توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البحث عن العامل X

  مصر اليوم -

البحث عن العامل x

بقلم - سوسن الشاعر

حين استمعت للسيد عبيد خلفان السلامي، عضو المجلس الوطني الاتحادي، وهو يتحدث عن احتلال الأجانب للوظائف المهمة في دولة الإمارات، عجبت لأنني كنت أظن أننا في البحرين الوحيدون الذين نعاني هذه المشكلة ضمن دول الخليج، والتي تتمثل في وجود سوق نامية تخلق فرصاً لوظائف ذات رواتب مجزية، إنما ينالها الأجانب لا المواطنون.

هذا الموضوع هو حديث المدينة عندنا في مملكة البحرين، ويبدو من حديث الأخ عبيد أن المشكلة موجودة أيضاً في الإمارات، ولا أظن بقية دول الخليج بعيدة عنا، بدليل هذا الكم من العمالة الأجنبية في دولنا، وبالأخص الذين يحتلون مراكز ومناصب ووظائف مجزية الرواتب، في حين يفشل المواطن الخليجي في الحصول عليها.
هناك حلقة مفقودة في سياسات الدول الخليجية بين التعليم والتدريب وبين السوق، تجعل من هذه الفجوة مشكلة مشتركة بيننا، ولا بد من التباحث حول سدها، إنما نود التنويه بأننا لا نعاني شعبوية أو حالة من تضخم الأنا الخليجية، بل بالعكس، نحن مع التنوع في الخبرات إثراءً للاقتصاد، إنما من العيب على أي دولة أن يكون لديها شباب راغبون في العمل؛ لكن هناك حواجز تحول بينهم وبين تلك الفرص، ولا تجعل منهم الخيار الأول.
خذ على سبيل المثال في البحرين، هناك اقتصاد نامٍ، وهناك سوق نشطة، وهناك فرص عمل، وهناك وظائف ذات رواتب مجزية، وهناك ميزانية جيدة تُصرف على التعليم، إنما المشكلة أن 80 في المائة من الوظائف العليا تذهب للأجانب، في حين أن عندنا أكثر من 80 ألف بحريني -أي ما يعادل 50 في المائة من العمالة الوطنية- رواتبهم تقل عن 600 دينار بحريني، أي 1600 دولار شهرياً. فإن كانت الوظائف التي يزيد راتبها عن هذا المبلغ متوفرة إنما لا يصل لها المواطن، فهناك خلل إما في السياسة التعليمية وإما في سوق العمل، وإما في سياسة تأهيل المواطن، أو أن هناك خللاً في عملية التمكين.
لسنا من الذين يطالبون بتمكين المواطن الخليجي من تلك الوظائف؛ فقط لأنه خليجي، بل نحن مع جعله الخيار الأفضل لصاحب العمل، بإمكانياته ومؤهلاته وأخلاقيات المهنة التي يتحلى بها، إنما هذه لن تُخلق هكذا دون أن تكون هناك استراتيجية واضحة محددة الأهداف ومبرمجة زمنياً.
الحلقة المفقودة موضوع يحتاج أن يوضع على طاولة البحث في دول الخليج، بل ويحتاج إلى برامج مجدولة لسد هذه الفجوة، فلا يكون الملف موضوع نقاش من أجل النقاش فحسب، بل يكون مهمة تناط بها الحكومات، بحيث تحل هذه المشكلة خلال السنوات الخمس القادمة على الأقل.
إن لم تكن سياستنا التعليمية والتدريبية ملبية لاحتياجات أسواقنا، فما الفائدة منها؟ هناك دول كالهند وجهت سياستها التعليمية كي تلبي مخرجاتها احتياجات الأسواق الدولية لا الأسواق الهندية فحسب، وجعلت من خريجيها مطلباً لكل الأسواق، فلتكن لنا نموذجاً.
يقول فايز الرابعة، الخبير الاقتصادي السعودي، إنه قبل 23 سنة، كان في رحلة عمل في مدينة حيدر آباد في الهند، هذه المدينة التي تصدر لأميركا والدول الأوروبية مهندسي التقنية، وكانت هذه المدينة -في تلك الفترة- تشتهر بكثرة المعاهد التقنية والمتخصصة في البرمجيات.
يقول الرابعة: «في ذلك الوقت كنت أحتاج مبرمجين لبرنامج متخصص في رسم الخرائط، ولم أستطع منافسة عروض الأميركيين والألمان... رواتب عالية مع وعود بأخذ الجنسية، لشباب متخرجين من معاهد ودون خبرة، وأعمارهم لا تتجاوز 20 سنة، لكن إنتاجيتهم مرتفعة. وجدت في حيدر آباد شركة صغيرة لبرمجة الخرائط الرقمية، تعمل 3 نوبات، 24 ساعة في 7 أيام، وفي كل نوبة عمل 250 مهندساً، وأكبر مدينة في العالم لا تأخذ معهم خريطتها الرقمية أكثر من 3 أيام... وجميع المهندسين لا تتجاوز أعمارهم 25 سنة، وقابلت العديد من مديري المعاهد، وسألتهم: لماذا الطالب لديكم متميز؟ فكان جوابهم: نحن في المعاهد والجامعات نضع المناهج وفق احتياج سوق العمل، والطالب يدرس ويتدرب لاكتساب المهارات المطلوبة في سوق العمل. فجميع شركات البرمجة العالمية عندما تصدر برنامجاً يزودوننا بنسخ مجانية من أجل تدريب وتعليم الطلاب، وعادةً البرامج ولغة البرامج التي تستثمر فيها الشركات الكبرى تكون لخدمة سوق العمل، فيتخرج الطالب من معاهدنا وجامعاتنا وهو متمرس قادر على أن يباشر العمل. عندها أيقنت أن جودة التعليم وتطويره مرتبطة باحتياج سوق العمل... لا يهم ماذا يحمل الموظف من شهادة (بكالوريوس أو ماجستير أو دكتوراه) المهم إنتاجية الموظف، والإنتاجية مرتبطة بالتأهيل والمهارات المطلوبة في سوق العمل، بغض النظر عن الدرجة العلمية... ونحن ضيعنا وقت طلابنا في الجامعات، ولم ننتبه لمتطلبات سوق العمل إلا من فترة قريبة.
ختاماً، دولنا تخصص للتعليم موازنة كبيرة؛ لكن مخرجاته لا تتمكن من اقتناص الفرص التي تخلقها أسواقنا، المطلوب إيجاد العنصر X المفقود».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحث عن العامل x البحث عن العامل x



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon