توقيت القاهرة المحلي 08:51:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سبقْنا الوباء ولم يسبقنا

  مصر اليوم -

سبقْنا الوباء ولم يسبقنا

بقلم: سوسن الشاعر

ما ميّز التجربة الخليجية عن التجربة الأوروبية في التعاطي مع وباء «كورونا»، هو أن دول الخليج سبقت الوباء واستعدت لأسوأ سيناريو قبل أن يصل إليها، على عكس ما فعلت دول أوروبا والولايات المتحدة التي تأخرت في البدء بسبب الاستهانة بالخطر وبسبب التكلفة العالية للإجراءات الاستباقية، في حين أن المعادلة الناجحة للتعاطي مع أي وباء هي «إن لم تسبق الوباء سبقك».
تجربة مملكة البحرين تستحق أن تُذكر، فهي ثاني دولة على مستوى العالم في نسبة التشافي ولله الحمد، وتأتي بعد الصين، حيث بلغت النسبة حتى هذا التاريخ 60%، في حين بلغت التشافي في الصين 93% ثم تأتي بعدها كوريا الجنوبية.
والسبب أن مملكة البحرين من أولى الدول التي استجابت للتحذيرات الأولية لمنظمة الصحة العالمية وبدأت استعداداتها قبل شهر من وصول أول حالة إلى أراضيها.
فمنظمة الصحة العالمية أطلقت تحذيرها الأول في 14 يناير (كانون الثاني) لمستشفيات العالم من ظهور الفيروس، وتضمن تحذير المنظمة احتمالات انتشار هذا الفيروس على نطاق أوسع من الصين.
وفي 27 يناير صدرت توجيهات ولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، في جلسة مجلس الوزراء بسرعة توفير أجهزة الفحص المبكر للكشف عن فيروس كورونا (كوفيد - 19)، وهذا القرار دليل يؤكد أن الصحة محور أساسي ضمن برنامج عمل الحكومة، وتمثل وقاية المجتمع من الأخطار أولوية مستمرة.
وبعدها بأسبوع استقدمت البحرين خبيراً من منظمة الصحة العالمية هو البروفيسور جون آشتون، أحد أهم المختصين في الصحة العامة والوقاية الصحية في المملكة المتحدة، بوصفه المدير الإقليمي السابق للصحة العامة هناك والمسؤول الإقليمي الطبي السابق لشمال غربي إنجلترا ومدير مكتب الصحة العامة، فضلاً عن كونه أستاذاً جامعياً مختصاً في الوقاية الصحية.
إن أفضل تعبير استخدمه البروفيسور آشتون عن استعدادات البحرين لسبق الوباء هو ما سماها استراتيجية «غرفة الحرب» أي التعامل مع الوباء على أنه «حرب» وبحاجة لغرفة قيادة لخوض معركة البحرين معه.
الغرفة كانت بقيادة ولي العهد وبفريق يغطي كل الأجهزة الحكومية اللوجيستية التي تحتاج إليها الحرب على الوباء وبأسرع وقت.
وأشاد البروفيسور آشتون بدرجة الشفافية التي تمتعت بها حكومة البحرين لدى التعاطي مع المجتمع البحريني، حيث اجتمعت الحكومة مع مجلس النواب وعقدت المؤتمرات الصحافية من دون تأخير، لإطلاع البحرينيين بأي مستجد، وضمت المؤتمرات كل الجهات الرسمية ذات العلاقة، فكسبت ثقة المواطنين وكانت المصدر الوحيد للمعلومات، فلم تسمح درجة الشفافية هذه بانتشار الإشاعات. ووصف جون آشتون التجربة البحرينية بالنموذجية حيث «كانوا نظاميين، يستبقون الحدث، متابعين المستجدات». ثم أبدى إعجابه بسرعة الاستجابة لأي ملاحظة يبديها للفريق البحريني تشكل ثغرة في العمل النظامي. («إنترناشيونال وورلد» - 13 مارس/ آذار).
كما أشاد بإجراءات إدارة الصحة العامة التي تمثلت في إعداد تعميم ودليل إرشادي إكلينيكي للعاملين الصحيين بخصوص فيروس «كورونا المستجد»، وتمت تقوية نظام الترصد الوبائي للأمراض التنفسية الحادة في المستشفيات في البحرين من خلال إصدار التعاميم وزيارة مسؤولي الصحة العامة للمستشفيات، للوقوف على وجود حالات مشتبه بها بأمراض تنفسية وتسجيل هذه الحالات والتحري عنها قبل وصول الفيروس للبحرين.
ثم أشاد البروفيسور آشتون بالجرأة في تطبيق بروتوكول العلاج الذي استخدمته البحرين، والذي لم توافق عليه الولايات المتحدة وذلك بعد وصول أول حالة للبحرين وكانت في 24 فبراير (شباط)، والدواء استُخدم في 26 فبراير، في حين أن الولايات المتحدة أجازت هذا الدواء في شهر مارس الماضي.
جميع الاستعدادات البحرينية كانت مضاعفة كعدد على جميع التوقعات وأسوئها من حيث المحاجر وغرف العزل وغرف العناية المركزة وأجهزة التنفس.
أما إيطاليا، وهي الدولة الأوروبية التي أصبحت بؤرة الانتشار للوباء في أوروبا، فقد كانت حتى 27 فبراير غير مستعدة لتتعامل مع كورونا كوباء خطير، إذ كانت الوفيات 17 حالة فقط، وحينها أعلنت الحكومة الإيطالية الحجر الصحي على إحدى عشرة بلدة في الشمال، ولكن الذي حدث أن الحكومة لم تتشدد ولم تتعامل بحزم، بل إن زعيم الحزب المعارض نيكولا سنغاريتي قال للإيطاليين: «يجب ألا نغيّر عاداتنا وأسلوب معيشتنا، فاقتصادنا أقوى من الخوف»، وسافر إلى ميلانو وجلس في أحد المطاعم مع مجموعة من الطلاب ونشر صورته حاثّاً الإيطاليين على الخروج. وبعد عشر أيام فقط تغيّر الوضع وتوفي 233 إيطالياً، هنا فقط أفاقت إيطاليا من نومها بعد أن سبقها الوباء، ونشر سنغاريتي اعتذاراً ومعترفاً بأنه مصاب بالفيروس!
دول الخليج، والبحرين منها، استندت إلى قاعدة أن «الوباء كالسيف إن لم تسبقه سبقك»، وعملت على عدم التلكؤ بسبب الخوف من الخطأ، أو عدم التردد بسبب المقارنة بين تكلفة الوقاية العالية وتكلفة العلاج الأغلى، وأخيراً لم تضع الاقتصاد قبل الصحة، وهنا مربط الفرس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سبقْنا الوباء ولم يسبقنا سبقْنا الوباء ولم يسبقنا



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon