وصف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خطر خامنئي كخطر هتلر العصر، الذي لم يدركه الأوروبيون إلا بعد فوات الأوان.. صورة تقريبية يفهمها الأوروبيون جيداً خاصة الفرنسيين.
نعم، نحن بحاجة لتعرية إيران أمام الرأي العام الأوروبي وتحديداً ألمانيا وفرنسا، وهناك أداة لم نحسن توظيفها بعد في مخاطبتهم وهي عرب شمال أفريقيا، فهم الأكثر قدرة على مخاطبة برلماناتهم ومنظماتهم وإعلامهم باللغة التي يفهمونها، هم الأقرب لهم جغرافياً وتاريخياً والأكثر التصاقاً بثقافاتهم.
في مواقع نائية عن المركز العربي في الجزيرة العربية، وفي أطرافه الشمالية، كالجزائر، دخلت إيران وتمركزت وخلقت مشكلة لم يعرفها الشمال الأفريقي كله طوال التاريخ الأفريقي الإسلامي، أي منذ دخول الإسلام لهذه المجتمعات.
فهم لم يشهدوا صراعاً طائفياً سنياً شيعياً، إنما إيران هي من أقحمت تلك الصراعات عليهم، وتسعى الآن لانتزاع الشمال الأفريقي من عمقه العربي قدر استطاعتها.
ولي العهد السعودي أطلق هذا التصريح قبل زيارته إلى فرنسا: «إن العدو الأكبر في المنطقة هو النظام الإيراني وليس الطائفة الشيعية»، لافتاً إلى أن الإسلام مختلف تماماً عن كل ما يحاول المتطرفون الترويج له، وهذه حقيقة نعرفها بشكل واضح وصريح أن العالم العربي بأغلبيته السنية لم تكن لديه أي مشكلة مع الأقليات الشيعية قبل ثورة الخميني، تعايش معها بسلام وترك لها حرية ممارسة معتقداتها في جميع الدول العربية، ولم نسمع عن مسألة شيعي سني خاصة في الشمال الأفريقي حتى جاء الخميني. المشكلة ليست طائفية إذن ولكنها أصبحت كذلك بعد دخول إيران.
يقول سيد أحمد غزالي رئيس وزراء الجزائر الأسبق رئيس لجنة التضامن العربي الإسلامي مع المقاومة الإيرانية:
«بصفتي مواطناً جزائرياً لست خادماً لأي تيار سياسي أو حركة سياسية. والقضية التي أؤمن بها وألتزم بها هي قضية الشعوب التي اختطفت رهينة بيد أخطر نظام في العالم. هذه المسيرة التي أسلكها ليست مسيرة نظرية وفكرية؛ بل هي نابعة من قناعتي وتجربتي الشخصية. تجربتي في الجزائر مع إيران؛ سواء في عهد الشاه، أو حتى النظام الجديد المزعوم أنه «إسلامي»، إلى مرحلة قطع علاقاتنا معه.
تعرّفت على الإيرانيين منذ عهد الشاه. كانت علاقاتنا مع إيران الشاه علاقات باردة... تعرفت عليهم في إطار «أوبك».
وبعد الثورة كانت الجزائر ضد الحرب على إيران، وبقيت على الحياد في الحرب العراقية - الإيرانية. كما لعبت الجزائر دور الوسيط الصادق في حل قضية الرهائن الأميركيين بين إيران والولايات المتحدة.
لكن رغم كل ذلك، فإننا علمنا بعدها بأن الإيرانيين يعملون من خلال شبكاتهم داخل الجزائر، ومن خلال ترويج لزواج المتعة بدأوا باستقطاب وتجنيد الشباب الجزائريين. وأكثر من ذلك، قال لي بصلافة علي أكبر ولايتي، وزير خارجية إيران آنذاك: «إنكم سمحتم للسلفيين من السعودية بالعمل لترويج الوهابية في بلدكم، فاسمحوا لنا أيضاً بأن نقوم بالترويج للشيعة!».
بعد ذلك علمنا أنهم كانوا يدعمون الإرهابيين بالمال والتدريب ويؤيدونهم سياسياً... فقطعنا العلاقات. الرئيس بوضياف قرّر قطع العلاقات باقتراح من حكومتي، والتنفيذ جاء بعد اغتيال الرئيس بوضياف.
ثم يضيف: وليس لديّ أدنى شك بأنه يعمل ويعيش عن طريق زعزعة البلدان الأخرى ودفع سائر الدول إلى عدم الاستقرار، ويريد أن يستغل الإسلام والشيعة ليس حباً للشيعة؛ بل من أجل السيطرة على جميع البلدان الإسلامية.
إيران الملالي تدّعي الإسلام، لكنها قتلت أكبر عدد من المسلمين من أي بلد آخر في العصر الحديث. ولا شك في أنه ليس هناك أي حل للبلدان العربية والإسلامية إلا باستئصال هذا الورم السرطاني الذي يعرّف نفسه بنظام ولاية الفقيه.
النظام الحاكم في إيران يرى نفسه وصياً على البلدان العربية والإسلامية، ويعمل من أجل التدخل السافر في هذه البلدان وتصدير الإرهاب والحروب الطائفية إليها بكل ما لديه من قوة وإمكانات. ومع الأسف الشديد سياسة الغرب أيضاً تؤيده في هذا المجال.
والسؤال الذي ينتابني دائماً هو: كيف أن البلدان التي كانت مركز الحضارات كالعراق وسوريا وإيران واليمن؛ البلدان التي أعدها لؤلؤة الحضارة الإنسانية، أصبحت فريسة هذا النظام وممارساته الهدّامة؟ وحين ننظر إلى هذه البلدان نرى في كل واحد منها النظام الإيراني وراء كل المحن والحروب والدمار، كما كان في الجزائر في نهاية الثمانينات والتسعينات.
نعم يجب على نخبنا التساؤل: كيف تحوّلت بلدان مثل إيران والعراق وسوريا واليمن التي تعد أهم مراكز الحضارة الإنسانية، إلى مسرح للقتل والإرهاب والحروب والمآسي التي تقف خلفها إيران الملالي؟». انتهى. مثل هذا الخطاب يعرف كيف يكون مقنعاً ويصل للأذن الأوروبية أفضل من خطابنا، فلا بد من توحيد جهودنا معهم وترتيب لقاءات مع المغاربة الذين يعرفون إيران مثلما نعرفها لإيصال صوتهم لأوروبا.
نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع