توقيت القاهرة المحلي 22:36:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سامحنا يا عبد الجواد

  مصر اليوم -

سامحنا يا عبد الجواد

بقلم - سوسن الشاعر

لك الله يا محمد عبد الجواد آخر النحاسين المقدسيين في سوق الخواجات في القدس، الذي يحاول الصمود والبقاء في مواجهة ضعف السوق وشح زوارها. سامحنا يا عبد الجواد فلم نحسم بعد قرارنا، ونحتاج إلى عشرة أعوام، وربما عشرين عاماً، لنقرر إن كانت زيارتنا لك تطبيعاً أم لا تطبيع!

تذكرت لقاءً أجرته صحيفة «العرب» مع السيد محمد عبد الجواد، قرأته قبل عدة أشهر، وأنا أستمع إلى الجدل السفسطائي المستمر منذ عقود حول جواز أو عدم جواز زيارة المقدسيين؛ إذ عادت للسطح مجدداً في المؤتمر الذي أقامه الأزهر لمناصرة القدس بالقاهرة يومي 17 و18 يناير (كانون الثاني)، بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين، جدلية زيارة القدس، هل هي من «التطبيع» مع الكيان الصهيوني، أم هي دعم للمقدسيين؟ وهو المؤتمر الذي حضره عدد من المشاركين العرب والأجانب مسلمين ومسيحيين ويهوداً من أكثر من 168 دولة، وعاد السؤال المطروح منذ ما بعد أوسلو ليتجدد الأسبوع الماضي في المؤتمر؛ هل نزور القدس أم ذلك يعد تطبيعاً؟ كيف يمكن أن نفك عزلة المقدسيين، وحصارهم، وإقصاءهم، وندعمهم للصمود داخل القدس، وعدم هجرهم، دون أن نمنح الاحتلال الشرعية بمرورنا على حواجزه؟

ومن الضروري أن نفرق، قبل الاستطراد في القراءة، بين الراغب في الدخول للقدس، والراغب في الدخول لتل أبيب! وأن نفرق بين الدخول عبر معاملات سفارات الدولة الفلسطينية والدخول عبر جوازات مطار بن غوريون، والتعامل مع الفلسطينيين هناك أم التعامل مع الإسرائيليين، فنحن نناقش هنا هل تعد زيارة العرب للمقدسيين عبر طلب تأشيرة من السفارات الفلسطينية للدخول إلى القدس من خلال إجراءاتها تطبيعاً مع الكيان الصهيوني أم لا؟

ليت مؤتمر الأزهر استضاف عبد الجواد ليحدثنا عن أسباب بقائه وحيداً في سوق «الخواجات» أقدم الأسواق المقدسية التي بناها المماليك، وكيف يمر يوم عبد الجواد عليه، وهو يحدث نفسه في دكانه وحيداً، ويستجدي الوقت، عله يجزيه بزائر عابر لهذه السوق العريقة التي اشتاقت لصوت الأقدام تجوبها شرقاً وغرباً، لتمر على سوق العطارين وسوق اللحامين، وهي الآن خاوية بعد أن أغلق أصحاب الدكاكين محلاتهم، بسبب قلة الزائرين، وبسبب كثرة الضرائب الإسرائيلية.

ليتهم استضافوه ليخبرهم أن أمنية إسرائيل أن يتخلى عبد الجواد عن «عناده»، ويخلي محله، وييأس كغيره من النحاسين الذين يئسوا قبله؛ فإسرائيل تعمل وبخطى حثيثة على إخلاء القدس من أهلها الأصليين، وقد نجحوا في ذلك، فلم يبق منهم غير 40 في المائة فقط، وفقاً لإحصاءات «جيحون» مؤسسة المياه في بلدية القدس، أما وفقاً لإدارة الإحصاء في إسرائيل، فإنها أقلَّ نسبة، إذ تقدر دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية عدد الفلسطينيين في القدس بـ324 ألفاً، أي 37 في المائة فقط مقابل 542 ألف إسرائيلي، أي 63 في المائة!! (موقع العربية).

أتيح للعرب الالتقاء بالمقدسيين، وزيارتهم في ديارهم، والمشي في شوارعهم، والالتقاء بتجارها وبفلاحيها وبحرفييها ومدرسيها وأطبائها، لكن غالبيتهم ترددوا خشية أن تكون تلك الزيارة خدمة للاحتلال وإقراراً بشرعيته، وتلك مخاوف مشروعة، فنحن لا نريد لهذا الكيان أن يشعر أننا نتساهل في الحق الفلسطيني في أن تكون له دولته، وعاصمتها القدس، كحق تاريخي وشرعي له، إنما بالمقابل تركنا المقدسيين ليواجهوا حملة التفريغ لوحدهم.

لا يسأل أيٌّ منا متى وكيف حدث هذا الانقلاب.. كيف انقلبت المعادلة، فبعد أن كان اليهود أقلية أصبحوا غالبية في هذه المدينة، إذ حتى عام 1967 كان عدد اليهود في القدس الشرقية صفراً، وفقاً لدراسة علمية لمحمد عوض الهزايمة بعنوان «القدس في الصراع العربي الإسرائيلي»، وحين فتحت المعابر عام 1993 بعد اتفاقية أوسلو كان عددهم لا يتجاوز 167 ألفاً، أما اليوم فيقدر عددهم بـ542 ألفاً!! وبعد أن كانت نسبة العرب 100 في المائة تضاءلت نسبتهم إلى 37 في المائة، وفقاً للإحصاءات الإسرائيلية.

وتتضاءل نسبة من هم على شاكلة عبد الجواد الصامد، إذ يواظب عبد الجواد على فتح دكانه، ولا ينسى الإشارة إلى كون ذلك محاولة متواضعة لإحياء سوق الخواجات التي أغلقت أغلبية محلاتها. ويتسع طموح عبد الجواد إلى أن ينتج تذكاراً مميّزاً من النحاس يقتنيه السائح أو الزائر للقدس؛ «من صميم القدس» كما يقول، يحكي حكايتها، ويحمل رموزها.

ويقول: «عندما تذهب إلى مصر مثلاً تشتري تذكارات من صنع مصري، تحاكي الأهرام مثلاً، وهكذا في كلّ الدول، فلماذا لا تكون لدينا في القدس تذكارات للسياح، تحمل رموز القدس وفلسطين، مثل باب العامود أو باب الخليل أو قبة الصخرة، وتكون كذلك من صنع أبنائها وداخل أسواقها؟». («العرب» عدد 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017).

أخي عبد الجواد، على تحفك الفنية النحاسية لباب العمود وباب الخليل وقبة الصخرة أن تنتظر على الرف، فبعد المؤتمر صاحت قناة «الجزيرة» في تقرير عنوانه «هل تعلن السعودية والإمارات والبحرين علاقتها الرسمية مع إسرائيل قريباً؟».

وتلك صيحة من شأنها أن تبقي على نحاسياتك الرائعة «من صميم القدس» على الرف إلى أن نحسم الجدل، هل زيارتنا لكم خيانة لكم ولقضيتكم أو دعماً لكم؟

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سامحنا يا عبد الجواد سامحنا يا عبد الجواد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon