توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن العاصوف والشحرور

  مصر اليوم -

عن العاصوف والشحرور

بقلم : سوسن الشاعر

  عملان يعرضان في تلفزيونات الخليج؛ الأول مسلسل درامي سعودي «العاصوف»، بطولة ناصر القصبي، يتناول قصة تدور أحداثها في الرياض في بداية السبعينات، ويناقش الظواهر الاجتماعية والمتغيرات التي طرأت عليها، والثاني برنامج حواري يعرضه تلفزيون أبوظبي، يتناول قراءة مغايرة للنص القرآني وللنتاج الفكري البشري التاريخي الذي تناول النص القرآني وما كتب حوله.

العملان لقيا هجوماً واعتراضاً وردات فعل قوية، وطالب البعض بوقف عرضهما، رغم أن «العاصوف»، يعرض على قناة «إم بي سي»، والبرنامج الحواري، يعرض على قناة «أبوظبي»، ما زالا مستمرين؛ وتلك جرأة تحسب للإعلام العربي.

الكثير رأى في هذين العملين تطاولاً على ثوابت راسخة في الوجدان العربي والإسلامي؛ الأول هو الصورة الراسخة في الوجدان السعودي عن مجتمع الرياض، كمجتمع محافظ خالٍ من الظواهر السلبية، لكن العمل الدرامي يظهر جانباً آخر لتلك الصورة الثابتة، فيهزها ويعيد النظر في المتعارف عليه. أما البرنامج الحواري، فيظهر زوايا جديدة للنص القرآني يجهلها المتلقي، ويطرح كثيراً من الأسئلة حول النتاج الفكري الذي ثبت في وجداننا لتفسيرات متفق عليها للنص القرآني. وسنحسن الظن بكل من دق ناقوس «الخطر»، خوفاً على تاريخ الرياض من مسلسل «العاصوف»، أو من هاج وماج محذراً من برنامج لقاء مع محمد الشحرور، إذ لامس كلاهما سقفاً عالياً في الطرح، مع ما وضعناه نحن في إطار الثوابت، وهذا هو بيت القصيد الذي يقوم عليه العملان الإعلاميان: إعادة النظر في معاييرنا لما اعتبرناه ثابتاً وهو قابل للتغير، وفتح باب النقاش حولهما.

لست مع من يهاجم المعترضين على هذه الأعمال التلفزيونية، واتهامهم بأنهم بقايا الصحوة وفلولها، وأنهم يخشون على مكانتهم ومواقعهم التي بنيت كحراس لتلك الثوابت؛ لنحسن الظن في دوافعهم لأننا جميعاً نتمسك بهذا الدين، ونتمسك بالقيم الإنسانية التي بنيت عليها أعرافنا وتقاليدنا، إنما الفرق أن المؤيدين لطرق الأبواب المغلقة لا يخشون على دين كالإسلام، لديه من القوة والمنعة والحصانة ما يكفيه لحماية نفسه من نقاش وحوار، أياً كان سقفه، ولا يرى في نوازعنا الإنسانية التي بنيت عليها أعرافنا ضعفاً وهشاشة، بحيث يهزهما حوار أو عمل درامي.

الأمر الثاني في المختلفين بين مؤيد ومعارض أن من يؤيد هذه الأعمال يرى أننا تجمدنا وتأخرنا وتراجعنا وأصبحنا صفراً على الشمال كمجتمعات، بعد أن اتسعت دوائر «ثوابتنا»، حتى أصبح نتاجنا البشري، وأصبح تاريخنا الإنساني، مقدسات يجب ألا تناقش، أو حتى يثار حولها استفسار. وهذه الأعمال تطرق أبواب ما اتخذناه معياراً للقداسة، لتعيد النظر فيها، تطرح الأسئلة حول مسطرتنا في تحديد الثوابت، والأهم أنها تفتح الحوار بكل تلاوينه حول طرحها، ولا تصادر رأياً مخالفاً، فلا يأتي المؤيدون لتلك الأعمال ويتهمون من عارضها اتهامات قمعية، ليصادروا رأيهم هو الآخر.

إن أجمل ما تخلقه هذه الأعمال، سواء كانت دراما أو برنامجاً حوارياً، أنها تفتح باب الحوار، وتشجع عليه، فمن خالفها فالباب مفتوح له ليدافع عما يراه ثابتاً، ومن رأى أن الثوابت لا تتسع إلى هذا الحد، بل تضيق، وأن أغلب ما يعرض للنقاش قابل للتغير، فليدافع عن وجهة نظره، والمنصات موجودة بلا قيود، وهذا بحد ذاته مكسب، وهدف تسعى له تلك الأعمال، فلا يأتي المزايدون من المؤيدين لينسفوا الهدف الأساسي من طرق تلك الأبواب.

نقلًا عن الشرق الآوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن العاصوف والشحرور عن العاصوف والشحرور



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon