توقيت القاهرة المحلي 08:30:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المحور التركي الإيراني في البوسنة

  مصر اليوم -

المحور التركي الإيراني في البوسنة

بقلم: سوسن الشاعر

أعلن سفير جمهورية البوسنة والهرسك في طهران سمير فلاجيتش رغبة بلاده في تطوير العلاقات الاقتصادية والسياحية مع مختلف مناطق الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومنها محافظة قزوين. وفي تصريح أدلى به لمراسل وكالة «إرنا» الخميس الماضي حين زيارته التفقدية لمعرض صناعة البناء في قزوين (شمال غرب)، قال فلاجيتش إن المعرض كان ممتازاً وكان يماثل إلى حدٍ كبيرٍ المعارض التي تقام في البوسنة.
وأضاف أن «طاقات محافظة قزوين في مجال صناعة البناء كانت لافتة بالنسبة لي»، وأعلن السفير البوسني استعداد بلاده لإقامة العلاقات وتطويرها مع محافظة قزوين في المجالات الاقتصادية والثقافية والسياحية، ودعا إلى توظيف الاستثمارات المشتركة وتابع: «إننا على استعداد للتعاون الشامل مع هذه المحافظة»، وذلك حسب وكالة «إرنا» الإيرانية.
إيران تعمل ببعد استراتيجي على استقطاب نقطة ارتكاز قريبة من أوروبا، والبوسنة ذات الغالبية المسلمة واحدة من الدول التي انتبهت إيران لأهميتها الاستراتيجية، فاختارت إيران موقعاً لمركزها الثقافي في البوسنة في أهم موقع على الشارع الرئيسي في العاصمة سراييفو عند نصب «شعلة الشهداء» عند مدخل أهم شارع تجاري، أي أن جميع من يدخل السوق لا بد أن يمر عليه.. اختيار ذكي للإعلان عن نفسك.
محل صغير يبدو وكأنه معرض لبيع اللوحات والقطع الفنية وليس مركزاً تابعاً لحكومة أجنبية، محاولة ذكية لتجنب النفور التقليدي من أي موقع رسمي.
المكتب مضاء أربعاً وعشرين ساعة، ترى ما هو معروض في داخله في أي وقت تمر بجانبه، يبدو وكأنه معرض فني، والأهم اختيار نوعية الأعمال المعروضة، فاللوحات الفنية كلها تعود للفن الإسلامي في خطوطها ومنحوتاتها. توقعت أن أرى السجاد الإيراني مثلاً هو الأبرز، ولكن، ويا للغرابة، كانت هناك قطعة صغيرة لا تلفت الأنظار، الأهم كان التركيز على الجانب الديني للجمهورية الإسلامية في عاصمة تزيد نسبة مسلميها على 55 في المائة، وهم ما سعى الإيرانيون للتواصل معهم.
حين ترى المعروضات الإيرانية لا تملك إلا أن تقول: ما هذا الجمال وما هذا الذوق الرفيع؟ فما هذه الدولة المحبة للإسلام والمحبة للجمال والمحبة للفنون؟... باختصار هذا يعد ذكاءً لنيل الاستحسان، للفت الانتباه، ذكاء في مخاطبة هذا الشعب البلقاني المهمل عربياً! والمستقطب تركياً منذ زمن بعيد بحكم علاقة الجوار وعلاقة الاحتلال الذي دام أكثر من 500 عام.
إيران تسعى لبناء علاقة استراتيجية وتضع لها نقطة ارتكاز أوروبية إسلامية عن طريق الاهتمام بمخاطبة البوسنيين؛ فلم تكتفِ بوجود مبنى سفارة كبير يقع على النهر الرئيسي في منتصف العاصمة، بل إضافت له مركزاً ثقافياً لا يمر يوم دون أن ترى فيه نشاطاً محموماً لفعالية إيرانية بوسنية مشتركة، أضف إلى ذلك أن هناك أكثر من توأمة لمدن إيرانية بوسنية مثل توأمة مدينة غورازده البوسنية مع مدنية مراغة الإيرانية عام 2002. والآن يجري العمل على جذب الاستثمارات الإيرانية للبوسنة، كل هذا ونحن كعرب كمسلمين كخليجيين غائبون عن المشهد.
البوسنة إحدى الدول التي يحاول المحور الإيراني القطري التركي استقطابه، فمكتب قناة «الجزيرة» الرئيسي والموجه للشعوب البلقانية موجود على أكبر مبنى في العاصمة البوسنية، والتواصل المباشر مستمر بين تركيا والبوسنة بحجة العلاقات التاريخية القديمة، ولتركيا مكانة لدى البوسنيين تستثمرها في دعم البنية التحتية البوسنية.
المحور التركي الإيراني القطري يعمل جاهداً للتواصل مع هذه الشعوب، يخاطبها محاولاً جذبها، يستثمر تجارياً من أجل أن يحصد سياسياً، عمل لا نجيده إلى الآن بشكل عام، والأهم أننا نغفل عن أهمية نقطة الارتكاز البلقانية كالبوسنة، حيث الغالبية المسلمة المتعطشة للعودة للدين بمدنهم العامرة بالمساجد وشبابها الذي تتجاذبه صراعات الشرق والغرب تشدهم الثقافات الأوروبية من جانب، وإيران وتركيا سياسياً من جانب آخر.
ومثلما فعلت إيران في أفريقيا، حيث دخلت هناك لمخاطبة الشعوب وتواصلت معهم، كذلك فعلت مع الجمهوريات الشرقية للاتحاد السوفياتي القديم، لأنها تملك ما لا نملكه - مع الأسف - وهو العمل ذو البعد الاستراتيجي.
أن تحصل على مواقع لك تخدم مصالحك السياسية عليك أن تضع استراتيجية لمد نفوذك بشكل غير مباشر وتصبر على وقت الحصاد، تفتح خطوط التواصل وتقوّي شبكة الاتصال والمواصلات معهم تمد خيوطك الفنية والثقافية والتجارية.. هذه الشبكة ستخدم مصالحك السياسية حين تحتاجها، وليس العكس كما نفعل نحن. يؤسفنا أن نقول إن إيران أشطر منا في الحصول على المكاسب السياسية لأنها «تلعبها صح»، وتضع الحصان قبل العربة، وتقدم السبت لتلقى الأحد.
في هذه الدولة فرص استثمارية واعدة، ونسبة المسلمين فيها هي الغالبة ولديها موارد طبيعية، ونسبة الشباب هي الأكبر، ومتعطشة لكل ما هو عربي وإسلامي، ولكنها غائبة عن رادارنا التجاري والاستثماري وحتى السياسي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المحور التركي الإيراني في البوسنة المحور التركي الإيراني في البوسنة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon