توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تحريك الأوضاع فى ليبيا رغم الانشغال الدولى

  مصر اليوم -

تحريك الأوضاع فى ليبيا رغم الانشغال الدولى

بقلم - محمد بدر الدين زايد

تستضيف مصر حاليًا اجتماعًا بالغ الأهمية بين وفدى مجلس النواب ومجلس الدولة، بحضور مستشار الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفانى ويليامز، فى محاولة لإنهاء التعثر وتذليل الصعوبات القانونية والدستورية أمام انعقاد الانتخابات، كما أن هذا الاجتماع أيضًا محاولة لكسر الركود والبطء المحيط بالأزمة الليبية، التى عمّقها الانشغال الدولى بأوكرانيا. وأحد مظاهر هذا الركود أننا حتى الآن نقترب من شهر ونصف الشهر منذ أن قرر مجلس النواب الليبى تكليف السيد فتحى باشاغا برئاسة الحكومة، وعزل السيد عبدالحميد الدبيبة، الذى يُتهم بالتقصير فى إدارة المرحلة الانتقالية والعجز عن إقامة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التى كان مقررًا لها ديسمبر الماضى، فضلًا عن تساؤلات إلى حد الاتهامات بشأن جوانب تتعلق بالنزاهة والشفافية الإدارية والمالية. على أن «الدبيبة» وعددًا من قيادات الميليشيا المتطرفة، وطبعًا معهم مفتى ليبيا السابق، الصادق الغريانى، رفضوا هذه الخطوة، والحقيقة أن كون «الغريانى»- المتشدد، وثيق الصلة بالجماعات الأكثر تطرفًا- من أعلى الأصوات هجومًا على «باشاغا» ومجلس النواب وتشبثًا باستمرار «الدبيبة»، هو فى ذاته مؤشر على تبلور طبيعة الاستقطاب الراهن، وخاصة أن «باشاغا» له روابط قوية ومعروفة بتركيا وفصائل الإسلام السياسى، الذى يبدو الآن فى مسار عدم التساهل حتى مع مكوناته الأقل تشددًا.

وفى الواقع أن تكليف «باشاغا» كان فى فترة زمنية قريبة جدًّا من اندلاع الأزمة الأوكرانية، التى خطفت كل الأنظار السياسية والإعلامية، وكان هذا التكليف قد مر بصعوبات وتفاعلات كثيفة ومحاولة عرقلة ليس فقط من معسكر «الدبيبة»، ولكن أيضًا من أطراف دولية وشخصيات أممية، أبدت خلال هذه التفاعلات موقفًا حادًّا معارضًا لاستبدال الحكومة، ثم تحولت مع تصاعد الأزمة الحكومية إلى الغموض وعدم الوضوح، فروابط «باشاغا» مع كل الأطراف، بما فيها تركيا والمعسكر الغربى، جعلت هذا المعسكر يخفف، بل يعطى إشارات متناقضة بصدد عملية الإحلال.

وقد انعكس هذا المشهد الضبابى فى محاولة كل من «الدبيبة» و«باشاغا» نقل الصراع إلى الخارج للحصول على التأييد الدولى، وقد نتج عن هذا أمر يتسق فى الحقيقة مع الانشغال الدولى بسبب أوكرانيا، فى حالة بطء وعدم حسم، وخاصة أن «باشاغا» قد اختار النهج السلمى، وسجل بوضوح رفضه تسلم السلطة بواسطة العنف أو المواجهات العسكرية، بعد أن شهدت الأسابيع القليلة الأولى لتكليفه بالمهمة تحركات عسكرية من جانب الميليشيات المؤيدة لكل طرف، وبالتالى وجد الرعاة الخارجيون لهذا المعسكر أن لديهم رفاهية الانتظار والاتصالات البطيئة، خاصة مع الانشغال العالمى.

ولكن هذا بالطبع لم يمنع من استمرار التقلصات والتفاعلات الداخلية، وأبرزها الأزمة التى أصابت اللجنة العسكرية المشتركة، التى انتقد مكونها من الجيش الليبى تصرفات مالية لحكومة «الدبيبة»، ومن بينها وقف صرف مرتبات الجيش، وأعرب هذا المكون عن أنه سيوقف عمله، كما دعا قائد الجيش إلى إيقاف تصدير النفط، وإغلاق الطريق الساحلى بين الشرق والغرب، وإيقاف أوجه التعاون مع الحكومة ومكوناتها داخل المناطق التى تؤمنها القوات المسلحة، وكذا إيقاف الرحلات الجوية بين شرق البلاد وغربها، ولمحاولة تدارك الأمر، أفرجت حكومة «الدبيبة» عن جزء من مرتبات الجيش المتوقفة، متجاهلة حملة «الغريانى»، المتزعم حملة الدعوة إلى وقف دفع مرتبات الجيش، بالتصعيد.

وارتباطًا بالأزمة الأوكرانية، لم يَغِب عن الساحة الليبية تحولها إلى مصدر آخر للصراع والجدل الداخلى على خلفية التصويت الليبى بدعم قرار طرد روسيا من مجلس حقوق الإنسان، وأنها الدولة العربية الوحيدة التى فعلت هذا، بينما امتنعت باقى الدول العربية عن التصويت- مُفضِّلة اتخاذ موقف محايد- وعارضته سوريا وحدها، فشهدت الساحة الليبية تصاعدًا لاتهام «الدبيبة» ووزيرة خارجيته، نجلاء المنقوش، بالتصويت إرضاءً للغرب وواشنطن لضمان دعمهم لاستمرار حكومته، وشارك فى هذا الجدل ساسة ودبلوماسيون سابقون، من بينهم حسن الصغير، وكيل الخارجية السابق، الذى كرر هذه الاتهامات، وأعرب عن قلقه من انتقام روسى على خلفية تباطؤ روسيا ومعها تركيا فى إخراج المرتزقة الروسية فاجنر والسورية التابعة للثانية، ووصل الأمر بـ«الصغير» إلى تقديم شكوى للنائب العام بأن تصويت المندوب الليبى جاء نتيجة أنه مزدوج الجنسية وحامل لتلك الأمريكية، ما يخالف القانون الليبى. وعلى ذكر الوزيرة «المنقوش»، ربما ما يستحق الملاحظة تراجع حملتها السابقة لإخراج المرتزقة من البلاد، وكأن هذه المهمة قد تمت، فى وقت لم يحدث فيه هذا.

وأضيف إلى مسلسل التعقيدات توقيع عدد من المرشحين الرئاسيين السابقين بيانًا دعوا فيه إلى اعتبار مجلس النواب المنتخب ومجلس الدولة فى إجازة تشريعية لحين عقد انتخابات مجلس النواب الجديد، مع تعيين حكومة مصغرة لتصريف الأمور حتى تحقيق ذلك.

وفى ظل كل هذه الخلفية، تأتى أهمية الاجتماع الذى تستضيفه مصر فى محاولة تذليل الإشكاليات الدستورية التى تعرقل إجراء الانتخابات، فالأمور فى هذا البلد الشقيق وصلت إلى درجة عالية من التشابك والتعقيد، وتحتاج إلى بارقة أمل، ولا يوجد حل سوى انتخابات تُرْسِى أسس شرعية حقيقية، مع ضرورة وضع ضمانات باحترام نتائجها دوليًّا، وفى الداخل الليبى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحريك الأوضاع فى ليبيا رغم الانشغال الدولى تحريك الأوضاع فى ليبيا رغم الانشغال الدولى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon