توقيت القاهرة المحلي 05:49:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نحن في الطباطب

  مصر اليوم -

نحن في الطباطب

بقلم - داليا شمس

منذ التاسع من يناير ونحن في شهر طوبة "أبو البرد والعنوبة أي الآلام"، "اللي يخلي الصبية كركوبة"، كما يقول المثل الشعبي للدلالة على شدة برودة هذا الشهر حسب التقويم القبطي، الذي يعد امتدادا للتقويم المصري القديم المرتبط بالزراعة. ويقسم الفلاح الشهر إلى ثلاثة أجزاء: طوبة وهي العشرة أيام الأولى التي يشتد فيها البرد، ثم طبطب أي الفترة التي يجعل فيها البرد الإنسان "يطبطب" أو يرتعش، والعشرة أيام الأخيرة حتى السابع من فبراير التي تشهد تقلب الجو من صحو إلى ممطر ويقال لها "طباطب"... أي نحن حاليا في فترة الطباطب، وسندخل بعدها على "زعابيب أمشير" حتى 10 مارس، ليشتد التقلب وخداع الجو وهبوب الرياح، فكل يوم بحال، ودوام الحال من المحال.

***

برد وسياسة وعزلة... في مكان ما ذكرتني ظروف الطقس وما نمر به من أيام بالمدرسة الرومانسية في الأدب وكتاب القرن التاسع عشر حين استخدموا الطبيعة وتغيراتها للتعبير عن مشاعر الإنسان وحكاياته، فكان الشتاء يرمز إلى الموت، والصيف إلى منتصف الحياة، إلى ما غير ذلك. وعلى هذا النحو تتسرب البرودة إلى القلب، وتنعكس على الحالة النفسية، فيخيم الغيام على الرؤوس، وتهطل التهديدات بغزارة كالمطر، ويشعر القمر بالوحدة إلى حد فظيع. القمر الذي شهدنا خسوفه قبل أيام، في 31 يناير الماضي، وتحدث المهتمون عن تأثيراته الفلكية التي لم يتم رصدها إلا قبل أكثر من 150 سنة مضت، ولن يتكرر خسوف البدر مجددا قبل 2028، فالظرف الكوني عموما فريد من نوعه.

وبذكر الخسوفات والكسوفات تذكرت أيضا أجلاونيكيه، أول امرأة فلكية، عاشت في اليونان في القرن الخامس قبل الميلاد، والتي اتهمت بالسحر والشعوذة لأنها قادرة على تحديد موعد الكسوفات، إذ كانت الشكوك تحوم حولها بإنها هي من تقوم بإخفاء القمر، فدائما يوجد المشبوهون المتهمون بالتفكير الذين يختفون في غياهب ضباب الرعب. يحدث مثل هذا عادة، وتهطل التهديدات بغزارة كالمطر، فنحن في شهر طوبة كما قلنا، ومعناها باللغة القديمة التطهير، نسبة إلى إله المطر الأعلى "طوبيا" الذي يغسل كل شيء بمياهه ونواته الثلاث التي تغرق الأرض بما عليها.

***

وخلال هذه الفترات التي تسوء فيها حالة الطقس، يكون الفقراء هم أول المتضررين، كما الأضعف عادة. يكشف البرد هشاشة كل شيء، الأسقف والبنية التحتية والنفوس والتركيبة كلها. يكشف البرد عوار المجتمعات، ويعاني أكثر ما يعاني أصحاب القلوب الضعيفة الذين لا يتحملون قسوة البرد، فقلوبهم تدق أسرع لمجابهة الصقيع، ما يجهدها ويصيبها بالوجع... تزداد الحاجة للأكسيجين وتتقلص الأوردة وتتقلص معها أشياء أخرى كثيرة على الصعيد المعنوي أيضا. ثم يأتي "أمشير أبو الزعابير الكتير اللي يأخذ العجوزة ويطير"، ويترحم الناس على أيام البرودة لأنه يضيف إلى المعاناة من البرودة اشتداد الرياح والأتربة، فتغلق الموانئ وتسوء المزروعات وتشتل الحركة وتزداد الحساسيات. ينعكس الجو على المناخ السياسي والحالة النفسية، وفجأة يأتي أمر بنشر الهدوء مهما كلف الأمر.


نقلا عن الشروق القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحن في الطباطب نحن في الطباطب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon