توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«قبل الوصول إليه»

  مصر اليوم -

«قبل الوصول إليه»

بقلم - سوسن الشاعر

إلى كل من احتج أو تذمر من اتخاذ الإجراءات الأمنية ضد أي عمل يحدِث بلبلة أو إزعاجاً لحجاج بيت الله الحرام تحت حجّة الخصوصية المذهبية.

المملكة العربية السعودية تحمل أمانة عظيمة إلى جانب خدمة حجاج بيت الله الحرام، إنها تحمل أمانة حمايتهم وتأمين سلامتهم البدينة وحتى النفسية؛ لذا فإن ما تعلّمته المملكة من تجارب سابقة قديمة في خدمة حجاج بيت الله الحرام أن من أهم عناصر وعوامل تأمين السلامة هي تدخلهم كقوات أمنية في مواقع الخطر قبل وصول الخطر ذاته.

كانت تلك هي الرسالة الواضحة التي أعلنها قائد قوات الطوارئ الخاصة برئاسة أمن الدولة اللواء ركن محمد العمري: «بخصوص السؤال فيما لو حصل تسييس أثناء فترة الحج: نتعامل مع الحجاج كضيوف الرحمن على مستوى واحد. لا فرق بين مواطن ومقيم ووافدين من الخارج، هؤلاء هم ضيوف الرحمن ونحن نحملهم على كفوف الراحة».

وأردف بالقول: «ولكن متى ما تيقن أو توافرت معلومات عمن يريد الإخلال بالحج، ثق تماماً أن القطاعات في رئاسة أمن الدولة له بالمرصاد». وتابع: «أمن الحج خط أحمر لن نرضى الوصول إليه، بل قبل الوصول إليه»، في إشارة إلى منع أي شخص من «تسييس» مناسك الحج.

تلك الرسالة تُكرَّر دائماً أمام جميع بعثات الحج بكل اللغات، إن أي محاولة للتحرك في أي إطار معاكس وحتى مزعج لبقية الحجاج فإن المملكة لن تسمح به.

فما زال التاريخ يشهد على ذلك الحادث الكبير الذي قادته إيران عام 1986، عندما قامت تجمعات من الحجاج الإيرانيين عصر يوم الجمعة وقبل الحج بيومين بتشكيل مسيرة صاخبة أشاعت الفوضى والاضطراب بين حجاج بيت الله الحرام، وأوصدت المسيرة منافذ الطرقات وعرقلت مسالك المرور.

حينها مارست قوات الأمن السعودية أقصى درجات «ضبط النفس» ومنعت المواطنين وبقية الحجاج من الاصطدام بالإيرانيين المتظاهرين؛ حرصاً على سلامتهم ودرءاً للشرور، فما كان من الإيرانيين إلا أن هاجموا رجال الأمن بالعصي والمدى والحجارة واعتدوا عليهم، وعندها صدرت الأوامر لسلطات الأمن المختصة بالتصدي للمسيرة فوراً وفضّها وإعادة الأمور إلى مجراها الطبيعي.

على أثر ذلك، وقعت حالة من الارتباك في صفوف المتظاهرين الذين تراجعوا في اندفاع فوضوي إلى الخلف، حيث تساقط العشرات من النساء اللواتي كنّ وسط المسيرة تحت أقدام المتظاهرين، كما تساقط العشرات من الرجال الطاعنين في السن الذين زُجّ بهم قسراً في تلك المظاهرة، وما هي إلا لحظات حتى اختلط رجال الأمن والمواطنون بالمتظاهرين الذين أخذوا في حرق السيارات والدراجات وتحطيم عربات الأمن والمواطنين، ومحاولة تحطيم بعض البنايات وإشعال النار فيها لولا تدخل رجال الدفاع المدني الذين حالوا دون ذلك... (الشرق الأوسط)

اليوم لن تنتظر المملكة العربية السعودية أن تتصاعد حدّة أي مسيرة لأي بعثة إلى أن تصل إلى تلك المرحلة التي ينقاد فيها نساء وكبار السن إلى موقف لا يد لهم فيه سوى أن رؤساء بعثاتهم أو مرشديهم يقودونهم لإحداث فوضى حتى تتساقط الضحايا من جراء تدافع الجموع.

هناك مليون و800 ألف حاج متواجدون في البقعة ذاتها من الأرض للحجاج، وحق على المملكة أن توفر لهم الأجواء لأن يسيروا بأمان وراحة وهدوء وأجواء روحانية؛ ولذلك السبب لن تسمح بأن تخرج أي مسيرة عن تلك الأجواء تحت أي حُجّة أو ذريعة بالخصوصية المذهبية، فتلك التجربة المريرة السابقة التي مارست فيها المملكة ضبط النفس من باب المسؤولية سقط فيها ضحايا لا ذنب لهم؛ لذا فإن سياسة المملكة الواضحة بأن قواتها الأمنية ستتحرك هذه المرة قبل الوصول إلى مرحلة تضطر فيها إلى ضبط النفس من جديد.

هذه الرسالة وضّحت جداً للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، الذي وجّه نداءً لمقلديه في يوم عرفة قال فيه: «الوحدة والروحانية هما الركيزتان الأساسيتان لخطاب الحج»، مؤكداً قدرة الحج على أن «يدحض جميع مشاريع الاستكبار والصهيونية الرامية إلى السقوط الأخلاقي للبشرية».

وشدد على ضرورة أن «يحدد رواد السياسة والثقافة في البلدان الإسلامية المكانة الجديرة بالأمة الإسلامية من خلال وحدتهم»، حسب وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا)، وتلك لهجة جديدة أكدت على عدم الانفراد أو الاختلاف أو تعكير أجواء الحج.

لذا؛ فإن للمملكة العربية السعودية الحق كاملاً في اتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة من أجل أن تكون على أهبة الاستعداد للتحرك قبل أن نصل إلى مرحلة التدخل الأمني.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«قبل الوصول إليه» «قبل الوصول إليه»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon