توقيت القاهرة المحلي 10:37:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا ننجح أفراداً وليس جماعة؟

  مصر اليوم -

لماذا ننجح أفراداً وليس جماعة

بقلم-أحمد جلال

إذا سألك سائل عن مصريين نبغوا عالمياً فى الفنون، والعلوم، والطب، والرياضة، فسوف تتوارد على ذهنك فى التو واللحظة أسماء ساطعة سطوع الشمس مثل نجيب محفوظ، وأحمد زويل، ومجدى يعقوب، ومحمد غنيم، ومحمد صلاح، مع حفظ الألقاب. ولو ألح السائل فى السؤال عن أسماء أخرى، فلن تجد صعوبة فى الإجابة، حيث إن نجاحات المصريين كأفراد كثيرة، فى داخل مصر وخارجها، فى ريفها وحضرها، وفى شمالها وجنوبها. السؤال الأكثر صعوبة هو: لماذا يبدو الأمر كما لو أن المصريين ينجحون كأفراد، وليس كجماعة؟.

وحتى لا يكون فى الأمر نوع من التجنِّى، يبدو لى أن هذه المفارقة أكثر وضوحاً فى مجال الرياضة، حيث يتبوأ المصريون هذه الأيام صدارة العالم فى لعبة فردية مثل الاسكواش، لكننا لا نحتل مكانة رفيعة فى اللعبات الجماعية، مثل كرة القدم، أو الكرة الطائرة، أو كرة السلة.

بالطبع لم يكن الأمر كذلك دائماً، فقد سبقت الحضارة الفرعونية غيرها من الحضارات فى الزراعة، والملاحة، والطب، والهندسة، والعمارة، والفنون. فيما تلى ذلك من أزمان، لم تتمكن مصر من احتلال مركز الصدارة عالمياً فى الاختراعات العلمية، أو القدرة التنافسية، أو أنظمة الحكم الرشيد. وكانت النتيجة ما نحن عليه الآن من تواضع فى رغد العيش، وتفاوت فى الفرص، وضعف فى المشاركة السياسية. ربما لهذا السبب لم تكن مصادفة أن تكون شعارات ثورة 25 يناير 2011: «عيش، حرية، كرامة إنسانية».

لماذا انتهى بنا الحال إلى ما نحن عليه؟. إضافة إلى المؤامرات الخارجية التى حِيكت ضدنا، ظنى أن المفارقة بين نبوغ المصريين كأفراد وتواضع أداء المجتمع ككل ترجع إلى ثلاثة أسباب: الأول له علاقة بالقواعد التى يعمل المصريون فى إطارها، الثانى له علاقة بمَن يضعون هذه القواعد، والثالث له علاقة بتوافر رغبة المجتمع الصادقة فى التفوق، والقدرة على تفعيل هذه الرغبة.

■ فيما يتعلق بالقواعد التى تؤثر فى سلوك المصريين، تحفيزاً أو تثبيطاً، فقد اتسمت هذه القواعد بشكل عام، ولفترات طويلة، بغياب المنافسة، وتفشى الاحتكار، وطغيان المحاباة لصالح جماعات بعينها. فى نفس الوقت غابت السياسات والمبادرات الداعمة للتفكير النقدى، والبحث العلمى، والإبداع، وبذل الجهد. النتيجة كانت إحجام المصريين عن المشاركة فى سباق غير عادل، وانتشار الاتِّكالية، والاعتماد على شبكات العلاقات الاجتماعية فى الترقى.

■ أما بخصوص مَن يصنعون هذه القواعد، فقد كان نصيبنا على مر العصور من نظم التوريث، والغزاة، وطبقة النبلاء، القديم منها والجديد، أكثر من غيرنا من الدول. وفى العقود الأخيرة، يبدو أن الحكام قد عقدوا صفقة مع المواطنين يتم بمقتضاها منحهم قدراً من العطايا الاقتصادية مقابل التخلِّى عن الحريات والممارسات السياسية. هذه الصفقة أفرزت سياسات وقواعد غير مُحابِية للتقدم، وفى نفس الوقت بزوغ طبقة مستفيدة من استمرار الأوضاع على ما هى عليه، وترسيخ أركانها لخدمة مصالحهم.

■ السبب الثالث والأخير أن المجتمع لم تتوفر لديه الرغبة الصادقة فى التفوق عالمياً، والقدرة على تفعيل هذه الرغبة. أحد الأسباب أن مصر كانت مُعرَّضة على مر العصور للتهديد الخارجى، مما أدى إلى تواضع الطموحات إلى مجرد الحفاظ على سلامة ووحدة البلاد. السبب الآخر له علاقة بانشغال الأغلبية بقوت يومها نتيجة سوء أحوالها المعيشية، وانشغال النخبة بالحفاظ على مصالحها الضيقة. بالطبع كانت هناك محاولات نهضوية، مثل تجربة محمد على فى القرن التاسع عشر، لكنها كانت محاولات غير مكتملة الأركان، وتم وأدها قبل أن تؤتى ثمارها.

ماذا يعنيه كل هذا بشأن المستقبل؟. ليس لدىَّ شك فى قدرة المصريين كأفراد على الإنجاز. ما ينقصنا للنهوض كجماعة هو إعادة صياغة القواعد التى نعمل فى إطارها لتحفيز المواطنين على الجد والاجتهاد. ثانياً: نحتاج نضجاً سياسياً يضمن أن يعمل الحكام دائماً على النهوض بالوطن لصالح كل مواطنيه. وأخيراً: نحتاج إرادة النهوض، وهذا يتطلب كتلة حرجة ممن لديهم الرغبة والقدرة على ذلك. هل بدأنا فى استيفاء هذه الشروط فيما توالى من أحداث منذ يناير 2011؟. سوف أترك الإجابة للقارئ الكريم. ما ليس لدىَّ شك فيه أن مجتمعنا أكثر حيوية مما كان عليه فى فترات سابقة، وأن أمامنا فرصة حقيقية لترجمة نجاح المصريين كأفراد إلى نجاحنا كجماعة.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا ننجح أفراداً وليس جماعة لماذا ننجح أفراداً وليس جماعة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:32 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة "لأ ثواني"
  مصر اليوم - بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة لأ ثواني

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon