توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإدارة الأميركية السابقة وتبعات أخطائها؟

  مصر اليوم -

الإدارة الأميركية السابقة وتبعات أخطائها

بقلم - سوسن الشاعر

الأخطاء التي يقر بها السياسيون الأميركيون السابقون في منطقة الشرق الأوسط، بعد مغادرتهم مناصبهم، لا يتحملها الأميركيون، وحتماً لا يتحملها الساسة الأميركيون، إنما تتحملها الشعوب وقيادات المنطقة معهم، بل إن قيادات المنطقة هم من يعالجون تبعات تلك الأخطاء، ويدفعون الثمن مع شعوبهم في ترميم ما تم هدمه بواسطتها.

أزيدكم من الشعر بيتاً، تلك «الإقرارات بالأخطاء المتأخرة» هي مصدر رزق للساسة السابقين، فهي ملح مقابلاتهم التلفزيونية التي يجرونها بمقابل مادي جزيل، وهي لب كتبهم التي يطبعونها، وندواتهم التي يعقدونها، إذ لا بد أن يأتي الضيف في برامجهم الحوارية أو الكاتب بخبر جديد يتصدر النشرات، وإلا لا فائدة من استضافته، وليس أفضل من خبر الإقرار بالأخطاء السابقة.

وكان جون كيري، وزير الخارجية الأميركي الأسبق، قد أكد لقناة «سي إن إن» في دافوس، الأسبوع الماضي، رداً على سؤال عما إذا كانت إيران قد استخدمت جزءاً من 150 مليار دولار التي حصلت عليها بعد رفع العقوبات لدعم الجماعات الإرهابية، إنه «بعد التسوية بلغت المطالبات المتعلقة بالديون نحو 55 مليار دولار، حصلت عليها إيران التي قد تكون أرسلت جزءاً منها للجماعات المصنفة إرهابية».

وقال كيري: «أعتقد أن جزءاً من هذه الأموال وصل إلى الحرس الثوري الإيراني وكيانات أخرى مصنفة منظمات إرهابية». وأضاف أنه «لا يوجد شيء يمكن للولايات المتحدة القيام به لمنع ذلك». انتهى.

السؤال هو هل سيكون إقرار كيري هو الأخير في سلسلة الإقرارات بالأخطاء الأميركية بعد الخروج من المنصب؟ ألم تسبقه هيلاري كلينتون؟ وكسينجر ومادلين أولبرايت وغيرهم وغيرهم؟

ألم يصر جون كيري حين كانت مفاوضات «النووي» تجري على قدم وساق أن سياستهم مدروسة، وأنهم سيمنحون الضمانات على حسن سير وسلوك إيران بعد الاتفاق؟

ألم يتهموا من يخالفهم حينها بأنه لا يرغب في السلام، وليس حليفاً لهم، وأن من يخالفهم هو من المتشددين تماماً كالجناح المتشدد الإيراني لا يريد السلام؟

ألم يعطوا الضمانات بتحسن سلوك إيران، وبأنها الشريك الحضاري ذو العمق التاريخي؟ ألم يؤكدوا أن هناك جناحاً للمعتدلين يقوده جواد ظريف الذي سيدفع إلى الاعتدال وتلبية استحقاق حقوق الإنسان وسيحسن الجوار و... و... و...؟

هل تذكرون كيف دافع كيري عن ظريف، وكيف صوره على أنه يواجه جناحاً متشدداً، ولا بد من مساعدته؟

أتذكرون الضجة التي ثارت في إيران بسبب صورة ظريف وهو يتمشى مع جون كيري في جنيف بعد جلسة مباحثات مطولة، وكتبت الصحف الإيرانية أن ظريف كان «يمشي على دماء الشهداء»، وكل تلك البروباغندا التي صورت إيران بجناحين، أحدهما متشدد والآخر معتدل؟

ألم نؤكد لهم حينها أن سياستهم خاطئة، وأن النظام الإيراني إرهابي دموي ليس به جناح اعتدال وجناح تشدد، بل إنه مصدر للإرهاب، وإن دخولهم للشرق الأوسط أحد أهم أسباب زيادة وتيرة الإرهاب؟

حينها كنا نحن على خطأ، وجون كيري على صواب، وبعد خمس سنوات يظهر كيري على الملأ ويقول: احتمال أن تكون إيران مولت الجماعات الإرهابية من الأموال التي استعادتها من أميركا! احتمال؟ يعرف أنه مؤكد.

إنما ليس هذا ما يغيظ، ما يغيظ هو اللامبالاة بتبعات أخطاء هؤلاء، فالذي لا يعيره جون كيري أي اهتمام أن ضحايا خطئه أسر قتلت وأطفال ونساء وعجزة تشردوا. أخطاؤهم ليست حسابات ورقية، بل أخطاؤهم تقع على شعوب ومجتمعات، وتحتاج إلى سنوات وجهود كي ترمم تلك الجراح التي تخلفها.
ما فعله نظام الملالي داخل إيران أو في الشرق الأوسط كان بدعم لا محدود من إدارة باراك أوباما، ومن جون كيري تحديداً عراب الاتفاق النووي، الذي على يده استعادت إيران 55 مليار دولار، وبهذه الأموال تم تشريد وقتل وتهجير الملايين من البشر، وبسبب إيران تعاني أوروبا من أزمة المهاجرين مالياً واجتماعياً وسياسياً، وبسبب إيران تدار الآن حروب بالوكالة وصراعات في سوريا والعراق واليمن ولبنان، وبسبب إيران الآن يموت لنا كل يوم شباب، وندفع كلفة الدفاع عن أوطاننا مليارات. وبعد ذلك يقول كيري «إننا لا نستطيع أن نفعل شيئاً حيال ذلك»، أي أنهم لا يملكون أن يفعلوا شيئاً حيال هذا الإرهاب الذي ذهب ضحيته الملايين.

تلك الصحوات التي تحل بكل مسؤول أميركي بعد مغادرته المنصب تؤكد لنا أنهم لا يعرفوننا، وحتى لو عرفونا جيداً لا يعيروننا أي اهتمام، بل ربما يعرفون ولا يبالون، لذلك فإن القرارات التي تمس منطقتنا وأمننا وسلامتنا هي مسؤوليتنا وحدنا، وأن استقلالية قراراتنا حتى لو كانت مخالفة لسياستهم نتحمل وحدنا تبعاتها، وأن على العرب الذين ما زالوا يظنون أن الأميركيين على صواب حتى حين يخطئون أن يفيقوا من وهمهم!

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإدارة الأميركية السابقة وتبعات أخطائها الإدارة الأميركية السابقة وتبعات أخطائها



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon