بقلم - سوسن الشاعر
أنور قرقاش قال في إحدى تغريداته على «تويتر»: «إن تضامن (حماس) ووقوفها إلى جانب الحكومة الإيرانية لا يراعي القلق الخليجي والعربي تجاه تدخلات طهران الإقليمية».
ولنا أن نسأل: ماذا عن موقف «الإخوان المسلمين» من السعوديين والبحرينيين والإماراتيين والكويتيين بل وحتى القطريين والعُمانيين من العقوبات الأميركية على إيران؟ هل قلقهم خليجي؟
فإذا كان موقف «حماس» سيُدخل القضية الفلسطينية «في متاهات هي في غنى عنها، كما يؤكد الرأي القائل إن الحركة في توجهاتها ما هي إلا مشروع أداة إيرانية إقليمية» كما قال أنور قرقاش، فماذا عن موقف السعوديين والبحرينيين والكويتيين والقطريين والعمانيين (الإخوان) من موقف «حماس»؟ خصوصاً أن بعضهم يتصرف كأنهم حماسيون أكثر من «حماس»، فهل هم أيضاً أداة إيرانية حالهم كحال قادة «حماس»؟
ألم يدرك الإخوان المسلمون الخليجيون بعد أنهم ليسوا سوى أداة في يد «الإخوان» الفلسطينيين، أو أداة في يد «الإخوان» المصريين؟ ألم يستوعبوا بعد أنهم يستغلّونهم لمآربهم الخاصة والشخصية جداً جداً، وأنه لا علاقة للدين أو العقيدة أو الأمة بدعم «حماس» للمرشد الإيراني علي خامنئي؟
فالإخوان الخليجيون أقرب إلى إيران جغرافياً، ويعرفون جيداً الاختلافات والتباينات العقائدية بين «عقيدة الخميني» والمذاهب الأخرى، بما فيها التباين بينها وبين العقيدة الاثني عشرية عند المرجعيات الفقهية الشيعية الأخرى التي تخالف الخميني، فشتّان بين تلك العقائد، ولا يجمعهما («حماس» وإيران) قاسم عقائدي مشترك يسمح لهما بأن يدّعيا أنهما يمثّلان معاً معتقدات «أمة» واحدة!
أعضاء السلطة في «حماس» يؤيدون موقف إيران لأنها تدفع لهم رواتبهم، وكل خليجي يدرك ذلك، فهل غابت هذه الحقيقة عن «الإخوان الخليجيين»؟
هل غاب عنهم تماماً أن السعودية والإمارات والبحرين في حالة مواجهة مباشرة مع إيران، وصواريخها تطلَق على أرضنا، وميليشياتها تقاتل جنودنا ورجال أمننا، وأن أي دولة أو سلطة تصطفّ مع إيران في هذه المرحلة بأي شكل من الأشكال تعد بالنسبة إلينا كتيبة إيرانية تقاتل في صف أعدائنا؟
العقوبات الأميركية سُنَّت على نظام دولة تطلق علينا الصواريخ وتسلّح ميليشيات لمحاربتنا، ولم ولن تكون ضد الشعب الإيراني، وأُعلن عن أهدافها منذ البداية، فهي تسعى إلى إرجاع إيران إلى حدودها السياسية والكفّ عن التوغل في أراضي الدول العربية. وفي اللحظة التي يتوقف فيها النظام الإيراني عن التدخل في شؤون كل من سوريا واليمن والعراق ولبنان، وتكفّ إيران يدها عن دعم الميليشيات الإرهابية التي تقاتل رجال أمننا في أرضنا، وتلتفت لشعبها، ستتوقف هذه العقوبات. وذلك هدف مشروع وعادل، لأنه في صالح أمن المنطقة واستقرارها، بل في صالح أمن الشعب الإيراني واستقراره كذلك.
و«حماس» و«الجهاد» تدركان هذا جيداً، وتعرفان معنى الاصطفاف مع إيران في هذه المرحلة، ومع ذلك أحرقتا آخر مراكبهما على شاطئ دولنا الخليجية باصطفافهما مع إيران، إذ قالت «حماس» في بيانها إنها «تدين بشدة إعادة فرض عقوبات أميركية على إيران، تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة».
واعتبرت الحركة أن عقوبات واشنطن «إضعاف لعوامل ومقومات الصمود في مواجهة المشاريع والمخططات الأميركية التي تخدم وتعزز استقرار» مشروع إسرائيل.
وإذا ادعت «الجهاد» بأن «العقوبات الأميركية على إيران إرهاب وبلطجة»، فماذا عن بلطجة إيران في دولنا؟ ماذا عن أمن دولنا الداعمة للقضية الفلسطينية منذ سبعين عاماً؟
ألا يرى الإخواني الخليجي أن كلاً يبحث عن مصلحته الخاصة إلا «الإخوان الخليجيين»؟ حتى تركيا كانت واضحة جداً؛ إذ أفصحت عن سبب رفضها للعقوبات بأنها تشتري (من إيران) 10 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي، و«لا يمكننا أن ندع شعبنا يتجمّد في الشتاء» حسب قول الرئيس التركي. فبعد أن بيّن للشعب التركي سبب رفضه العقوبات التفت إلى الإخوان العرب وقال: «هذه الخطوات تستهدف الإخلال بالتوازن في العالم. إنها مخالفة للقانون والدبلوماسية. لا أريد أن أعيش في عالم إمبريالي. ولن نلتزم هذه العقوبات»!
لا «حماس» ولا تركيا تعبأ بكم ولا بأمنكم ولا بسلامتكم، ووقوف التنظيم مع إيران أكبر دليل على أنكم لا تعنون لهم شيئاً. فهل ما زال هناك خليجي يصدّق أياً من زعامات التنظيم وقياداته؟ ألم تفهموها بعد أنكم لستم سوى مطايا لأهداف الفلسطيني منهم والمصري والتركي؟
هذا هو المحكّ الذي سقط فيه التنظيم، وتَبين أنه تنظيم لا يخدم «الأمة» بل كل عضو منهم يخدم أمه وأباه وأخاه فقط!
نقلا عن الشرق الاوسط