توقيت القاهرة المحلي 17:17:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إعلان وفاة سياسة «المحاور»

  مصر اليوم -

إعلان وفاة سياسة «المحاور»

بقلم - سوسن الشاعر

نجح وزير الخارجية الهندي جاي شنكر في أكثر من لقاء في تحديد معالم النظام العالمي الجديد، أو «المتغيرات» التي طرأت على النظام العالمي، كما يحلو له الوصف، هذه المتغيرات استجابت لها العديد من الدول سريعاً، ومنها المملكة العربية السعودية ودول الخليج وجمهورية مصر والهند، بشكل تحافظ فيه تلك على علاقتها بالولايات المتحدة وأوروبا، لكنها لا تقف وراءها، وهناك فرق.
اليوم، لم يعد هناك مكان لسياسة المحاور المبنية أسس استقطابها بناء على القوى العسكرية، والسؤال التقليدي الذي دأبت القوى الغربية على سؤاله للدول الأخرى: هل أنتم في محورنا أم مع المحور الآخر، أياً كان هذا المحور الآخر؛ الاتحاد السوفياتي سابقاً، أم روسيا والصين حالياً؟ سؤال لم يعد فعالاً، ولم يعد القبول بطرحه مسموحاً به بعد تلك المتغيرات.
يقول جاي شنكر وزير الخارجية الهندي: «على أوروبا وأميركا أن يتوقفا عن التفكير بعقلية توهمهما أن مشكلاتهما هي مشكلات العالم. لا، ليس ذلك صحيحاً... مشكلات العالم مختلفة عنكما، ومشكلاتكما لا تعنينا، وكلّ يبحث عما هو أفضل له لحل مشكلاته؛ فلا تسألونا: مع من أنتم؟
ثم إن قصة تحديد مواقفنا السياسية مع دول العالم الأخرى ومع القوى الأخرى في قضية أو إشكالية أو أزمة تحدث عندكم بناء على مواقفكم أنتم وإلزامنا باتخاذ مواقفكم؛ فإن لم نتفق معكم حُكِم علينا أننا مع المحور الآخر... تلك معادلة عفى عليها الزمن».
التكتلات الآن أصبحت اقتصادية أكثر منها عسكرية؛ فعلى سبيل المثال نجحت «مجموعة العشرين» في إزاحة أهمية «مجموعة السبع»، لا يمكننا تجاهل أثر هذا المتغير على السياسات الخارجية للدول الأخرى، وبناء عليه لا يمكنك أن تسأل أيّاً من تلك الدول العشرين، وقد اختلطت مصالحها الاقتصادية، أين تقف؛ معكم أو مع الصين وروسيا؟
إن الصعود الاقتصادي لدول خارج المحور الغربي فرض أمراً سياسياً مختلفاً تماماً. أصبح الاقتصاد هو الذي يستقطب التكتل فعلاً.
كما أن الاستقطابات التي تتشكل نتيجة التهديدات هي الأخرى انتهى زمنها؛ فالعقوبات الاقتصادية، سلاح الغرب المعتمد منذ عقود لفرض مصالحه وقيمه، لم يعد فعالاً؛ ذلك مؤشر جديد دق ناقوساً يسترعي الانتباه للغرب، لكنه ما زال بعيداً عن أسماعه؛ فالغرب فرض عقوبات على مَن يشتري النفط من روسيا، إنما روسيا ما زالت تبيع نفطها للعالم، بل إن بعض الدول الأوروبية تشتريه منها التفافاً على العقوبات.
العقوبات لوحت في الأفق لمن يمتنع عن زيادة الإنتاج النفطي، لكن دول «أوبك بلس» اتخذت قراراً بعيداً عن الإملاءات السياسية الغربية، فخفّضت الإنتاج بدلاً من زيادته، مما أثار الغضب، وتوعدوا بالعقوبات.
لأن الاقتصاد ببساطة لم يعد تابعاً للسياسة، بل العكس؛ دول العالم لم تعد ملزمة بالمواقف الغربية، هذا ما يجب أن تعيه دول الغرب، وقد تبين ذلك بوضوح من الموقف الدولي تجاه العقوبات التي يلوح بها الغربي عند كل مشكلة تتعلق بالمصالح الغربية.
المعادلة أصبحت بسيطة جداً، وهي أن المصلحة الاقتصادية هي التي تحدد الموقف السياسي لا العكس، وهذا ما لم تستوعبه الدول الغربية، خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية.
الخلاصة: لم تعد سياسة المحاور الثنائية ثابتاً لا يتزعزع، ويعد فرضه بالعقوبات ممكناً، وعلى الغرب أن يرى تلك المتغيرات سريعاً، ويرى مدى تصاعد حجم استقلالية القرار في الدول التي كانت تدور معها في محاورها، لأن واقعها الاقتصادي وتأثيرها الدولي صعدا من واقعها السياسي، كما يحدث الآن مع المملكة العربية السعودية، ومع الهند، ومع كثير غيرها.
الجديد الآن أن هذه الدول، رغم عدم انصياعها للإملاءات الغربية، فإنها لن تقاطع الولايات المتحدة وأوروبا ولن تقف ضدهما؛ فلم تعد القرارات تُتخذ بناء على وجودها في محور ما، بل أصبحت تُتخذ باستقلالية تامة بناء على مصالحها الذاتية. كلما سارع الغرب بالاعتراف بهذه المتغيرات، بنى استراتيجيته على معطيات واقعية، وكان ذلك في صالحه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إعلان وفاة سياسة «المحاور» إعلان وفاة سياسة «المحاور»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon