توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الرشاش» كقوى ناعمة!

  مصر اليوم -

«الرشاش» كقوى ناعمة

بقلم: سوسن الشاعر

مجموعة «إم بي سي» ومن على منصة «شاهد» الرقمية، ستطلق مسلسلاً ضخماً بعنوان «رشاش»، وفرت له جميع الإمكانيات العالمية المختصة بصناعة السينما.
استعانت بكاتب سيناريو بريطاني شهير هو توني جوردان والمخرج البريطاني كولن تيج ومدير التصوير الشهير لوك برايان. المَشاهد الخطرة صممها وأشرف عليها كالويان فودينيشاروف، أحد مؤسسي فريق Alpha Stunt البلغاري الشهير، الذي تشمل مسيرته المهنية إنتاجات هوليوودية شهيرة، والإنتاج مشترك من مجموعة «إم بي سي استوديوز» وشركة «توفور 54» أبوظبي، المعروفة بتقديم خدمات إنتاجية بمواصفات عالمية، إلى جانب مبادرات تدريبية تعنى بالمواهب، فضلاً عن خدمات وتسهيلات للشركات الإعلامية في المنطقة.
الجدير بالذكر أن طاقم التمثيل سعودي مائة في المائة وجميعهم مواهب شابة جديدة، هل نتحدث هنا عن سينما ودراما فقط؟ منصة «شاهد» ومجموعة «إم بي سي» أطلقت العديد من المسلسلات السعودية، كثير منها يرسم هوية وثقافة وتاريخ المملكة العربية السعودية كمسلسل «العاصوف»، وأظهرت من خلال تلك الأعمال الدرامية توق هذا الشعب للانفتاح على العالم وعرض هويته بنفسه وبلغته وعن طريق أبنائه، بدلاً من ترك هذه الساحة للانطباعات الهوليوودية الممجوجة التي يصور فيها الخليجي عموماً كشخصية ثرية لا يهمها غير النساء وصرف الأموال، وغالباً هي شخصية ماكرة تشتغل بكل ما هو ممنوع؛ صورة نمطية سئمنا منها، إنما لا يلام من رسم هذه الصورة والساحة فارغة له يضع فيها المحتوى الذي يرغب فيه والأهم يضع فيها المحتوى الذي يخدم أجندته، وهنا مربط فرس هذا المقال.
أعتقد أن اهتمام «الدولة» السعودية بالدراما كواحدة من أدوات القوى الناعمة مشروع جدير بالاهتمام والتشجيع، فإن كنا سنتحدث عن أهمية القوى الناعمة ودورها في تحقيق أجندات سياسية، فنحن نتحدث عن سقوط الاتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين وجميع ما صاحب الحرب الباردة بين الرأسمالية والشيوعية، ونتحدث عن غزو اليابان الثقافي ومحاولات تغير هوية الياباني المقاتلة الشرسة التي ترعب المعسكر الغربي.. كما عملت الدراما على تشكيل الذهنية الجمعية عن الصينيين والروس، ففي هذا كله كانت «الدراما» واحدة من أهم أدوات المعسكر الغربي تجاه قوى الشرق، والعكس أيضاً، فقد أدركت اليابان سحر القوى الناعمة فاتجهت للإنتاج الغزير وصدرته للخارج مستغلة المنصات الرقمية في محاولة لتغير الصورة النمطية عن الياباني التي رسختها هوليوود لعقود، وكذلك تفعل تركيا الآن بهذا الغزو الدرامي الغزير.
اهتمام «الدولة» بهذه القوى الناعمة يستحق الإشادة، فنحن نتحدث عن إمكانيات إنتاجية في الوقت الحالي تفوق بكثير إمكانيات القطاع الخاص الذي قد يهدف للربح فقط من دون الاهتمام «بالرسالة»، وبدون أن يكون الإنتاج ضمن رؤية استراتيجية سياسية شاملة، لذلك حين تدخل مجموعة «إم بي سي» بثقلها الإنتاجي وبالتعاون مع شركة إنتاج إماراتية، فأنت تتحدث عن سقف مرتفع يخدم الدراما بشكل قوي، وإن كانت هذه الدراما مدروسة ومرسومة وتخدم أجندة وطنية ضمن رؤية المملكة العربية السعودية فأنت تتحدث عن قوى ناعمة غير خشنة تساعد السعودية في الانفتاح على العالم وعلى الشراكة الطبيعية مع المجتمع الدولي، تستطيع أن تختزل لك مسافات وأزماناً ضاعت ونحن نتفرج على قتلنا المعنوي بصمت، إنها تعيد الحياة لواقعنا، لهويتنا، لثقافتنا بلساننا، إنما بلغة عصرية نخاطب بها الآخر.
مسلسل كـ«العاصوف» مثلاً عكس صورة الإنسان السعودي بلحم ودم حقيقيين، وأظهر أثر المتغيرات الاقتصادية على نمط حياته. أنت ترى هنا الناس والحياة اليومية والمعاناة وشظف العيش ثم ترى الرخاء وترى تغلغل الأفكار المتطرفة واختراق الذهنية المسالمة وخطفها من فطرتها.. مسلسل يستحق أن يترجم ويعرض على منصات عالمية كنتفليكس مثلاً. المقصد أن يكون الإنتاج والتوزيع كله محكوماً بما يخدم المملكة العربية السعودية كدولة وكمجتمع ويخدم رؤية الدولة ولا أن يكون حراماً ارتجالياً من دون توجه مدروس، حتى تستطيع أن تؤتي أكلها.
ونقول للمتنطعين الذين سيتقافزون للاعتراض بأن ذلك تدخل في حرية التعبير وخنق لحرية الفنون.. نقول إن أغلب ما شاهدتموه وأعجبتم به من إنتاج هوليوود كانت تقف وراءه مؤسسات الدولة العميقة في الولايات المتحدة، وأحيلك لكتاب «سي آي إيه تذهب إلى هوليوود» للباحثة الأكاديمية تريشيا جنكينز، وكتاب «في ظلال السرية: مكتب الخدمات الاستراتيجية ووكالة المخابرات المركزية في سينما هوليوود، من 1941 إلى 1979» الذي صدر في 2016، لترى كيف خدم الإنتاج الدرامي الأهداف القومية الأميركية وسخّر من أجلها طاقته وإمكانياته، فلا نكون هوليووديين أكثر من هوليوود!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الرشاش» كقوى ناعمة «الرشاش» كقوى ناعمة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon