توقيت القاهرة المحلي 15:23:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عملة أفريقية موحدة؟!

  مصر اليوم -

عملة أفريقية موحدة

بقلم-أحمد جلال

جاء الخبر التالى فى المصرى اليوم بتاريخ 11 أغسطس الجارى: «قال طارق عامر، محافظ البنك المركزى، إن إنشاء بنك مركزى أفريقى موحد وعملة أفريقية موحدة سيكون بحلول عام 2043، نظرا لأنه يتطلب توافقا وإرادة سياسية من قادة الدول الأفريقية، فضلا عن ضرورة تحقيق العديد من المؤشرات على الصعيد الاقتصادى والمالى.. والبنية التشريعية والقانونية وغيرها». انتهى الخبر، لكن ظل صداه يطن فى أذنى بلا انقطاع، ويلح على ذهنى بإباء وشمم، رغم محاولات جادة من جانبى لإقصائه.

فى البداية، قلت إن هذا خبر فيه من الإيجابية ما يتناسب مع احتفالية حضور محافظى البنوك الأفريقية لشرم الشيخ، لكن سرعان ما تبخر هذا الخاطر فى ضوء ما قاله السيد المحافظ خلال المؤتمر الصحفى الختامى، وهو أن «الجمعية بدأت بالفعل فى الخطوات نحو تحقيق هذا الهدف الكبير، وبدأنا نضع القواعد والإجراءات حتى نصل إلى الغاية الأكبر بإنشاء بنك مركزى أفريقى وعملة أفريقية موحدة».

نحن إذن أمام خبر جاد يستحق التمحيص والمناقشة، على الأقل فى ضوء ما نعرفه من تجربة الاتحاد الأوروبى التى نجحت فى تحقيق هذا الهدف، وتجربة دول الخليج العربى التى سعت إليه ولم تحققه بعد. والحقيقة أن التساؤلات الملحة كثيرة، أذكر منها ثلاثة:

أولا، ما هو الدافع القوى لاستهداف توحيد العملة أفريقياً؟، هل دخلنا حروبا عالمية، كما حدث فى أوروبا، وحان الوقت لاستهداف أقصى درجات ارتباط المصالح الاقتصادية لتجنب ويلاتها؟، أم هل نشعر بالفراغ الأمنى الذى تركه خروج إنجلترا من الخليج العربى إلى الحد الذى دعا أمير الكويت، جابر الصباح، إلى اقتراح فكرة الاتحاد الخليجى، على اعتبار أن التكتل فيه قوة؟، لم يحدث هذا ولا ذاك أفريقياً، وإذا كان هناك دافع آخر بنفس القوة لرفع سقف الطموحات إلى حد استهداف عملة موحدة، فما هو؟.

ثانياً، لو افترضنا توفر هذا الدافع، هل من المتوقع، حتى بعد 25 عاما، أن يكون بين جموع الدول الأفريقية قواسم مشتركة تجعل الحديث عن كتلة اقتصادية ذات عملة موحدة مسألة منطقية؟ فى أوروبا، تتطلب عضوية الاتحاد الأوروبى كثيراً من الشروط، جزء منها خاص بالجوانب الاقتصادية والمؤسسية، وآخر مرتبط بالالتزام بنظام سياسى ديمقراطى منفتح. فى دول الخليج، تتسم أنظمة الحكم فى الدول الست المؤسسة له بأنها ملكية، ويعتمد اقتصادها بدرجة كبيرة على وفرة الموارد الطبيعية. هل من المتوقع أن يحدث مثل هذا الاتساق بين الدول الأفريقية فى نظمها السياسية وأوضاعها الاقتصادية، حتى بعد 25 عاما؟.

ثالثا، هل دول القارة الأفريقية مستعدة للتفاوض مؤسسياً لإبرام سلسلة متدرجة من الاتفاقات التى تؤدى فى النهاية إلى تبنى عملة واحدة، بدءا بحرية حركة السلع والخدمات، مرورا بحرية حركة عوامل الإنتاج من عمالة ورأسمال، وصولا إلى تسليم السياسة النقدية لبنك مركزى واحد فى أحد العواصم الأفريقية؟ تجربة الاتحاد الأوروبى نجحت على أكتاف عدد من المؤسسات التى وصل عددها الآن 7، أهمها المفوضية الأوروبية، كما أن التقدم الذى تم إحرازه خليجيا كان بسبب مجلس الوحدة، الذى يضم ملوك الدول الست، ومجلس وزارى، وأمانة عامة. فى الإعلان عن المبادرة الأفريقية، لم يتم الإعلان عن إنشاء مثل هذه المؤسسات.

سوف أكتفى بهذا القدر من سيل التساؤلات. ما أود الختام به هو أن مشروعا عملاقا بهذا الحجم كان من الواجب طرحه للنقاش العام قبل الإعلان عنه. وإذا كان الأمر ليس إلا احتفاء بالضيوف الأفارقة، فهذا يشكك فى مصداقية ما يتم الإعلان عنه فيما بعد. نعم للتعاون مع القارة الأفريقية، لكن السؤال الأهم هو: كيف؟.

نقلا عن المصري اليوم 
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عملة أفريقية موحدة عملة أفريقية موحدة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي مستلهم من الصيام لتحسين صحة الكلى
  مصر اليوم - نظام غذائي مستلهم من الصيام لتحسين صحة الكلى

GMT 12:45 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ميس حمدان تتحدث عن تطور السينما السعودية
  مصر اليوم - ميس حمدان تتحدث عن تطور السينما السعودية

GMT 06:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان
  مصر اليوم - غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان

GMT 12:57 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

لكى تعرفَ الزهورَ كُن زهرةً

GMT 10:39 2021 الأحد ,09 أيار / مايو

إطلالات شرقية لرمضان من وحي فاطمة المؤمن

GMT 17:26 2021 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

بايرن ميونخ يصف محمد صلاح بأنه "ميسي أفريقيا"

GMT 12:11 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ميلان يعلن إعارة كولومبو لـ كريمونيزي الأمريكى كولومبو

GMT 03:17 2020 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فيديو تفاعلي يتكيف مع حركة الجسم أثناء التمارين

GMT 16:43 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أخطاء تفعلها عند ارتداء الكمامات

GMT 03:12 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

المعهد الأميركي يكشف السيناريو المرعب لـ"كورونا"

GMT 07:29 2020 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

صلاح مع قطة تحصد نصف مليون إعجاب في ساعات

GMT 06:31 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الثلاثاء 13 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 05:06 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح ديكور هادفة إلى تنسيق حدائق منزلية

GMT 08:41 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وصلة رقص لـ ساويرس على أنغام رايحين نسهر لـ محمد رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon