توقيت القاهرة المحلي 15:27:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا ننجح أفراداً وليس جماعة؟

  مصر اليوم -

لماذا ننجح أفراداً وليس جماعة

بقلم-أحمد جلال

إذا سألك سائل عن مصريين نبغوا عالمياً فى الفنون، والعلوم، والطب، والرياضة، فسوف تتوارد على ذهنك فى التو واللحظة أسماء ساطعة سطوع الشمس مثل نجيب محفوظ، وأحمد زويل، ومجدى يعقوب، ومحمد غنيم، ومحمد صلاح، مع حفظ الألقاب. ولو ألح السائل فى السؤال عن أسماء أخرى، فلن تجد صعوبة فى الإجابة، حيث إن نجاحات المصريين كأفراد كثيرة، فى داخل مصر وخارجها، فى ريفها وحضرها، وفى شمالها وجنوبها. السؤال الأكثر صعوبة هو: لماذا يبدو الأمر كما لو أن المصريين ينجحون كأفراد، وليس كجماعة؟.

وحتى لا يكون فى الأمر نوع من التجنِّى، يبدو لى أن هذه المفارقة أكثر وضوحاً فى مجال الرياضة، حيث يتبوأ المصريون هذه الأيام صدارة العالم فى لعبة فردية مثل الاسكواش، لكننا لا نحتل مكانة رفيعة فى اللعبات الجماعية، مثل كرة القدم، أو الكرة الطائرة، أو كرة السلة.

بالطبع لم يكن الأمر كذلك دائماً، فقد سبقت الحضارة الفرعونية غيرها من الحضارات فى الزراعة، والملاحة، والطب، والهندسة، والعمارة، والفنون. فيما تلى ذلك من أزمان، لم تتمكن مصر من احتلال مركز الصدارة عالمياً فى الاختراعات العلمية، أو القدرة التنافسية، أو أنظمة الحكم الرشيد. وكانت النتيجة ما نحن عليه الآن من تواضع فى رغد العيش، وتفاوت فى الفرص، وضعف فى المشاركة السياسية. ربما لهذا السبب لم تكن مصادفة أن تكون شعارات ثورة 25 يناير 2011: «عيش، حرية، كرامة إنسانية».

لماذا انتهى بنا الحال إلى ما نحن عليه؟. إضافة إلى المؤامرات الخارجية التى حِيكت ضدنا، ظنى أن المفارقة بين نبوغ المصريين كأفراد وتواضع أداء المجتمع ككل ترجع إلى ثلاثة أسباب: الأول له علاقة بالقواعد التى يعمل المصريون فى إطارها، الثانى له علاقة بمَن يضعون هذه القواعد، والثالث له علاقة بتوافر رغبة المجتمع الصادقة فى التفوق، والقدرة على تفعيل هذه الرغبة.

■ فيما يتعلق بالقواعد التى تؤثر فى سلوك المصريين، تحفيزاً أو تثبيطاً، فقد اتسمت هذه القواعد بشكل عام، ولفترات طويلة، بغياب المنافسة، وتفشى الاحتكار، وطغيان المحاباة لصالح جماعات بعينها. فى نفس الوقت غابت السياسات والمبادرات الداعمة للتفكير النقدى، والبحث العلمى، والإبداع، وبذل الجهد. النتيجة كانت إحجام المصريين عن المشاركة فى سباق غير عادل، وانتشار الاتِّكالية، والاعتماد على شبكات العلاقات الاجتماعية فى الترقى.

■ أما بخصوص مَن يصنعون هذه القواعد، فقد كان نصيبنا على مر العصور من نظم التوريث، والغزاة، وطبقة النبلاء، القديم منها والجديد، أكثر من غيرنا من الدول. وفى العقود الأخيرة، يبدو أن الحكام قد عقدوا صفقة مع المواطنين يتم بمقتضاها منحهم قدراً من العطايا الاقتصادية مقابل التخلِّى عن الحريات والممارسات السياسية. هذه الصفقة أفرزت سياسات وقواعد غير مُحابِية للتقدم، وفى نفس الوقت بزوغ طبقة مستفيدة من استمرار الأوضاع على ما هى عليه، وترسيخ أركانها لخدمة مصالحهم.

■ السبب الثالث والأخير أن المجتمع لم تتوفر لديه الرغبة الصادقة فى التفوق عالمياً، والقدرة على تفعيل هذه الرغبة. أحد الأسباب أن مصر كانت مُعرَّضة على مر العصور للتهديد الخارجى، مما أدى إلى تواضع الطموحات إلى مجرد الحفاظ على سلامة ووحدة البلاد. السبب الآخر له علاقة بانشغال الأغلبية بقوت يومها نتيجة سوء أحوالها المعيشية، وانشغال النخبة بالحفاظ على مصالحها الضيقة. بالطبع كانت هناك محاولات نهضوية، مثل تجربة محمد على فى القرن التاسع عشر، لكنها كانت محاولات غير مكتملة الأركان، وتم وأدها قبل أن تؤتى ثمارها.

ماذا يعنيه كل هذا بشأن المستقبل؟. ليس لدىَّ شك فى قدرة المصريين كأفراد على الإنجاز. ما ينقصنا للنهوض كجماعة هو إعادة صياغة القواعد التى نعمل فى إطارها لتحفيز المواطنين على الجد والاجتهاد. ثانياً: نحتاج نضجاً سياسياً يضمن أن يعمل الحكام دائماً على النهوض بالوطن لصالح كل مواطنيه. وأخيراً: نحتاج إرادة النهوض، وهذا يتطلب كتلة حرجة ممن لديهم الرغبة والقدرة على ذلك. هل بدأنا فى استيفاء هذه الشروط فيما توالى من أحداث منذ يناير 2011؟. سوف أترك الإجابة للقارئ الكريم. ما ليس لدىَّ شك فيه أن مجتمعنا أكثر حيوية مما كان عليه فى فترات سابقة، وأن أمامنا فرصة حقيقية لترجمة نجاح المصريين كأفراد إلى نجاحنا كجماعة.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا ننجح أفراداً وليس جماعة لماذا ننجح أفراداً وليس جماعة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي مستلهم من الصيام لتحسين صحة الكلى
  مصر اليوم - نظام غذائي مستلهم من الصيام لتحسين صحة الكلى

GMT 12:45 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ميس حمدان تتحدث عن تطور السينما السعودية
  مصر اليوم - ميس حمدان تتحدث عن تطور السينما السعودية

GMT 06:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان
  مصر اليوم - غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان

GMT 12:57 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

لكى تعرفَ الزهورَ كُن زهرةً

GMT 10:39 2021 الأحد ,09 أيار / مايو

إطلالات شرقية لرمضان من وحي فاطمة المؤمن

GMT 17:26 2021 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

بايرن ميونخ يصف محمد صلاح بأنه "ميسي أفريقيا"

GMT 12:11 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ميلان يعلن إعارة كولومبو لـ كريمونيزي الأمريكى كولومبو

GMT 03:17 2020 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فيديو تفاعلي يتكيف مع حركة الجسم أثناء التمارين

GMT 16:43 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أخطاء تفعلها عند ارتداء الكمامات

GMT 03:12 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

المعهد الأميركي يكشف السيناريو المرعب لـ"كورونا"

GMT 07:29 2020 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

صلاح مع قطة تحصد نصف مليون إعجاب في ساعات

GMT 06:31 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الثلاثاء 13 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 05:06 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح ديكور هادفة إلى تنسيق حدائق منزلية

GMT 08:41 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وصلة رقص لـ ساويرس على أنغام رايحين نسهر لـ محمد رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon