتها العديد من الدول بعد جولات المبعوث الأميركي المكوكية بين اليمن والسعودية، كانت المبادرة امتحاناً للجدية والقدرة على تحمّل المسؤولية بشجاعة قدمت فيها السعودية نموذجاً حاز إعجاب الجميع.
فما يميز المبادرة التي أطلقتها المملكة العربية السعودية لحل الأزمة اليمنية، أنَّها قُدّمت في وقتٍ للمملكة اليد الطولى في موازين القوى على الأرض وفي الجو والبحر، وهذه نقطة جوهرية تبين مدى جدية السعودية في إنهاء معاناة الشعب اليمني ووضعها موضع الأولوية في أي حل لهذه الأزمة، ونقطة جوهرية تبين في الوقت ذاته، لماذا رفضتها طهران الآن، والتي لا تعنيها تلك المعاناة بقدر ما تعنيها مصالحها التوسعية الاحتلالية!
فحين تكون السيطرة الجوية كاملة للجهة التي تقدمت بالمبادرة، فإنَّها تمنحها أوراقاً تفاوضية أكبر؛ وهذا ما لا تريده طهران.
وحين ترد السعودية بقوة على استهداف المدنيين من مواطنيها فلا تترك مجالاً للعدوان يلتقط أنفاسه، فإن تقدمها في الوقت ذاته بمبادرة للسلام، فذلك موقف عسكري يعطي المملكة كل الوقت في صالحها، على عكس الطرف الآخر الذي يشعر أنه مضغوط في ظرف حرج ومضطر إلى القبول أو الخسارة؛ ولهذا رفضت طهران المبادرة، لأنها جاءت في وقت ليس في صالحها.
ما يميز المبادرة السعودية كذلك أنها حظيت بتأييد دولي من أطراف دولية متنازعة النفوذ في المنطقة، وهذا نادراً ما يحصل؛ فالتأييد الأوروبي إلى جانب الصيني والروسي لحق بالتأييد الأميركي والأممي، وجمع التضاد في موقف واحد كهذا، لا بد أن تقف وراءه حنكة وذكاء سياسي وقدرة على جمع المصالح المشتركة في سلة واحدة، وهذا ما فعلته الخارجية السعودية.
فقد صرح السفير البريطاني وبصراحة غير مسبوقة مايكل آرون، بأن السفير الإيراني الموجود بصنعاء حسن إيرلو، غير شرعي لدى حكومة غير شرعية وغير معترف بها دولياً.
وانتقد آرون في مقابلة تلفزيونية مع قناة «العربية» التدخلات الإيرانية في اليمن، وعلق على تغريدة للسفير الإيراني بصنعاء حسن إيرلو بالقول «إيرلو تحدث عن أهمية ألا يكون هناك تدخل أجنبي في اليمن، وهذا بالفعل مهم جداً، ولكن إيران تتدخل حقيقة في اليمن، وهذا سلبي للغاية».
وصف السفير البريطاني في اليمن مايكل آرون، الدور الإيراني في اليمن بـالـ«سلبي جداً»، مشيراً إلى أن وجود السفير الإيراني في صنعاء «غير شرعي»، وطهران جزء من الأزمة اليمنية؛ إذ هي من تمول الحوثيين بالمال والسلاح، حسب قوله.
أما وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، فقال «إنه التقى نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، ووزيري خارجية ألمانيا وفرنسا»، مضيفاً «من الضغط من أجل السلام في اليمن، إلى منع إيران من أن تصبح قوة نووية، تقف بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا معاً كقوة للخير»، كما قال.
وأضاف «التقيت شخصياً لأول مرة الثلاثاء مع بلينكن وهايكو ماس (وزير خارجية ألمانيا) وجان إيف لودريان (وزير خارجية فرنسا) لبحث التحديات والفرص التي تنتظرنا».
وكذلك فعلت روسيا والصين والاتحاد الأوروبي، جميعهم وضعوا الكرة في الملعب الإيراني الآن؛ مما جعل طهران في موقف حرج، وعليها أن يكون لها ردة فعل واضحة.
إن مجرد الحديث العلني عن الدور الإيراني في الملف اليمني كان مفقوداً؛ مما أعطى إيران فرصة للمناورة، ولكن المبادرة التي أطلقتها السعودية أجبرت الأطراف الدولية على مواجهة اللاعب الحقيقي وليس دُماه التي يحركها تحت مسمى «أنصار الله».
أخيراً، ما يميز المبادرة السعودية أنَّها صادرة من دولة ليس لها أطماع توسعية، كما أنه ليس لها تاريخ أو ذاكرة استعمارية، كما هو الحال مع إيران التي تطمع لاستعادة نفوذ تمددي تاريخي للدولة الفارسية، كما أن يد هذه الدولة ما زالت ملطخة بدماء أبناء المنطقة، ولم تغتسل منها بعد وهي التي تزودهم بالسلاح كي تزيد الصراعات تأجيجاً، في حين تواصل السعودية تقديم المساعدات والمعونات والإغاثات لأبناء الدول العربية كافة، ولا يعرف عنها أبداً أي طموح توسعي أو احتلالي.
فالمبادرة صادرة من دولة قدمت لليمن الكثير، سواء باحتوائها على ملايين اليمنين المقيمين في المملكة، أو بالمساعدات التي تقدم لليمن بشكل مباشر أو عبر منظمات الإغاثة الدولية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

امتحان الجدية في المبادرة السعودية امتحان الجدية في المبادرة السعودية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon