توقيت القاهرة المحلي 07:04:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما بعد أفغانستان؟

  مصر اليوم -

ما بعد أفغانستان

بقلم : سوسن الشاعر

حالة الارتباك التي تمر بها الولايات المتحدة الأميركية، المتمثلة في الفوضى التي خلفتها في أفغانستان بعد الانسحاب، هي دليل ساطع على المسافة الفاصلة بين الواقع وبين التنظير عند الحزب الديمقراطي الأميركي، وبرهان على حالة الانفصال عن الحقيقة، هذا ليس رأينا فقط بل هو رأي غالبية الأميركيين.
وأين هي المشكلة بالنسبة لنا في دولنا العربية؟
المشكلة أنه تم الاستناد إلى معطيات غير واقعية لرسم وتحديد مصائر شعوبنا، والنتيجة لا تختلف كثيراً عن أفغانستان، ولا تقل عنها فوضى ودماراً على تلك الشعوب.
وتبقى المكابرة رغم كل الدلائل إلى أن يطال شرر تلك الفوضى سلامة وأمن المواطن الأميركي نفسه، حينها فقط يتم الانتباه إلى لسعات النقد الحارقة من مواطنيهم.
فعلى قناة «فوكس نيوز»، يوم الأحد قبل الماضي، وفي برنامجها الشهير، قامت جنين فارس بيرو، وهي قاضية سابقة ومدعٍ عام عن ولاية نيويورك، بتوجيه دعوة لمحاكمة جو بادين محاكمة عسكرية على خلفية الانسحاب من أفغانستان.
قالت موجهة كلامها إلى بايدن: «إنك مغيب عن الواقع، ولا تدري ما يحدث، وأن ما يجري على الأرض مخالف تماماً للمعلومات التي لديك»، ثم استعرضت جملة من تصريحاته وقابلتها بصور للأحداث، فبايدن يقول «(طالبان) لن تسيطر على كابل» و«إن عملية الإخلاء لن تكون كما حدث في فيتنام»، ثم بالمقابل استعرضت صوراً من الفوضى في مطار كابل وفيديو سقوط أشخاص من الطائرة، وكلها وقائع تخالف ما يظنه بايدن.
وتعجبت جنين من سرعة الفوضى في دولة كانت تحت السيطرة الأميركية لساعات فقط قبل قرار الانسحاب، على رغم أنهم من دربوا جيشها وشرطتها، وهي دولة من دول العالم الثالث، لكنها أجبرت قوى عظمى على الهرب بهذه الصورة التي لا تليق بها، فتركت هذه الفوضى وراءها. ثم تساءلت: «كيف ستفي بوعدك للأميركيين الراغبين في المغادرة بإعادتهم إلى بلادهم؟». ووجهت للرئيس أسئلة أخرى من خلال برنامجها «العدالة»: «كيف سلمتهم أهم قاعدة لنا في الشرق الأقصى، وهي قاعدة باغرام؟ وكيف سلمتهم الأسلحة المتطورة؟ وكيف تركت الحلفاء من الشعب الأفغاني الذين رهنوا حياتهم بالتعاون معنا تحت رحمتهم؟ واتهمته بأنه عرض حياة الأميركيين الذين تركوا في كابل للخطر (وهذا قبل حادثة تفجير المطار التي راح ضحيتها أكثر من عشرين أميركياً)، وعرض حياة الأفغان الحلفاء للخطر، بل وعرض قوات التحالف للخطر، هؤلاء الحلفاء الذين ذهبوا معنا - على حد قولها - لأفغانستان، لأننا نحن الأميركيين من تعرض للهجوم في 11 سبتمبر (أيلول) 2001 وليسوا هم، ومع ذلك تركتهم هناك من دون أن تهتم بسلامتهم، فعرضتنا جميعاً للإذلال، وجعلت البرلمان البريطاني والحكومات الفرنسية والألمانية والدنماركية تقول إن ما حدث من إرباك لحلف الناتو لم يحدث له طوال تاريخه منذ لحظة تأسيسه إلى اليوم بسبب قرارنا. جعلتنا لا نستحق أن نكون قوة عظمى بهذا القرار وبتلك السياسة».
ثم أردفت موجهة كلامها للرئيس: «إنك وصديقك أوباما قبل سبع سنوات أطلقتما سراح خمسة من أكثر الإرهابيين خطراً على أميركا من غوانتنامو، وحينها حذرناكم جميعاً من خطورة ما فعلتموه، ولكن غروركم لم يترككم تصغون للآخرين». واستعرضت جنين في الحلقة نفسها فقرات قديمة من برنامجها تعود لتلك السنة وهي تحذر أوباما بأن من يفعله يشكل خطراً على الأمن القومي الأميركي.
من وجهة نظري وما يهمنا نحن في الشرق الأوسط أن ننتهز الفرصة لنؤكد أنه عمل يفضح المسافة التي يعيشها الحزب الديمقراطي بعيداً عن الواقع خارج الولايات المتحدة، ويكفي حالة الارتباك هذه أن تدق جرساً لدى الحزب أن يعي أن هذه المسافة البعيدة التي لا يعترف بوجودها حالت بينه وبين الواقع، وعرضت حياة الأميركيين للخطر، وهذا ما يهمهم، أما نحن فنضيف بل تسببت استراتيجيتهم في هلاك مئات الآلاف من البشر خارج حدود الولايات المتحدة الأميركية، بدءاً من أفغانستان مروراً بكل دول الشرق الأوسط، وتسببت في تشريد ونزوح الملايين، بفضل هذه السياسة المغيبة عن الواقع.
نتمنى أن يكون هذا الحدث الذي لن ينساه الأميركيون طوال حياتهم، آخر مسمار في نعش السياسة الأفلاطونية الخارجية للحزب الديمقراطي الأميركي، فتعيد قراءتها للواقع في عالمنا العربي وشرقنا بناءً على معايشة حقيقية لا على نظريات ورقية!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد أفغانستان ما بعد أفغانستان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon