توقيت القاهرة المحلي 19:14:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا ننجح أفراداً وليس جماعة؟

  مصر اليوم -

لماذا ننجح أفراداً وليس جماعة

بقلم-أحمد جلال

إذا سألك سائل عن مصريين نبغوا عالمياً فى الفنون، والعلوم، والطب، والرياضة، فسوف تتوارد على ذهنك فى التو واللحظة أسماء ساطعة سطوع الشمس مثل نجيب محفوظ، وأحمد زويل، ومجدى يعقوب، ومحمد غنيم، ومحمد صلاح، مع حفظ الألقاب. ولو ألح السائل فى السؤال عن أسماء أخرى، فلن تجد صعوبة فى الإجابة، حيث إن نجاحات المصريين كأفراد كثيرة، فى داخل مصر وخارجها، فى ريفها وحضرها، وفى شمالها وجنوبها. السؤال الأكثر صعوبة هو: لماذا يبدو الأمر كما لو أن المصريين ينجحون كأفراد، وليس كجماعة؟.

وحتى لا يكون فى الأمر نوع من التجنِّى، يبدو لى أن هذه المفارقة أكثر وضوحاً فى مجال الرياضة، حيث يتبوأ المصريون هذه الأيام صدارة العالم فى لعبة فردية مثل الاسكواش، لكننا لا نحتل مكانة رفيعة فى اللعبات الجماعية، مثل كرة القدم، أو الكرة الطائرة، أو كرة السلة.

بالطبع لم يكن الأمر كذلك دائماً، فقد سبقت الحضارة الفرعونية غيرها من الحضارات فى الزراعة، والملاحة، والطب، والهندسة، والعمارة، والفنون. فيما تلى ذلك من أزمان، لم تتمكن مصر من احتلال مركز الصدارة عالمياً فى الاختراعات العلمية، أو القدرة التنافسية، أو أنظمة الحكم الرشيد. وكانت النتيجة ما نحن عليه الآن من تواضع فى رغد العيش، وتفاوت فى الفرص، وضعف فى المشاركة السياسية. ربما لهذا السبب لم تكن مصادفة أن تكون شعارات ثورة 25 يناير 2011: «عيش، حرية، كرامة إنسانية».

لماذا انتهى بنا الحال إلى ما نحن عليه؟. إضافة إلى المؤامرات الخارجية التى حِيكت ضدنا، ظنى أن المفارقة بين نبوغ المصريين كأفراد وتواضع أداء المجتمع ككل ترجع إلى ثلاثة أسباب: الأول له علاقة بالقواعد التى يعمل المصريون فى إطارها، الثانى له علاقة بمَن يضعون هذه القواعد، والثالث له علاقة بتوافر رغبة المجتمع الصادقة فى التفوق، والقدرة على تفعيل هذه الرغبة.

■ فيما يتعلق بالقواعد التى تؤثر فى سلوك المصريين، تحفيزاً أو تثبيطاً، فقد اتسمت هذه القواعد بشكل عام، ولفترات طويلة، بغياب المنافسة، وتفشى الاحتكار، وطغيان المحاباة لصالح جماعات بعينها. فى نفس الوقت غابت السياسات والمبادرات الداعمة للتفكير النقدى، والبحث العلمى، والإبداع، وبذل الجهد. النتيجة كانت إحجام المصريين عن المشاركة فى سباق غير عادل، وانتشار الاتِّكالية، والاعتماد على شبكات العلاقات الاجتماعية فى الترقى.

■ أما بخصوص مَن يصنعون هذه القواعد، فقد كان نصيبنا على مر العصور من نظم التوريث، والغزاة، وطبقة النبلاء، القديم منها والجديد، أكثر من غيرنا من الدول. وفى العقود الأخيرة، يبدو أن الحكام قد عقدوا صفقة مع المواطنين يتم بمقتضاها منحهم قدراً من العطايا الاقتصادية مقابل التخلِّى عن الحريات والممارسات السياسية. هذه الصفقة أفرزت سياسات وقواعد غير مُحابِية للتقدم، وفى نفس الوقت بزوغ طبقة مستفيدة من استمرار الأوضاع على ما هى عليه، وترسيخ أركانها لخدمة مصالحهم.

■ السبب الثالث والأخير أن المجتمع لم تتوفر لديه الرغبة الصادقة فى التفوق عالمياً، والقدرة على تفعيل هذه الرغبة. أحد الأسباب أن مصر كانت مُعرَّضة على مر العصور للتهديد الخارجى، مما أدى إلى تواضع الطموحات إلى مجرد الحفاظ على سلامة ووحدة البلاد. السبب الآخر له علاقة بانشغال الأغلبية بقوت يومها نتيجة سوء أحوالها المعيشية، وانشغال النخبة بالحفاظ على مصالحها الضيقة. بالطبع كانت هناك محاولات نهضوية، مثل تجربة محمد على فى القرن التاسع عشر، لكنها كانت محاولات غير مكتملة الأركان، وتم وأدها قبل أن تؤتى ثمارها.

ماذا يعنيه كل هذا بشأن المستقبل؟. ليس لدىَّ شك فى قدرة المصريين كأفراد على الإنجاز. ما ينقصنا للنهوض كجماعة هو إعادة صياغة القواعد التى نعمل فى إطارها لتحفيز المواطنين على الجد والاجتهاد. ثانياً: نحتاج نضجاً سياسياً يضمن أن يعمل الحكام دائماً على النهوض بالوطن لصالح كل مواطنيه. وأخيراً: نحتاج إرادة النهوض، وهذا يتطلب كتلة حرجة ممن لديهم الرغبة والقدرة على ذلك. هل بدأنا فى استيفاء هذه الشروط فيما توالى من أحداث منذ يناير 2011؟. سوف أترك الإجابة للقارئ الكريم. ما ليس لدىَّ شك فيه أن مجتمعنا أكثر حيوية مما كان عليه فى فترات سابقة، وأن أمامنا فرصة حقيقية لترجمة نجاح المصريين كأفراد إلى نجاحنا كجماعة.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا ننجح أفراداً وليس جماعة لماذا ننجح أفراداً وليس جماعة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon