توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل سيصلنا ضغط «جماعات الضغط»؟

  مصر اليوم -

هل سيصلنا ضغط «جماعات الضغط»

بقلم: سوسن الشاعر

قوة جماعات الضغط أو جماعات المصالح الغربية بدأت تطغى على قوة الأحزاب هناك، بل يبدو أن الأحزاب هي من يحاول أن يسترضي تلك الجماعات، فالحكومات أو الرئاسات تحاول أن تسترضي هذه الجماعات للوصول للسلطة وللبقاء فيها. قد نقول إنهم أحرار في مجتمعاتهم، إنما السؤال هو ماذا ستفعل حكومات الدول العربية أو الشرقية عموماً أمام امتحانات تقييم الحكومات اليسارية الغربية الخاضعة لقيم ومبادئ ومطالب تلك الجماعات؟ بمعنى ماذا سنفعل إذا وجدنا أنفسنا في أسفل قائمتهم التصنيفية في امتحان التعددية الجنسية، لأننا لا نعترف إلا بالذكر والأنثى كهوية جنسية؟
ماذا سنفعل إذا وجدنا أنفسنا في آخر قائمة التصنيفات في امتحان الحرية الفردية، فقوانينا المستقاة من هويتنا تجرم فعل الفاحشة في مكان عام على سبيل المثال!
ماذا سنفعل حين نجد أنفسنا في أسفل قائمة التصنيفات الخضراء لأننا (مضطرون) لاستخدام السيارات المكيفة في عز صيفنا في درجات حرارة تفوق أحياناً الخمسين مئوية؟
تلك بعض الأمثلة التي قد نواجهها قريباً لأن الحكومات الغربية ذات التوجه اليساري هي من يضع معايير التقييم بناء على طلب جماعات الضغط أو جماعات المصالح، فهؤلاء هم الآن من يحددون الرؤساء القادمين وهم من يتحكم في تشكيل الحكومات القادمة، وبعد أن كانت المحاصصة سياسية في دول العالم الثالث أصبحت المحاصصة واقعاً في الحكومات الغربية، إذ لا بد من مراعاة تمثيل تلك الجماعات في حكوماتهم. المشكلة أن هؤلاء هم من سيقرر أيضاً ماذا يصلح للإنسان في أفريقيا وفي أوروبا وفي الصين وفي اليابان وفي دولنا العربية مثلما يحددونها لمجتمعاتهم.
هم من يسيطرون على القوى العابرة للحدود أي على الشركات العابرة والمنظمات العابرة وحتى جماعات الضغط العابرة.
قد نرى ملامح هذه الحقبة القادمة في تشكيل الإدارة الأميركية وفي تشكيل الحكومات الأوروبية اليسارية حين تفوز، إذ لا بد أن يكون للسود ممثل لهم ويكون للمرأة تمثيل وللمهاجرين ولمدافعي البيئة على سبيل المثال.. أصبح استرضاء هذه الجماعات هدفاً، ولا تشكل الحكومات فقط استرضاء لهم، بل تطوع البرامج الحكومية وفقاً لرغباتهم.
سنرى تأثيرها دولياً لا محلياً في مؤشرات التنافسية العالمية مثلما سنراها في المؤشرات الحقوقية، فقريباً سترتبط المعايير الحقوقية بالمعايير الاقتصادية أي تصنيفك الائتماني ممكن أن يكون له علاقة بعدم التزامك بحقوق المثليين مثلاً!! وتصنيفك التنافسي في الحريات الاقتصادية مرتبط بقوانين المناخ... هذا إذا كان لديك قوانين متعلقة بالمناخ أصلاً!!
أتدرون أين تكمن المعضلة الكبرى؟ المعضلة في إصرار تلك الجماعات على الاستبداد بنشر قيمها ومبادئها حتى في مجتمعاتها، بينما تلك القيم أصبحت عرضة الآن للامتحان والمراجعة بل والرفض العلني، فالتيارات المحافظة تكافح من أجل قيمها ومبادئها.
الغرب الآن يعيد تقييم الأولويات بعد جائحة «كورونا» مثلاً فيما يتعلق بخطورة «الحرية الفردية» على الأمن الجماعي، بعد أن كان مجرد النقاش في هذا الموضوع محرماً. إنهم في صراع أمام احتجاج الجماهير على قوانين الحجْر والحظر باعتبارها تهديداً لحريتهم الفردية وتقييداً لها، فالحرية الفردية مبدأ مقدس حتى أمام الجائحة والوباء! وهناك جماعات تجادل في قرارات الحظر والحجْر قانونياً وتعده تعدياً على أهم قيمة إنسانية حتى لو كانت تلك القيمة مهددة للصحة والسلامة الجماعية.
بل إن الغرب يعيد تقييم أولوياته فتتراجع مكانة «الحرية الفردية»، هذه القيمة الإنسانية حين هددت هويته. الحكومة الفرنسية على سبيل المثال تعتبر من يمتنع عن إرسال أبنائه للمدارس ولا يلتزم قوانين التعليم فيها «انفصالياً» ولا تقبل بتصنيف قراره كحرية فردية، في حين أن لهذا القرار الخطير على الهوية مؤيدين باعتباره حرية فردية.
قديماً كان الضغط الغربي على الشرق نخبوياً سياسياً بين حكومة وحكومة؛ حكومة غربية تضغط على حكومة شرقية، فلا تتأثر بهذا الضغط الشعوب والمجتمعات، أما اليوم فهناك محاولات لإجبار وإخضاع الحكومات ومن ثم المجتمعات، أي تجبر حكومات شعوبها ومجتمعاتها ومواطنيها على قبول ما هو مرفوض، وما يخالف هويتها استرضاء لحكومات غربية خاضعة لجماعات الضغط الغربية.
نظام يتشكل تقاومه مجتمعات شرقية بشدة فلا تقبل به دولة كالصين على سبيل المثال، لكنه يخترق عمق دولة كاليابان ودولة كالهند، حيث تروّج القيم الغربية وتجد لها بيئة تستقبلها وبيئة تشجعها وقوى ناعمة تحاول أن تخترق الهوية الشرقية المحافظة، وهذا ما يعود بنا لسؤال أول المقال؟ ماذا عنا نحن؟ إلى أي حد سنخضع ونسترضي تلك الحكومات الخاضعة لتلك الجماعات؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل سيصلنا ضغط «جماعات الضغط» هل سيصلنا ضغط «جماعات الضغط»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon