توقيت القاهرة المحلي 23:50:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مخالب تفترس أبناءنا

  مصر اليوم -

مخالب تفترس أبناءنا

بقلم: سوسن الشاعر

في السبعينات، حين تعرضت الكويت الحبيبة لغزو غاشم لم نسمع صوتاً خليجياً نشازاً يؤيد هذا الغزو، الكل «أنظمة وشعوباً» خليجية وقفوا وقفة رجل واحد مع الكويتيين، لم يكن هناك صوت خليجي ضد تحرير الكويت بالاستعانة بالقوات الدولية، لم تخرج مظاهرات أو وقفات اعتراض أمام السفارات على قرار الاستعانة بالقوات الأجنبية كذلك، بل شاركت قوات خليجية التآلف الدولي لتحرير الكويت وهي أول من دخل مع القوات الكويتية يوم التحرير.
خلال الثلاثين عاماً التي تلت ذلك اليوم جرت مياه تحت الجسور، الجمهورية الإسلامية الإيرانية بدأت تتفرغ لاستئناف تصدير الثورة بعد انتهاء حربها مع العراق، وكانت هناك التنظيمات التي خرجت من عباءة الإخوان كـ«القاعدة» و«التكفير والهجرة» وغيرها، وحصل الانقلاب في قطر وبدأ عهد الحمدين في مهمتهما التي كلفا بها، نجحت تلك القوى مجتمعة في تفتيت هذا الصف الخليجي الموحد الذي أسهمت وحدته في سرعة القرار في تحرير الكويت، بدأ هذا الصف يتخلخل باختراقات الجماعات الدينية، وجاء المال القطري ليزيد من الطين بلة داعماً وممولاً كل من له خلاف مع أي من الأنظمة الخليجية، حتى وصلنا إلى اليوم الذي نحن فيه الآن، وضع لم نستعد له نفسياً أبداً، ونجد صعوبة في تقبله والاقتناع به نحن من نشأنا على أن خليجنا واحد وشعبنا واحد...
كانت لنا هوية عربية بصبغتها ونسختها الجزيرية الخليجية، إلى التسعينات، جذورها تمتد إلى ما قبل التاريخ، وعلى مر العصور ظلت متماسكة تجمعها روابط الدم والقرابة.
ملامحها واحدة وذاكرتها واحدة، جمعهم البحر والبر وأنتج تراثاً متخماً بالإرث الثقافي، ملابسنا وغناؤنا وطعامنا واحد رغم تنوعاته التي أضافها الموقع الجغرافي... كانت هناك هوية تجمعنا كافية لتجعل مصيرنا واحداً أثبتت ذلك في أول امتحان تتعرض له تلك الهوية حين غزا العراق الكويت، فكانت تلك الهوية درعاً جامعاً وحصناً واقياً حافظ على اللحمة العربية الخليجية.
انظر اليوم إلى ما آلت إليه الأمور، شرائح كبيرة من جيل الألفية الثانية خارج هذا الإطار تماماً، لا يعني له وصف «خليجي» شيئاً، لا يجد غضاضة في الوقوف بعضه ضد بعض والخصومة بعضه مع بعض والتبرؤ بعضه من بعض، ولم ندرك خطورة هذا الاغتراب ولم نتحسس حجمه وأثره إلا الآن.
نجحت «الجماعات الدينية» بالتمويل القطري في نزع جذور الانتماء للأرض لتعزيز قيم الأممية حتى يسهل لها تجنيد هذه الشريحة ضد دولها ووطنها، وهي تحاول جاهدة تغيير ملامح هذا الجيل ومحو خصائصه الخليجية وثوابته، وبناء شرائح لا علاقة لها بأرضها ولا بصلات الدم ولا بأي رابط جيوسياسي يجمع بعضها ببعض.
والشرائح التي نجحت هذه الجماعات في استدراجها ها هي تتخلى وتبرأ من هويتها الخليجية وتغير ملامحها، وهكذا يجري تشويه الهوية الخليجية كرابط يستحق «الفزعة»، تأخرنا في الانتباه والحذر، وخرج علينا خليجيون عرب ولاؤهم لقائد إيراني، وآخرون ولاؤهم لقائد تركي، وغيرهم يحرضهم مال قطري على الخروج، فوقفوا ضد دولتهم وبعضهم ضد بعض لصالح أجندات خارجية.
هل أصبحت الهوية العربية الخليجية درعاً مهترئة، كنا نملك كنزاً ثميناً تهاونا في اختراقه وتفتيته وإضعافه، واعتقدنا أن الروابط التاريخية كفيلة بحمايته، فإن تخلينا عن تقويتها وتعزيزها وغرسها من جديد، فإن هذا الموج التغريبي سيكتسح الأجيال القادمة، أرجو ألا يكون الوقت قد فات!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مخالب تفترس أبناءنا مخالب تفترس أبناءنا



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 23:48 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
  مصر اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 03:10 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

داليدا خليل تستعد للمشاركة في الدراما المصرية

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

أهالي قرية السلاموني يعانون من الغرامات

GMT 02:17 2016 الثلاثاء ,21 حزيران / يونيو

فوائد عصير الكرانبري لعلاج السلس البولي

GMT 01:18 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

سامسونج تكشف عن نسخة باللون الأحمر من جلاكسى S8

GMT 17:27 2022 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أطعمة تمنع مرض الزهايمر أبرزها الأسماك الدهنية

GMT 15:02 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ريلمي تعلن موعد إطلاق النسخة الجديدة من هاتف Realme GT Neo2T

GMT 13:46 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

رامي جمال يروج لأغنية "خليكي" بعد عودة انستجرام

GMT 04:47 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

{غولدمان ساكس} يخفض توقعات نمو الاقتصاد الأميركي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon