بقلم: سوسن الشاعر
القمم الثلاث؛ الخليجية والعربية والإسلامية التي عقدت يومي الخميس والجمعة في مكة المكرمة، هي منعطف في منطقة الشرق الأوسط، وتاريخ حاسم يحدد شكل المنطقة ومستقبلها للعقود المقبلة، ويعيد تشكيل المنطقة من جديد.. قمم دعت إليها الدولة الوحيدة التي بمقدورها أن تجمع هذا العدد الكبير من الدول الخليجية والعربية والإسلامية؛ هي المملكة العربية السعودية التي وحدها القادرة على أن تضع الجميع أمام مسؤوليته التاريخية اليوم في مواجهة المشروع الإيراني التدميري، وقدمت المملكة بدلاً منه مشروعها القائم على التعاون والتنسيق والتكامل والبناء والدفاع والأمن المشترك بين مجموع الدول الحاضرة.
بل إن السعودية وضعت المجتمع الدولي برمته أمام مسؤوليته للحفاظ على الأمن الدولي والتصدي للمشروع الإيراني، فكل محاولات الالتفاف الآن أو تأجيل حسم الموقف لم تعد مجدية، وجميع محاولات التهرب من الاستحقاق أصبحت متأخرة. لم يعد الحياد ممكناً حتى مع من يريد الحياد ومن يدعي رغبته في النأي بالنفس.
اليوم أصبحت جميع الأوراق على الطاولة والحدث جلل؛ مواجهة المشروع الإيراني أصبحت مسألة دولية وليست خليجية فقط، والعقوبات دولية، ليست أميركية فحسب، لإرغام إيران على القبول بالشروط الاثني عشر التي عرضتها الولايات المتحدة والكفيلة بإنهاء النشاط الإرهابي الإيراني، وتنفيذها مناط الآن بقوة مدمرة دخلت منطقتنا واللعب الآن أصبح على المكشوف، فقد انتهى زمن التلون والتقية ومسك العصا من منتصفها، إذ إنه حتى إيران اكتشفت أن الإنكار والخطب المزدوجة ورقة احترقت ولم تعد مجدية، بل مدعاة للضحك أمام الحقائق الدامغة التي تدينها، لذلك نجد روحاني يقر في آخر خطبة له بالتدخل الإيراني في سوريا والعراق ولبنان واليمن، ويقول: «نعم نحن هناك ولسنا بحاجة لأخذ الإذن من الدول العربية فعمقنا الاستراتيجي يمتد للبحر الأحمر والبحر المتوسط»!! ضارباً بعرض الحائط أي أعراف دولية أو اتفاقيات أو حدود سيادية تنظم العلاقات بين الدول، وقطع بهذا الاعتراف الطريق على من أراد أن يدافع عن إيران أو يبرر تصرفاتها متذرعاً بالحياد وبالوساطة!!
المشكلة في بعض الدول، ومنها العراق، الذي لم يسمع روحاني وهو يعترف بالنفوذ الذي لم يتحقق إلا بفضل تسليح الميليشيات الإرهابية، والاعتداء بالقوة، فاعترض على بيان القمة الذي يدين إيران، فبدا العراق إيرانياً أكثر من الإيرانيين الآن.
اللعب الآن مع الكبار، لا العراق ولا قطر الصغيرة، ولا أي دولة أخرى صغيرة بمعيار التأثير قادرة على أن توقف العجلة، القصة ليست زعلاً بين دول خليجية يمحوه السلام وحب الخشوم، نحن أمام منعطف كبير لا بد أن نعي استحقاقاته.
هناك قوة ضاربة في الخليج العربي، قوامها القواعد الأميركية وحاملات الطائرات الأميركية بكل ترساناتها، وكذلك الجيوش السعودية والإماراتية والبحرينية مقابل الجيش الإيراني. لا أحد يريد إطلاق رصاصة واحدة، ولكن الجميع مطالب بتحديد موقفه الآن قبل أن يضطر أحد لاستخدامها.
هذا التحول تجاوز بكثير دول الخليج، القصة إذن لم تعد خلافاً خليجياً - إيرانياً حتى يصرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن بعض الدول الخليجية على استعداد لتوقيع معاهدة عدم اعتداء مع إيران في محاولة لشق الصف الخليجي، فالثلاثي الخليجي (السعودية - الإمارات - البحرين) تحرك معاً، وهم يعلمون أنهم مكتفون ذاتياً، ولن يغير من موقعهم توقيع دول خليجية مع إيران وثيقة عدم اعتداء، فذلك - إن حصل - فإنها كعدمها لا معنى لها ولا طائل، خصوصاً أن القواعد الأميركية التي ستنطلق منها الطائرات موجودة في إحدى تلك الدول، والأهم أن آخر دولة تحترم المواثيق والمعاهدات هي إيران.
وبناء عليه، فإن جميع تلك المحاولات هي مضيعة للوقت.
ما يهم الآن هو تنفيذ إيران الشروط الاثني عشر فقط لا غير:
1 - الكشف للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن التفاصيل العسكرية السابقة لبرنامجها النووي.
2 - وقف جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم وعدم إنتاج البلوتونيوم وإغلاق مفاعل المياه الثقيل «آراك».
3 - السماح لخبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول غير المشروط إلى جميع المواقع النووية في البلاد.
4 - إنهاء نشر الصواريخ الباليستية والصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية.
5 - إطلاق سراح المواطنين الأميركيين ومواطني الدول الحليفة المعتقلين في إيران.
6 - إنهاء دعم الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط بما فيها «حزب الله»، و«حماس»، و«حركة الجهاد».
7 - احترام سيادة الحكومة العراقية والسماح بنزع سلاح الميليشيات الشيعية.
8 - وقف دعم الميليشيات الحوثية والعمل على تسوية سياسية في اليمن.
9 - سحب جميع القوات الإيرانية من سوريا.
10 - إنهاء دعم طالبان والإرهابيين الآخرين في أفغانستان والمنطقة وعدم تقديم مأوى لقادة «القاعدة».
11 - إنهاء دعم فيلق القدس التابع لـ«الحرس الثوري» للإرهابيين عبر العالم.
12 - وقف تهديد جيرانها بالصواريخ، وهجماتها السيبرانية المخربة، فضلاً عن تهديدها للملاحة الدولية.