توقيت القاهرة المحلي 06:23:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المركب الإيراني يغرق بكل حمولته

  مصر اليوم -

المركب الإيراني يغرق بكل حمولته

بقلم: سوسن الشاعر

قواعد اللعبة التي اعتمد عليها نظام الحكم في العراق ولبنان قائمة على المحاصصة الحزبية الطائفية، وهذه القواعد بدأت تهتز وتتحرك الأرض من تحت أقدام اللاعبين فيها.
إن إصرار «اللاعبين» على اللعب بالأوراق ذاتها رغم الرفض الواضح والصريح لها من قبل المتظاهرين، يدل على أن الأحزاب السياسية غير مدركة تماماً للمتغيرات التي تجري على أرض الواقع، بدليل إصرارهم على استخدام الأوراق التقليدية ذاتها في استرضاء المتظاهرين، معتقدين أن المسألة تنحصر في تغير الوجوه فحسب!
هناك أكثر من 30 حزباً عراقياً وأكثر من 90 حزباً لبنانياً اعتمدوا في السنوات الأخيرة على تشكيل حكومات وعلى نظام انتخابي وتوزيع مقاعد انتخابية بناءً على المحاصصة الطائفية، والأهم هو عدم تشكيل أي سلطة نيابية أو تنفيذية أو قضائية إلا بالتحالف مع وكلاء إيران، دون موافقة إيران يصعب على أي حزب سياسي أن يجد له موقعاً في السلطات الثلاث.
ورضخت جميع الأحزاب السياسية لهذا الواقع واستسلمت لتلك المعادلة؛ ولذلك تحالفت الأحزاب المنسوبة زوراً (للمدنية) مع حزب الدعوة في العراق و«حزب الله» في لبنان كي تجد لها منفذاً في السلطات الثلاث، ورمت بتاريخها وبمبادئها وقيمها المدنية عرض الحائط وقبلت أن تكون حليفاً لحزب ديني يرتهن لقوى أجنبية.
وسواء كان سلاح وكلاء إيران والتهديد به الذي كان مسلطاً على رؤوس تلك الأحزاب هو السبب، أو كانت الرغبة الحميمة في الوصول للسلطة هي التي دفعت أحزاباً كالتيار الوطني أو «14 آذار» للتغاضي أو السكوت عن ثيوقراطية وكلاء إيران، إلا أنه نهاية المطاف قبلت تلك الأحزاب بالتحالف ضمناً مع «حزب الله» الإيراني اللبناني، وكذلك فعلت الأحزاب العراقية (المدنية) أو الأحزاب (السنية) في العراق، الجميع حصل على مقاعد نيابية أو على حقائب وزارية بعد رضوخهم لوكلاء إيران في المنطقة.
فكذلك كان الوضع في العراق، حيث واجهت حكومة عادل عبد المهدي صعوبات شتى حين تشكيل الحكومة وصلت إلى حد التهديد بالاستقالة، لعجزه عن تعيين أي وزير مستقل، أي دون غطاء حزبي يحميه حتى لو كان فاسداً؛ لذلك غالبية المقاعد النيابية حظي بها الائتلاف الطائفي المدعوم من إيران وعلى رأسهم حزب الدعوة!
ولولا استسلام الأحزاب المدنية في الدولتين للأمر الواقع الذي فرضه وكلاء إيران لما تمكن وكلاء إيران من السيطرة على الحكم طوال السنوات الخمس عشرة الماضية على أقل تقدير.
الجديد الذي يجب أن يقرأ بتمعن الآن من قبل هذه الأحزاب (المدنية)، أن وكلاء إيران فقدوا قواعدهم الشعبية، وأن المظاهرات العراقية واللبنانية تستمد زخمها هذه للمرة و - ربما للمرة الأولى - من أبناء الجنوب العراقي واللبناني، الجديد هو حجم التذمر العلني من قبل القاعدة الشعبية التي يستند إليها وكلاء إيران، الثورة جنوبية هذه المرة، وبمساندة شمالية، والفرق بين الثورتين أن الشمال السني اللبناني (طرابلس) خرج هو الآخر وانضم إلى جنوبه، في وحدة كسرت محرمات التابو الوطني وخرجت عن طوع المحاصصة الطائفية المفروضة عليهم.
ورغم أن المساندة ما زالت ضعيفة من المكون السني في الحالة العراقية رغم شعارات الوحدة العراقية، وما ذلك إلا لأن المناطق السنية ما زالت مثخنة بالجراح من بعد تعرضها للتهجير والقتل والتدمير سواء من «داعش» أو من الميليشيات الطائفية، إنما في نهاية المطاف رفع المتظاهرون العراقيون كما هم اللبنانيون شعارات الوحدة الوطنية التي تخطت حاجز المحاصصة الحزبية، ورفعوا شعارات تندد بالتدخل الإيراني وبالمطالبة بخروجه، المتظاهرون يصفعون وكلاء إيران صفعة قوية لأنها آتية من قواعدهم الشعبية هذه المرة، والتي باسمهم وباسم حمايتهم فرض وكلاء إيران شروطهم بالقوة، فإن لم تقرأ الأحزاب هذه المعطيات الجارية على أرض الواقع فإنهم سيكونون أول الخاسرين.
فإذا اضفنا الواقع السياسي الدولي الذي يواجه إيران ويفرض عليها وعلى وكلائها العقوبات فإن عدم احتساب كل هذه الاعتبارات والاستمرار بتجاهلها والإصرار على اللعب بالأوراق القديمة ذاتها والتمسك بالمعادلة القديمة يعد انتحاراً سياسياً وموتاً دماغياً قد يطول.
المركب الإيراني بكل حمولته معرّض للغرق وركوب تلك الأحزاب في هذا المركب كان من الأساس استسلاماً لأمر واقع وإرغاماً رغم مخالفته لمبادئ وقيم تلك الأحزاب، فإن كان الأمر الواقع يتغير الآن، ما الذي يجبركم على الاستمرار إن لم يكن عدم إدراك ومحدودية ذكاء وضعف نظر وعجزاً عن قراءة المعطيات؟

وقد يهمك أيضًا:

الاستهداف المتواصل للسعودية ومصر

... وضاعت قصة الصومال أيضاً

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المركب الإيراني يغرق بكل حمولته المركب الإيراني يغرق بكل حمولته



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon