توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عصر روسيا الذهبي باستمرار الانكفاء الأميركي

  مصر اليوم -

عصر روسيا الذهبي باستمرار الانكفاء الأميركي

بقلم: سوسن الشاعر

أكثر الرابحين من سياسة الرئيس ترمب في الشرق الأوسط هم الروس، فكل فراغ يتركه الأميركيون يملأه الروس بمكسب ومن دون ثمن باهظ.
ففي منطقة البحر الأبيض المتوسط كان للانسحاب الأميركي من الأرضي السورية أثره الفوري، إذ لم يعقبه دخول القوات التركية فقط للأراضي السورية إنما استعادة مناطق كانت تحت نفوذ الأكراد فدخلتها قوات النظام السوري برعاية روسية، وهي تقع على المناطق الحدودية السورية – التركية. ذلك مكسب تحقق لروسيا بلا احتكاك مع الأكراد ومواجهة القوات الأميركية الحليفة التي كانت تسندها.
وعلى إردوغان الآن أن يتفاوض مع بوتين لا مع الأميركيين لتحديد مساحة المنطقة الآمنة واقتسامها، حيث تركزت اهتمامات كل من نائب الرئيس الأميركي مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو في اجتماعهما مع إردوغان، على حفظ ماء وجه الأميركيين و(ترقيع) ما قام به ترمب من إجراء انتقد انتقاداً لاذعاً حين تخلى عن حلفاء تقليديين كالأكراد، فأول تصريح للرئيس الأميركي بعد اجتماع وزير خارجيته مع إردوغان «أنقذنا الأكراد ولن تكون هناك حاجة لتوقيع عقوبات»!!
أما المنطقة الآمنة، أي الأراضي التي ستحتلها تركيا، وهي الأراضي التي خسرها الأكراد، فلا تقع ضمن اهتماماتهم، فالولايات المتحدة تسيطر على منطقة صغيرة بها منابع للنفط وهذا ما يهمها الآن، أما الشريط الحدودي السوري - التركي فتركته منطقة تنازعات روسية تركية ولا تقع ضمن دائرة اهتمام ترمب، حيث أقر الجانب الأميركي بحق شرعية تركيا في الحصول عليها، وتركها لإردوغان كي يحددها مع بوتين في اجتماعهما المقبل!!
كل ما فعله ترمب هو تسريب رسالة بذيئة بمعايير الرسائل الرئاسية خاطب فيها ترمب الناخب الأميركي أكثر مما خاطب فيها رئيس دولة حليفة كتركيا، لزيادة شعبيته، وتلك سياسة خارجية لا تزيد عن كونها سياسة تسجيل نقاط لا سياسة حفاظ على مصالح استراتيجية لدولة عظمى كالولايات المتحدة، إنه يعيد القيام بما قام سلفه باراك أوباما به.
عصر ترمب يمثل لروسيا امتداداً لعصر أوباما، فلا تختلف خطوط ترمب الحمراء عن خطوط أوباما، حيث اعتمدت تلك الخطوط في قوتها على رصيد سمعة الولايات المتحدة التاريخية لا على سمعتها المعاصرة، وشتان بين السمعتين، لذلك فإنه يعد العصر الذهبي لبوتين ولروسيا، وأهدت سياسة الانكفاء الأميركية العديد من المكاسب، وهي قد عادت لتحتل الصدارة في السياسة الخارجية الأميركية، بعد أن كان ترمب يلوم أوباما عليها، لكنه الآن ينقاد إليها دون أن يشعر، والسبب هو إعادة الانتخابات واستحقاقاتها، وهي سياسة مكاسبها آنية حزبية ضيقة.
أما الاستراتيجية البعيدة المدى فلم تعد ضمن أسس السياسة الأميركية؛ الحفاظ على الحلفاء لم يعد ضمن هذه السياسة، المكتسبات التي تمتعت بها الولايات المتحدة نتيجة دورها كقوة عظمى في المنطقة تخلت عنها. تلك سياسة تكتيكات آنية وتسجيل النقاط وكسب الشعبية والقضاء على المنافسين المحليين كحد أقصى يتنافس عليها الحزبان لزوم المقاعد الانتخابية، وتلك سياسة لا يمكن أن تكون ذات بعد «استراتيجي» يعمل على وضع المصالح الأميركية العليا فوق أي اعتبار وتجني ثمارها ومكاسبها الدولة على المدى البعيد.
ما على روسيا الآن إلا الانتظار وعدم التحرك للزحف على كل منطقة تتخلى عنها الولايات المتحدة، ومن جانبها لا تحتاج روسيا لبذل أي جهد يذكر من أجل نيل أي مصلحة استراتيجية بعيدة المدى فتلك المصالح تأتيها على أطباق من ذهب في منطقة الشرق الأوسط كما هي في الشمال الأوروبي.
لنتذكر فقط أن زيارة الرئيس بوتين للمنطقة هي مكسب لروسيا، حيث وقعت عقوداً واتفاقيات مع أكبر الأسواق العربية (المملكة العربية السعودية والإمارات) في مجالات الطب والطاقة والزراعة والصناعة والفضاء والاستثمارات المتبادلة في صناديق الاستثمار السيادية وغيرها، ولم يكن لهذه الزيارة وتلك الاتفاقيات أن تتم لولا سياسة الانكفاء الأميركية القصيرة النظر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عصر روسيا الذهبي باستمرار الانكفاء الأميركي عصر روسيا الذهبي باستمرار الانكفاء الأميركي



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon