توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الكويت: بين المشروع وإعادة النظر

  مصر اليوم -

الكويت بين المشروع وإعادة النظر

بقلم - مأمون فندي

لم يكن بمقدور المعارضة مهما علا خطابها في الكويت أن تأتي بنقد لاذع لمجريات الحكم في هذا البلد الخليجي، كما جاء من نقد في كلمة أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح، التي أعلن فيها وقف العمل ببعض مواد الدستور، وتعليق البرلمان لمدة لا تتعدى أربع سنوات «يتم خلالها دراسة جميع جوانب المسيرة الديمقراطية، ورفع نتائج الدراسة والمراجعة لنا»... وفي هذا معنى المراجعة في عموم التجربة الكويتية. وقدّم الأمير لذلك أسباباً مشروعة أولها «أن اضطراب المشهد السياسي في البلاد وصل إلى مرحلة لا يمكنني السكوت عنه»، وضرب مثلاً باستخدام الأدوات الدستورية للابتزاز والتهديد، وتحقيق منافع شخصية لا منافع عامة، بقوله: «الإفراط في استخدام حق الاستجواب... بوصفه أداة راقية للمساءلة والمحاسبة وليس وسيلةً للابتزاز والتهديد أو طريقاً للحصول على مكاسب أو منافع شخصية». وانتقد الخطاب حالة الفساد التي وصلت إلى مؤسسات كانت محصنة، مثل مؤسسات الأمن، ومؤسسات القضاء بقوله: «الجو غير السليم الذي عاشته الكويت في السنوات السابقة، شجع على انتشار الفساد ليصل إلى أغلب مرافق الدولة، بل ووصل إلى المؤسسات الأمنية والاقتصادية مع الأسف، بل ونال حتى من مرفق العدالة الذي هو ملاذ الناس لصون حقوقهم وحرياتهم».

إذن خطاب الأمير ركَّز على مناطق الضعف في النظام السياسي، التي تجب معالجتها دونما تأخير، وأولها ارتباك المشهد السياسي، والفساد الذي وصل للقضاء والأمن، وسياسة الابتزاز التي يمارسها البرلمان، التي وصلت إلى التعدي على صلاحيات الأمير التي يحددها الدستور.

الخطاب في أجزاء كبيرة منه، ومن خلال تمسكه بالديمقراطية والدستور، يصلح أن يكون خطاباً لافتتاح الدورة البرلمانية المقبلة، وفي نصفه الآخر تظهر صرامة الحاكم وتمسكه بصلاحياته التي قد يختلف البرلمان معه فيها. فماذا يعني هذا الخطاب لكويت المستقبل؟

من يعرف الكويت يدرك أنَّ شعبها توافقي لا يجنح إلى التطرف، وأنَّ معادلة الحكم فيه راسخة بين الحاكم والمحكوم، ولكن حالة الفشل العام في طرفي المعادلة تجعل إعادة النظر، وإعادة التقييم ضروريتين.

من السهل أن يلقي البرلمان المسؤولية على بيت الحكم، ولكن المراقب من كثب يدرك أنَّ النخب السياسية والثقافية بما في ذلك الأرستقراطية التجارية تعاني من الترهل ذاته، إذ تآكلت النخب ولم تنتج الكويت الاجتماعية رجالاً من نوعية عبد العزيز الصقر والنصف وآخرين من ناحية، والخطيب والمنيس والنيباري من التوجهات السياسية الأخرى، والقائمة تطول. وليست في ذلك إساءة لأهل الكويت الذين كانوا دائماً قادرين على إنتاج قيادات متميزة، بل هي اعتزاز بذلك البلد وقاماته السياسية والاجتماعية. النقطة الأساسية هنا هي أنَّ الأزمة ليست كما يدعي البعض تخصُّ بيت الحكم واختيار ولي العهد، الأزمة أوسع وأشمل، ولذا جاءت كلمة الأمير التي تطلب إعادة النظر والمراجعة.

ولكن قبل المراجعة، على الكويت أن تقرر، حكماً ونخبة، طبيعة المسار. والسؤال هنا وفي فترة تعليق البرلمان، هل تكون شرعية الإنجاز التي كتبت عنها في هذه الصحيفة في الأعوام السابقة، عندما كتبت عن تفسير حالة الاستقرار والأطهار في الصين، «الشرق الأوسط» 16 يونيو (حزيران) 2019، أم شرعية الديمقراطية التشاركية؟

في ظل تعليق البرلمان، هناك عنوان واحد لفشل أو نجاح السياسات، وهو الديوان الأميري ومجلس الوزراء، إذا ما اتخذت الكويت من بعض دول الجوار نموذجاً فيما يخص شرعية الإنجاز تحت سقف محدد يحس فيها المواطن بانتعاشة اقتصادية وحرية اجتماعية، فلا أعتقد أنَّ الكويتيين يتذمرون من ذلك، بل على العكس، ما لمسته من خلال زيارة قريبة للكويت، فإنَّ الكويتيين كانت لديهم تحفظات كثيرة على أداء كثير من النواب في البرلمان، لدرجة الضيق من ممارساتهم، وقال بعضهم لي صراحةً: «هذا هو آخر برلمان في الكويت، فالناس لم تعد تحتمل نرجسية النواب».

إذا ما اتخذت الحكومة الكويتية الإنجاز بوصفه مصدراً للشرعية، فسيبحر معظم أهل الكويت في سفينة الوطن سعداء، وسوف تكون للحكم كتلة كبيرة مؤيدة للإجراءات الأميرية بشكل غير مسبوق.

ولذلك يجب أن تكون السلطة التنفيذية على قدر المسؤولية باتخاذ إجراءات من شأنها أن تفتح البلد لينافس مع بقية دول الخليج الأخرى التي سبقت الكويت بمراحل في الإنجاز الاجتماعي والاقتصادي. في السبعينات من القرن الماضي، كان الخليج ينظر إلى الكويت بوصفها نموذجاً ومن دون حرج، واليوم يجب على الكويت أن تنظر إلى نماذج ناجحة حولها، وتتبناها مع الاحتفاظ بخصوصية التجربة الكويتية.

التحدي كبير، وحل البرلمان الكويتي ليس بالأمر السهل في أجواء إقليمية مشتعلة، حل البرلمان قد يكون نذير عواصف إذا كنا متشائمين، ولكنَّه قد يكون هذه المرة بشارة لانطلاقة جديدة وانفتاح لبلد جدير بأن يسير في طريق الانفتاح من أجل حياة أفضل للكويت، حكومةً وشعباً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكويت بين المشروع وإعادة النظر الكويت بين المشروع وإعادة النظر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon